إذا شبّهنا صراع الثورات العربية، والانقلابات
المضادة، بمباراة كرة قدم بين فريق الشعب وفريق الرئيس، فإنّ الأمر هكذا:
الجمهور ساكت أو صامت خوفاً، وقد سيق زمراً،
لتشجيع فريق الرئيس والهتاف له، بل إنّ الإعلام يعرض المسألة على أنّ حب الظالم
طبع شرقي، فالهرُّ يحبُّ خنَّاقه، ويحضّ الإعلام الهررةَ على الوشاية بأي متعاطف
مع لاعبي فريق الشعب. وفريق السلطات الحاكمة يرتدي أحذية حربية مسلحة بالمسامير،
ويضع خوذاً، كأنه سيلعب لعبة كرة أمريكية.
ومع فريق الخصم عصي غولف، لضرب الركب والخصى.
واللاعبون الذين يمثلون الشعب، جرحى، ومقيدون، وفي أقدامهم كرات حديد، وأهلهم
رهائن، ويتعرضون للحجز والرفس، وجلّهم، إن لم يكن كلهم، سجناء سابقون، فالخصوم
يلعبون كل أنواع الرياضة، بما فيها الترويح عن النفس، بقتل النفس، التي حرم الله
قتلها.
وإن أكثر لاعبينا يسعدون بأهداف الفريق الخصم،
ويعانقونهم كلما سجلوا هدفاً! والحكم ساكت، وصفارته مثقوبة من طرفين. وحكام التماس
يضحكون، صم بكم عمي.. فالعرض مضحك مثل عروض السيرك، وقد يرفع أحدهما الراية لتسللٍ
من ألف، فعين الرضا عن كل عيب كليلةٌ، لكن الصفارة تصفر لأخطاء لاعبي فريقنا،
وترفع لهم البطاقة الحمراء لطردهم إلى إدلب، فالإعلام العالمي ينظر إليها بالمجهر،
وبالتصوير البطيء، وعين السخط تبدي المساويا.
يقال إنّ سبب حبِّ الناس لكرة القدم، أنها
واضحة وسهلة الفهم، ولا حقّ فيتو لأحد، والأرض معشبة، والحدود ظاهرة، وأعداد
الفريقين متساوية، بل إن الفريقين يتبادلان المرمى، حتى يتعادلا تماماً في الريح
والشمس، وكرة البداية تجري بالقرعة.
السيد الرئيس لا يعرف قوانين اللعبة، بل إنه لا
يظهر إلا بالبدلة، ويمسك الكرة بيده في لعبة كرة القدم متى يشاء، فهو الخصم
والحكم، ويمشي على السجاد الأحمر بسيارته، ويقتحم المرمى بها، والعالم سعيد
باللعبة وبالتهريج، فالعالم المتقدم لا يكون متقدماً إلا بعالم متأخر، ويحبُّ
أنواعاً من "الشو" والفرجة المختلفة.
ومرمى فريق الشعب واسع، ممتد من أقصى عارضة ركن
الخليج الأيمن، إلى عارضة ركن المحيط الأيسر، ومرمى السيد الرئيس أضيق من مرمى كرة
السلة، وهو محروس بالكلاب والجنود، ومنطقة الجزاء حقل ألغام.
أحياناً تسمع بعض الاحتجاج من الحكام، لكن شكل
اللعبة صحيح في مجمله، فهناك مرميان وعشب، وغنم اسمه الجمهور، وأما تبرير تجاوز
قوانين اللعبة، فله أعذار، والعذر دائماً هو أننا نجهل قوانين اللعبة، نعرف
قوانينها الإجرائية، لكننا لا نعرف قيمها، الرئيس وحده يعرفها من أمه، التي ربتّه
عليها مع اللبن.
والأهداف صافية، الكابتن السيد الرئيس يسجل الهدف تلو الهدف، من غير
حتى أن يركض، الكرة تجري بين قدميه وحدها، ربما بفعل الريح، ربما هي مربوطة بخيط
غير مرئي، كرته لها أقدام مثل حشرة أم أربع وأربعين، بل إنّ حارس مرمانا يدخل
الأهداف في مرماه، ويفرح بها، وفريقنا يفرح بفوز الفريق الخصم، ويغضب من أحد
اللاعبين إذا شاط الكرة باتجاه فريق الخصم، وهذا ما يجعل الناس تهرب إلى حب فرق
الأندلس. حب ريال مدريد وبرشلونة هو تعويض، عزاء، سلوى، ليلى حايك.
أخبار وبرامج كثيرة تفضح الفاضحين المفضوحين،
بلا جدوى، والرئيس يستخدم الأسلحة المحرمة كما لو أنها حبات أسبرين، غش صريح، لكن
حكم المباراة من بنها.
أمس جرى لقاء إعلامي مع هدّاف مصر الفكّة،
اعترف فيه بأنّ مصر غير ناضجة للديمقراطية، بلادنا لا تنضج أبداً، إلا للاعب واحد،
هو وحده يعرف قوانين اللعبة. وحكمة اللقاء أنّ ساندرا نشأت حلوة، فالوحش لا بد له
من حسناء، تصرف عن اللقاء وحشية الوحش. والناس في محنة، وتحدّث الرئيس عن أهدافه،
الهدف هو ممنوع الاقتراب من الكرسي.
المكائد تنصب لأبي تريكة، حتى يعود، فهو خطر في الخارج، وإذا عاد
هلك. ومحمد أبو صلاح متهم بإدخال الدين في الرياضة، وتقليد الكفار بأمر لا يخطر
على بال أحد وهو السجود بعد الهدف! كأن كل هدف يحققه، هو هدف في مرمى الرئيس الضيق
أما حب الناس لفريقي ريال مدريد وبرشلونة فهو نوع من النزوح العاطفي إلى مناطق
خضراء وانتصارات وهمية.
1
شارك
التعليقات (1)
انس المالكي
الثلاثاء، 17-04-201801:40 ص
واخيرا ظهرت على حقيقتك استاذ احمد..... انت ريالي متحيز ??