هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعده كل من غاردنر هاريس ومارك لاندلر، يقولان فيه إن حملة تحسين الصورة التي قامت بها قطر في الولايات المتحدة بدأت تؤتي ثمارها بين المسؤولين الأمريكيين.
ويقول الكاتبان إن "قطر ربما حققت انتصارا مهما يوم الثلاثاء لو قام الرئيس دونالد ترامب بإخبار حاكم الدولة الخليجية بأنه يعد منافسيها هم الذين يعرقلون الحل للخلاف الإقليمي المهم".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ترامب سيتسقبل الأمير تميم بن حمد آل ثاني في البيت الأبيض، متحولا عن وصف قطر بأنها ممولة للإرهاب، إلى ما قاله مسؤول أمريكي بارز يوم الاثنين بأنه تعاطف مع الدوحة، التي لا تزال تقاوم الحصار المفروض عليها من جاراتها، السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، الذي فرضته في حزيران/ يونيو 2017.
وتجد الصحيفة أنه مع تزايد النزاعات في منطقة الشرق الأوسط فإن هناك رغبة لدى ترامب في أن يحل النزاع الإقليمي مع منظور شن هجوم عسكري على سوريا بعد الهجوم الكيماوي في بلدة دوما، مشيرة إلى أن قطر تستقبل قاعدة العديد، التي يعمل منها حوالي 10 آلاف جندي أمريكي، وهي أكبر قاعدة عسكرية، وتعمل منها القيادة المركزية في الشرق الأوسط، التي ستكون مركز العمليات في حال قررت الولايات المتحدة شن عملية عسكرية.
ويلفت الكاتبان إلى أن دولة قطر دفعت خلال العام الماضي ملايين الدولارات، واستأجرت جماعات اللوبي، واستقبلت صناع السياسة المؤثرين في الدوحة، في حملة تهدف منها للحصول على تأييد الإدارة الأمريكية، والوقوف أمام جهود منافسي الأمير للإطاحة به.
ويفيد التقرير بأن الرياض وأبو ظبي اتهمتا الدوحة بدعم الجماعات المتشددة وتمويلها، وإقامة علاقات دافئة مع إيران، وفرضتا حصارا جويا وبريا وبحريا على الدولة الصغيرة، الأمر الذي أثر على الجهود الأمريكية، التي تعمل لبناء جبهة موحدة ضد إيران.
وتقول الصحيفة إن وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون قضى أشهرا طويلة وهو يحاول حل الأزمة، ووقف في النهاية إلى جانب قطر، مستدركة بأن "ترامب ظل غير مقتنع حتى غسل تيلرسون يديه من الموضوع؛ بسبب تصلب ترامب".
ويستدرك الكاتبان بأنه رغم ذلك، فإن قطر وقعت تفاهما مع الولايات المتحدة للتشارك في المعلومات ومحاربة الإرهاب، وأبلغت الخارجية الكونغرس في يوم الاثنين أنها وافقت على بيع نظام صاروخي بقيمة 300 مليون دولار لقطر، التي وصفها بيان الخارجية بأنها "قوة للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في منطقة الخليج".
ويبين التقرير أن كنزا من الرسائل الإلكتروينة التي تم الحصول عليها، وتظهر الدور الذي أدته الإمارات في القرصنة على وكالة الأنباء القطرية شوهت مزاعم أبو ظبي والرياض، في الوقت الذي حصلت فيه قطر على نجاح في الفترة الماضية، عندما أضافت إلى قائمة اللوبيات الداعمة لها في واشنطن بريان بالارد، الذي يعد أحد أهم جامعي التبرعات لحملة ترامب.
وتكشف الصحيفة عن أن الرئيس ترامب يعتقد أن المعوق الرئيسي لرفع الحصار ليس قطر، لكن الإمارات العربية وولي عهدها الشيخ محمد بن زايد، ولهذا فإنه يدفع باتجاه حل الأزمة، باعتبارها حرفا للأنظار عن القضايا الإقليمية التي تعيش حالة من الغليان، وذلك نقلا عن المسؤول الأمريكي الذي لم يسمح له بالحديث علنا.
