نشرت صحيفة "سلايت" الفرنسية، مقال رأي للكاتب توماس مسياس، تحدث فيه عن الجدال الذي لم يحسم بعد حول نشر
صور الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "
عربي21"، إن العائلات تنقسم إلى ثلاث فئات في ما يتعلق بموضوع نشر صور الأطفال. وفي حين ترى الفئة الأولى أنه من الضروري احترام
خصوصية الأطفال، تعتقد الفئة الثانية أنه من المهم نشر بعض القصص التي تتعلق بأطفالهم، وصورا لهم، إلا أنهم يميلون إلى إخفاء وجوههم واستخدام أسماء مستعارة. أما الفئة الثالثة، فتؤمن أنه ليس هناك أي شيء يمنع من نشر الكثير من التفاصيل عن أطفالهم ضمن وسائل التواصل الاجتماعي على غرار إنستغرام.
وذكر الكاتب أنه لم يأب أن يفرض سيطرته على الهوية الرقمية لأطفاله، الذين مازالوا في سن مبكرة فيما يتعلق باستخدام الشبكات الاجتماعية. في الأثناء، عمد إلى نشر صورهم وذكر وأسمائهم بصفة علنية، وذلك بعد خوض نقاش مع زوجته حيال هذه المسألة. وقد قام بإنشاء حساب على تويتر لجميع أطفاله عند ولادتهم. وقد نشر تغريدة في كل مرة يقوم فيها بذلك ليعلن عن انخراطهم في العالم الرقمي.
وأقر الكاتب أنه ربما سيندم على ذلك يوما ما عندما يصل أبناؤه إلى سن المراهقة، حيث من المحتمل أن يلوموه على نشر صور حميمية للغاية وربما مهينة لشخصهم.
وبيّن الكاتب أن إيفا، التي كانت أما لثلاثة أولاد، أكدت أنها ترفض أن تنشر أي صورة لأطفالها على شبكات التواصل الاجتماعي، غير أنها تحب الحديث عن الوقت الذي تقضيه معهم ومغامراتها برفقتهم. وقد اتفقت إيفا مع زوجها على هذه الخطوة قبل ولادة أطفالهم. وأضافت إيفا أنها كانت تواجه مشكلة في إقناع أفراد العائلة، بعدم نشر أي صور لأطفالهم.
وأشار الكاتب إلى أن سيلين وجورجيو، الأبوان لفتاة صغيرة تبلغ من العمر سنتين ونصف يجسدان مثالا مختلفا في هذا الصدد. فعند ولادة هذه الطفلة، قام جورجيو بسرعة بنشر بعض الصور لإعلام أحبائه بولادة ابنته وإظهار فرحته بالحدث السعيد. في المقابل، لم يرق لسيلين هذا التصرف وطلبت منه حذفها، لأنها لا تريد أن تظهر صورا لابنتها على موقع فيسبوك وإنستغرام.
وفي تلك الصور، ظهرت سيلين شاحبة الوجه مثل العديد من النساء اللاتي أنجبن للتو. وقد أكد جورجيو أنه كان ينبغي له الاحتفاظ بتلك الصور لنفسه على الرغم من أنها جميلة. وقد أدرك متأخرا أن سيلين لم تكن ترغب في رؤية نفسها على شبكات التواصل الاجتماعي على ذلك النحو، في حين أنه كان ينبغي له أن يكون بجانبها في ذلك الوقت ويدعمها بدلا من نشر صورها.
وأفاد الكاتب أنه بالنسبة لكاميل وفيكتور، فقد أثار الزوجان مسألة عرض صور الطفل على منصات التواصل مثل إنستغرام، حتى قبل ولادة جوزيف الصغير، البالغ من العمر سنتين ونصف. وقد أكدت كاميل أن "فيكتور من الأشخاص الذين يحبذون مشاركة الكثير من تفاصيل حياتهم مع أصدقائهم على شبكات التواصل الاجتماعي، تماما على عكسي".
وأضاف الكاتب أن كاميل كانت حازمة جدا في موقفها ولم تكن تريد أي صور لطفليهما على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي ذلك الوقت، رضخ فيكتور لوجهة نظرها، على أمل أن تغير رأيها عند ولادة طفلهما. ولكن بمجرد ولادة جوزيف، طفى الموضوع ذاته من جديد على السطح وبات محل نقاش بينهما، ليدرك فيكتور أن كاميل لم تغير موقفها على الإطلاق.
وقد أدرك فيكتور السبب الذي يقف وراء رفض كاميل لنشر صور طفلهما على مواقع التواصل الاجتماعي، عندما قدم أطروحة حول موضوع التصوير الإباحي للأطفال. وقد فهم مدى سهولة وسرعة العثور على صور لأطفال على الشاطئ أو في الحمام وفي جناح الولادة.
وفي الختام، أوضح الكاتب أنه لا ينبغي أن يختلف الوالدان المنفصلان حول مسألة نشر صور لأطفالهما على مواقع التواصل الاجتماعي. في الأثناء، من الأفضل أن يتفقا على هذا المبدأ منذ ولادتهم. في الوقت ذاته، يجب على الوالدين مناقشة هذه المسألة مع أبنائهم في حال تساءلوا عن سبب إخفاء وجوههم على إنستغرام، لأن ذلك قد يدفعهم إلى فهم الأمر على نحو خاطئ.