نشرت صحيفة "لي أوكي ديلا غويرا" الإيطالية تقريرا، تحدثت
فيه عن الازدواجية التي تتسم بها السياسة البريطانية إزاء الأزمة في
اليمن.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن
بريطانيا تسعى إلى تأمين المساعدات الإنسانية لفائدة الشعب اليمني. وفي الآن ذاته،
عمدت الحكومة البريطانية إلى تزويد المملكة العربية
السعودية بالأسلحة؛ لشن هجماتها
العشوائية في اليمن، التي ذهب ضحيتها الملايين من الأبرياء.
وأكدت الصحيفة أن الشعب اليمني ينزف، في ظل صمت دولي رهيب، حيث لا
تحظى الأزمة اليمنية بتغطية إعلامية كافية، على الرغم من وصفها بالأسوأ على مر
التاريخ. ولسائل أن يسأل: لماذا كل هذا التجاهل من قبل وسائل الإعلام الغربية
للأزمة اليمنية؟ في الحقيقة، من شأن تسليط الضوء على تدهور الأوضاع في اليمن أن
يضع الدول الغربية في مأزق كبير. وبالتالي، يمكن الجزم بأن
هذا الصمت الإعلامي يعد تخاذلا من قبل الدول الغربية، التي تغتنم عادة كل فرصة
للدفاع عن حقوق الإنسان.
وبينت الصحيفة أن وسائل الإعلام، في الوقت الراهن، تركز كل اهتمامها
على المأساة التي تشهدها الغوطة. في المقابل، استعرت نار
الحرب أكثر في اليمن مؤخرا، حيث انقسمت ساحة القتال إلى جبهتين. فمن
جهة، يدور القتال بين المليشيات التابعة للحوثي والقوات الموالية لعبد الله صالح
داخل اليمن. ومن جهة أخرى، تقود المملكة العربية السعودية الحرب من الخارج. وقد
ارتكبت الرياض العديد من الجرائم في حق اليمنيين الأبرياء، على غرار الحصار الذي
فرضته عليهم منذ أكثر من ثلاث سنوات، ما أدى إلى كارثة إنسانية.
والجدير بالذكر أن ما يقارب 20 مليون يمني في حاجة إلى الرعاية الصحية،
من بينهم 11 مليون طفل. كما أن حالات الإصابة بالكوليرا طالت حوالي مليون شخص.
وعلى الرغم من الأزمة الحادة التي تشهدها البلاد، إلا أن ذلك لم يحل دون استقبال
رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، لولي العهد السعودي بحفاوة.
وأوردت الصحيفة أن ولي العهد السعودي، وعلى الرغم من فظاعة الجرائم
التي ارتكبها في اليمن، لكنه حظي باستقبال ملكي من قبل تيريزا ماي. علاوة على ذلك،
قدمت ماي هدية قيّمة إلى الأمير محمد بن سلمان، وهي عبارة عن رسم لشجرة عائلة آل
سعود، تظهر أصول سلالة آل سعود التي تنحدر من ملوك الجزيرة العربية. كما وجهت
رئيسة الوزراء البريطانية دعوة لولي العهد السعودي؛ لمشاركتها في مأدبة غداء خاصة.
ويرجع السبب في هذا الاستقبال الحافل إلى الاعتقاد السائد في المملكة
المتحدة بأن ابن سلمان بصدد قيادة مجموعات من الإصلاحات الاجتماعية الحداثية للتخلص
من الفكر الوهابي. وفي حين أن قرار حظر بناء الكنائس لا يزال ساريا في
المملكة العربية السعودية، يبدو أن مزاعم ابن سلمان في التخلي عن الفكر الوهابي
تعد، في حقيقة الأمر، مجرد أكاذيب وأوهام.
وذكرت الصحيفة أن بريطانيا تقف وراء إمدادات الأسلحة لصالح المملكة
العربية السعودية التي تستخدمها في حربها ضد اليمن. ومن جانبها، أعربت رئيسة
الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، عن قلقها إزاء الأزمة في اليمن. في الأثناء، يعد
تأمين بريطانيا للأسلحة لصالح المملكة العربية السعودية؛ لشن هجماتها العشوائية في
اليمن، أكثر ما يثير مخاوف المجتمع الدولي.
وأضافت الصحيفة أن صادرات بريطانيا من الأسلحة للسعودية ارتفعت
بنسبة 500 بالمئة منذ بداية حرب اليمن. خلال السنتين الماضيتين، بلغت قيمة مبيعات
الأسلحة البريطانية للسعودية نحو 4.6 مليار دولار. وفي حين أن التدخل السعودي في
اليمن خلف الآلاف من الضحايا، ناهيك عن المدارس والمستشفيات التي دمرتها قوات
التحالف بقيادة السعودية، ولكن لا ينظر إلى الرياض على اعتبارها مجرم حرب.
ومن المثير للسخرية أن المملكة المتحدة لا تزال تعمل على تأمين
المساعدات الإنسانية لفائدة الشعب اليمني، بالإضافة إلى التزامها بتمويل حزمة من
المشاريع الإنسانية؛ بهدف تحسين الأوضاع في اليمن. وخلال الثلاث سنوات الأخيرة،
ارتفعت قيمة المعونات البريطانية لليمن بصورة ملحوظة، في الوقت الذي شهدت فيه قيمة
مبيعات الأسلحة للرياض نموا كبيرا. من هذا المنطلق، يتجلى الموقف المزدوج الذي تتبناه
المملكة المتحدة إزاء الأزمة اليمنية.
وأكدت الصحيفة أن بريطانيا خصصت مبالغ كبيرة ضمن ميزانيتها لمساعدة
اليمن. ففي
سنتي 2014 و2015، بلغت قيمة المساعدات المالية التي قدمتها بريطانيا إلى البلاد
المنكوبة ما يقارب 65 مليون جنيه إسترليني. وفي السنة الماضية، قدمت بريطانيا 190
مليون جنيه إسترليني في شكل مساعدات مالية لليمن، خصص منها 6 بالمئة لإعادة بناء
المستشفيات والمدارس، علما أن هذه المنشآت دمرت على يد قوات التحالف بقيادة
السعودية. في الأثناء، يتمتع 1.2 مليون طفل يمني بالمساعدات البريطانية.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن الشعب اليمني ما زال ينزف، في ظل صمت دولي
إعلامي غريب، خوفا من المساس بصورة بريطانيا.