ويذكر الكاتبان أن الرئيس الأمريكي أعلن في الأسبوع الماضي نيته سحب القوات الأمريكية من سوريا وبشكل سريع، رغم ما أعلن عنه سابقا عن بقاء طويل للقوات، وأقنعه المستشارون بتأجيل الانسحاب لعدد من الشهور، لافتين إلى أنه كان يلمح للتصعيد يوم الاثنين، بعد الهجوم الكيماوي على منطقة دوما في الغوطة الشرقية، وأعلن الرئيس أنه سيقرر سريعا بشأن ما يمكن عمله.
ويشير التقرير إلى أن الارتباك في السياسة الخارجية الأمريكية أدى إلى قدوم قادة الشرق الأوسط إلى واشنطن؛ في محاولة منهم للتأثير على الرئيس مباشرة ليدعم مصالحهم، فكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد قام بجولة في الولايات المتحدة، والتقى مع الرئيسين السابقين جورج هربرت بوش وجورج دبليو بوش، لافتا إلى أنه جاء دور الأمير تميم الآن.
وتنقل الصحيفة عن المتحدث باسم السفارة القطرية في واشنطن جاسم آل ثاني، قوله إن "زيارة سموه ستكون بمثابة عرض للعلاقات القوية والصادقة بين الولايات المتحدة وقطر"، لافتة إلى أن إدارة ترامب تأمل في جمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في واشنطن هذا الشهر، إلا أن الأمير ابن سلمان والشيخ ابن زايد قالا إنهما سيرفضان دعوة لو وجهت لهما؛ لأن هذا يعني نهاية للحصار على قطر، بحسب ما قاله مسؤول أمريكي بارز.
ويورد الكاتبان نقلا عن نائب رئيس المركز للدراسات الاستراتيجية والدولية جون أولترمان، قوله إن الفوضى التي يعيشها الشرق الأوسط هي تعبير وانعكاس عن الفوضى التي يعيشها البيت الأبيض، وأضاف: "كيف تطبق استراتيجية منسقة داخل وكالات الإدارة في الوقت الذي لا تقوم فيه الولايات المتحدة بالتنسيق؟"، مشيرا إلى عدم تعيين سفراء في السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، إلى جانب عدد من المناصب الشاغرة في واشنطن، "فهذا ما تحتاجه لاتخاذ قرارات، والإدارة لديها وقت عصيب في هذه العملية".
ويذهب التقرير إلى أن "النزاع بين الإمارات وقطر أصبح سيئاً للغاية، حيث يتهم كل طرف الآخر بالقرصنة على الطرف الآخر، ما أدى إلى الكشف عن معلومات محرجة، وفي الأسبوع الماضي قام قاضي المحكمة الفيدرالية كيتانجي براون جاكسون بإصدار بيان حول قيام الإماراتيين بالقرصنة على بريد رجل الأعمال الدولي فرهاد عزيمة؛ بحثا عن معلومات لتشويه شخصيته".
وبحسب الصحيفة، فإنه في قضية منفصلة أمام محكمة في كاليفورنيا، قرر قاضي المنطقة الفيدرالي جون وولتر رفض طلب يأمر قطر بالامتناع عن نشر معلومات ورسائل بريد إلكتروني تتعلق بالمتبرع الجمهوري المعروف إليوت برويدي، وعقوده مع الإمارات، وتوصل القاضي إلى عدم توفر أدلة مقنعة لبرويدي عن التورط القطري، مشيرة إلى أن كلا الحكمين يعدان انتصارا لقطر.
ويلفت الكاتبان إلى أن رسائل برويدي الإلكترونية كشفت عن حملة سعودية وإماراتية لاستخدام مليارات الدولارات، والتأثير على البيت الأبيض، حيث أثارت هذه الجهود اهتمام المحقق الخاص روبرت مولر، الذي يحقق في الدور الروسي في الحملة الانتخابية الأمريكية.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول آل ثاني: "لا يعلم الكثير من الناس كيف تعاملت قطر مع الموضوع بجدية.. نحن نرفع من مستوى اللعبة لحماية سيادتنا واستقلالنا".