ماذا سنأكل في سنة 2050 ؟

نشرت صحيفة "لافانغوارديا" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن نوع الأطباق التي سيتناولها سكان المعمورة بحلول سنة 2050. وبشكل عام، سيغير كل من التطور التكنولوجي والتغير المناخي أنظمتنا وعاداتنا الغذائية. 

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن التعداد السكاني العالمي بحلول سنة 2050 سيبلغ حدود ثمانية مليارات نسمة. ومن بين الأسئلة التي تطرح نفسها في هذا السياق، تلك التي تسلط الضوء على طريقة ونوعية الأطباق التي سيتناولها البشر بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين. 

وبينت الصحيفة أن المختص في التطلعات المستقبلية، خوردي سيرا، أكد أنه "يوجد عامل إيكولوجي حاسم من شأنه أن يمدنا بإجابة حول نوع المأكولات التي سيستهلكها البشر بحلول سنة 2050. ويتمثل هذا العامل في التغير المناخي".
 
وأشار الخبير إلى أن "مظاهر الاحتباس الحراري وتداعياته ستكون جلية في البلدان التي ستشهد زيادة كبيرة في عدد سكانها. وحتى في إسبانيا، التي تضم أراضيها مجموعة متنوعة من المناظر الطبيعية التي من شأنها أن تدعم تنوع النظام الغذائي؛ سيلاحظ تأثير الاحتباس الحراري بشكل كبير على العادات الغذائية".  

ونقلت الصحيفة عن الخبير أنه "توجد العديد من الشكوك حول سنة 2050، التي لم تؤكد بعد، بسبب الافتقار إلى تطلعات ومنظور مستقبلي لتأثير الاحتباس الحراري. وعموما، في حال الافتقار إلى هذه التحاليل في المستقبل، سيكون الوضع أكثر سوءا في المناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان". 

وكشفت الصحيفة أن عالم الأنثروبولوجيا، فرانسيسكو خافيير مدينا، يعتبر أن "كل ما يتعلق بالاستدامة سيكون من رهانات وتحديات المستقبل". ويتوقع مدينا أن "يكون الإنتاج في المستقبل محليا ومستداما، على نحو متزايد". 

اقرا أيضا : فقط في هذه الدولة.. خبز بنكهة صراصير مجففة

وفي هذا المعنى، يعتقد ماريوس روبلس، المدير التنفيذي لشركة ريإيماجين فود، أنه "لا مفر من حدوث تغيير نموذجي على مستوى الأيديولوجية الغذائية". ويضيف روبلس في الحديث عن توقعاته أن البشر سيصبحون نباتيين آكلين للحوم.

ويفسَّر ذلك بأنه لا يمكننا الاستمرار في أكل اللحوم بنفس الطريقة التي نعتمدها في الوقت الراهن.
 
ويؤكد سيرا نفس هذا المنظور، مفسرا أن "إنتاج اللحوم التقليدية سيصبح أمرا غير فعال مع تقدم الوقت، خاصة عند الأخذ بعين الاعتبار عوامل على غرار المياه والطاقة التي تحتاجها الشركات لإنتاج اللحوم". 

ونقلت الصحيفة أن روبلس يرى أن تحول البشر إلى كائنات نباتية آكلة للحوم، لا يعود بالأساس إلى حملة اللحم النظيف ومبادرات استدامة اللحوم. وتوجد أسباب أخرى تفسر هذا التحول على غرار إنتاج اللحوم المستنبتة بالمختبرات انطلاقا من الخلايا الجذعية والبروتينات النباتية. 

وعلى سبيل المثال، تعتمد شركة "إمبوسيبال فود" تقنية إنتاج لحوم "البرجر" في المختبر. ومن الأمثلة الأخرى الحية، اتفاقية الصين مع شركة إسرائيلية مختصة في الإنتاج الصناعي للحوم الدجاج. 

وأضافت الصحيفة أنه بحلول سنة 2050، سيتم أيضا "إنتاج" الأسماك في الأحواض. وفي هذا المعنى، أورد سيرا أنه "لن يكون لدينا أي خيار آخر، لأن مناطق الصيد آخذة في النفاد. علاوة على ذلك، لا تعد المزارع السمكية حلا مستداما". 

وذكرت الصحيفة أنه رئيس شركة "ريإيماجين فود" قال إنه "بعد 30 سنة، سيستهلك البشر في الغالب أطعمة لا تعتمد في إنتاجها على الأرض أو الشمس".

ومن جهته، يرى روبلس أن "الأمن الغذائي سيكون جانبا بالغ الأهمية أكثر من أي وقت مضى، شأنه شأن مصدر ما نأكله. وفي هذا الصدد، سيلعب البلوكتشين المكيف مع إنتاج الأغذية دورا حاسما". 

اقرا أيضا : أطعمة لن تتناولها مرة أخرى بعد معرفة مكوناتها

ويعتقد روبلس أن "مفهوم جودة الأغذية القائم حاليا، الذي يعتمد على مصدر المنتوج الجغرافي وطريقة انتاجه، سيتلاشى تدريجيا ويبدأ في التغير". 

وأفادت الصحيفة أنه بحلول سنة 2050، ستصبح الحشرات غذاء للبشر وأيضا الحيوانات. ويشرح خوردي سيرا أن "منظمة الأغذية والزراعة اقترحت منذ فترة طويلة أن تكون الحشرات بديلا للبروتين الحيواني.

وعلى سبيل المثال، بدأت كل من ماليزيا وإندونيسيا في تربية جندي الذبابة السوداء لتحويله إلى أعلاف. 

وذكرت الصحيفة أن العادات الشرائية وطرق الطبخ ستتغير أيضا بحلول سنة 2050. وأورد روبلس أنه "بحلول هذا التاريخ، لن نتذكر آخر مرة ذهبنا فيها إلى السوبر ماركت". وعلى هذا النحو، ستشهد عمليات الشراء عبر الانترنت والتسليم عن طريق الطائرات من دون طيار، عبر نافذات المنزل، رواجا كبيرا منتصف القرن الحادي والعشرين. 

وأشارت الصحيفة إلى أن المطابخ ستمتلئ في المستقبل بأجهزة الطبخ الذكية. ويرى روبلس أن "الطابعات ثلاثية الأبعاد ستكتسح المطابخ في المستقبل. تبعا لذلك، سيصبح من السهل تجهيز أطعمة تستجيب لأبسط تفاصيل خصوصيتنا، وأذواقنا". 

وكشفت الصحيفة عن أحد خصائص منتصف القرن الحادي والعشرين، التي تتمثل في تزايد التعداد السكاني، وانخفاض كميات الأغذية بسبب التغيير المناخي. وستؤدي هذه العوامل إلى تزايد المخاوف حول الإسراف الغذائي. ويعتقد روبلس أنه "من الممكن أن يتم إنشاء نظام لمراقبة ما نأكله وما نهدره". 

وفي الختام، قالت الصحيفة إن المستقبل ينذر بأن تكلفة الغذاء لن تكون منخفضة الثمن. وفي الأثناء، لا أحد يعرف ما سنأكله في المستقبل. ويتمثل الجانب المؤكد الوحيد في أن المستقبل لا يبشر بالتفاؤل، ويحمل في طياته الكثير من الغموض.