هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية
تقريرا، تحدثت فيه عن الأثر الكبير الذي تركه لاعب كرة القدم المسلم، محمد صلاح، في
المجتمع البريطاني، وكيف ساهم في رفع الظلم والضغط عن المسلمين في البلدان
الأوروبية.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته
"عربي21"، إن إيمان اللاعب وممارسته لمعتقداته الدينية، مثل رفع يديه
إلى السماء، ثم السجود وسط الملعب، جعلت منه شخصية ذات أهمية اجتماعية وثقافية
كبيرة. وفي الوقت الذي تحارب فيه بريطانيا ظاهرة "الإسلاموفوبيا"،
و"البيئة المعادية" للمهاجرين العرب التي خلقتها سياسة الحكومة، برز
محمد صلاح لاعبا مسلما من شمال أفريقيا يحظى بقبول الجماهير وإعجابهم.
ونقلت الصحيفة عن مساعد الأمين العام للمجلس الإسلامي البريطاني، مقداد فيرسى، أن محمد
صلاح شخص يجسد قيم الإسلام ويحظى بقبول الجماهير، ناهيك عن أنه أصبح بطل الفريق
واللاعب الذي أجمع عليه نادي ليفربول بطريقة إيجابية. وعلى الرغم من أنه لن يكون
حلا لإنهاء ظاهرة الإسلاموفوبيا، إلا أنه يستطيع أن يلعب دورا رئيسيا في هذا
المضمار.
وذكرت الصحيفة أن محمد صلاح، البالغ من العمر 25
سنة، اعتاد على أن يكون أيقونة لشباب جيله. ففي مصر مثلا، خلال شهر تشرين
الأول/ أكتوبر من العام الماضي، أصبح محمد صلاح رمزا وطنيا عندما تمكن من تسجيل
ركلة جزاء في الدقيقة الأخيرة لصالح المنتخب المصري، ضمنت له مكانا في كأس العالم
هذا الصيف هو الأول منذ سنة 1990.
وأكدت الصحيفة أن الدوري الإنجليزي الممتاز وكرة
القدم الأوروبية عموما، يتمتعان بشعبية كبيرة في مصر. ومنذ وصول محمد صلاح إلى
ليفربول، أصبح الآلاف الآن يجتمعون في مقاهي القاهرة لمشاهدة المباريات التي يشارك
فيها الريدز.
وأفادت الصحيفة بأن محمد صلاح له تأثير كبير على
الشعب المصري. ولعل ذلك ما أكده المحلل الرياضي المصري أحمد عطا، الذي قال إن
"محمد صلاح حقق ما لم يتمكن أي مصري تحقيقه، ولهذا السبب يعد صعوده مهما جدا
لدى الجماهير". لقد أصبح الجميع الآن يتابعون الدوري الإنجليزي، وتتناقل
وسائل الإعلام الاجتماعية صوره.
وأوردت الصحيفة أن شعبية محمد صلاح ليست فقط نتاج
براعته الكروية، وإنما لأعماله الخيرية دور في ذلك أيضا. وفي هذا الصدد، أشار سعيد
الشيشيني، المدرب الذي اكتشف موهبته عندما كان طفلا في قرية نجريج، في دلتا النيل،
إلى أن هذا اللاعب "يتبرع باستمرار لفائدة الجمعيات الخيرية الموجودة في مسقط
رأسه، ويكفي هذا لجعل أي شخص يعجب به".
وأشارت الصحيفة إلى أن محمد صلاح تبرع بجهاز غسيل
الكلى لمستشفى في نجريج، ودفع ثمن قطعة أرض لبناء محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي،
وقام بتجديد مركز رياضي عام ومدرسة ومسجد.
كما قدم صلاح تبرعات مالية لصندوق
استثماري أنشئ لدعم الاقتصاد المصري المتعثر. وفي شهر نيسان/ أبريل،
شارك محمد صلاح في مقطع فيديو يدعم حملة حكومية ضد إدمان المخدرات. ووفقا لوزارة
التضامن الاجتماعي المصرية، تضاعف عدد الأشخاص الباحثين عن العلاج بأربعة أضعاف،
في غضون ثلاثة أيام فقط من إطلاق الفيديو.
وتجدر الإشارة إلى أن محمد صلاح ساهم بشكل ما
في تخفيف الضغط المسلط على المجتمع المسلم، المنحدر في أغلبه من خلفيات سورية
ويمنية وبنغلاديشية، في مقاطعة مرزيسايد، حيث تقع مدينة ليفربول.
وذكرت الصحيفة أن الأغاني التي تمجد اللاعب المصري تردد صداها في ملعب ليفربول الرئيسي "ملعب أنفيلد"، حيث يرفع
المشجعون الأعلام التي تحمل صورته كاملة وهو يلبس غطاء الرأس الفرعوني. بالإضافة
إلى ذلك، يتزاحم المعجبون لملاقاة محمد صلاح أينما حل، طالبين منه التقاط صور
سيلفي في محطات تعبئة الوقود وفي محلات بيع السمك والبطاطس المقلية.
ونقلت الصحيفة عن علي عدن، الذي يبيع بعض الأمتعة
ومجموعة كبيرة من العطور في كشك بالقرب من مسجد الرحمة في ليفربول، أن اللاعب
المصري "جعل كل مسلم فخورا به"، مؤكدا أنهم يشعرون في بعض الأحيان بأنهم
أشبه بمواطنين من الدرجة الثانية.
لقد بلغت شعبية محمد صلاح مستوى جعل المشجعين
يرددون في كلمات إحدى الأغاني التي تمجده، "إذا سجل صلاح عددا آخر من
الأهداف، فسأعتنق الإسلام"، ولكن لم يمر وقع هذه الأغنية مرور الكرام. فعلى
الرغم من تعرضها لبعض الانتقادات، إلا أن أنور الدين، وهو لاعب سابق يعمل الآن في
اتحاد أنصار كرة القدم، يعتقد أنه لا يمكن التشكيك في نواياها الحميدة.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن أنور الدين يرى
أن مثل هذه الأمور قد تكسر الحواجز بين المجتمع المسلم ومحيطه. فرؤية خاطفة لمحمد
صلاح وهو يركع ويتفكر بعد تسجيل هدف ما، يمكن أن تساعد في "تبديد الأفكار
السلبية" الراسخة في أذهان البعض عن مشهد صلاة المسلمين.