هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ستدخل المليارات إلى خزينة الدولة، وستصرف هذه الأموال لاحقا على التعليم والخدمات الصحية والرفاه لمصلحة المواطنين الإسرائيليين، ما يساهم في تعزيز الأمن والاقتصاد لإسرائيل وعلاقاتها الإقليمية.
ما سبق جزءا من تصريحات نتنياهو (20 فبراير الجاري)
في أعقاب توقيع اتفاقية تصدير الغاز الطبيعي الإسرائيلي(المحتل) في حقلي "تمار ولوثيان" لعشر سنوات بما قيمته 15 مليار دولار إلى مصر عبر شركة
"دولفينوس" المصرية الخاصة، واصفا الصفقة بالتاريخية وأن هذا اليوم عيدا
لإسرائيل.
السطور أدناه سبق أن نشرتها في سبتمبر عام 2014 في
مقال رصدت من خلاله الخطة الإسرائيلية لاحتلال مصر والعالم العربي اقتصاديا، وبعد
أن دخلت عملية الاحتلال الاقتصادي حيز التنفيذ فعليا عبر توقيع صفقة الغاز سالفة
الذكر والتي أنقذت رقبة نتنياهو سياسيا بعد تدني شعبيته بشكل كبير على خلفية قضايا
فساد، أرى ضرورة إعادة نشره لأنه يعبر عن واقع الحال بكل تفاصيله الكارثية.
لا شك أن السلاح الاقتصادي من أخطر أسلحة التركيع
والإخضاع التي تتبعها الدول والأنظمة الامبريالية ضد دول وأنظمة أخرى معادية، وفي
الحالة المصرية فقد وقعت مصر دولةً ومؤسسات للأسف الشديد منذ عقود طويلة تحت الاحتلال
الاقتصادي وِالوصاية الاقتصادية الغربية (الصهيو أمريكية على وجه التحديد) لا سيما
بعد ما يسمى بسياسة الانفتاح الاقتصادي سبعينيات القرن الماضي التي انتهجها الرئيس
الراحل أنور السادات عبر أدواتها اللعينة (صندوق النقد والبنك الدوليين) وفرض شروط
وآليات السوق الحرة ومخالب الرأسمالية المتوحشة لإجبار تلك الدول ومنها مصر بطبيعة
الحالة على الانسياق وراء الثقافة الاستهلاكية المقيتة الأمر الذي يجعل قرارنا
السياسي رهناً للعولمة والإرادة الصهيو أمريكية.
دأبت الدولة الصهيونية العبرية منذ نشأتها في عام
1948 ليس فقط على احتلال أراضينا نحن العرب والمسلمين بل السطو على مواردنا
المائية والنفطية (سرقة مياه الضفة العربية الفلسطينية والجولان السورية المحتلة)
أيضاً ثم ابتزازنا بها بكل بجاحة حتى وصل الأمر الآن لبيع تلك الثروات والموارد
المسروقة بالأساس بأثمان باهظة والعجيب تجد من يتهافت على الشراء والتعاقد دون
تردد ولنا في مصر والأردن الدليل الأسوأ لهذه الكوميديا العربية السوداء(ذكرت
وكالة رويترز أن إسرائيل ستبيع الغاز الطبيعي لمصر بصفقة تقدر ب30 مليار دولار
خلال 15 عاما).
حيث ذكرت صحيفة "فيوز تايمز" الأمريكية
الإليكترونية في تقرير ملفت ومحزن في آن واحد تحت عنوان (الغاز سلاح إسرائيل
الجديد لإخضاع دول المنطقة) في إشارة واضحة لحقول الغاز الطبيعي التي استولت عليها
الدولة الصهيونية بالتواطؤ مع اليونان وقبرص في شرق البحر المتوسط منذ عام 2010
وما بعدها والتي تقع في المياه الاقتصادية المصرية الخالصة بالخرائط والمستندات
مما أضاع على الخزينة المصرية مئات المليارات من الدولارات في أشد الحاجة إليها
كانت كفيلة بدفع البلاد في اتجاه التنمية الحقيقية دون الحاجة للتسول والاقتراض من
جهات تفرض شروطها المجحفة بما يضر مصالحنا العليا وينتقص من إرادتنا ويطعن في
استقلالنا الوطني والسياسي والاقتصادي في الصميم لا سيما عندما نعرف أن ما تمثله،
موارد الغاز المصرية من احتياطي بنحو 220 تريليون متر مكعب كافية لتشغيل 5840 محطة
كهرباء.
وتضيف الصحيفة الأمريكية أنه قد تتحول موارد الغاز
الطبيعي الضخمة التي اكتشفتها إسرائيل(وهذا هو الأخطر) إلى سيف مسلط على رقاب
الدول في منطقة الشرق الأوسط ، وقالت الصحيفة الإليكترونية في تقرير نشرته في 9
سبتمبر الجاري(2014)– إن أمام تل أبيب فرصة كي تستغل سلعة الغاز الاستراتيجية
كورقة ضغط مؤثرة يمكن من خلالها تحقيق مصالحها الاستراتيجية وفرض سياستها في
المنطقة – وأشارت الصحيفة إلى اتفاقية الغاز الأخيرة التي أبرمتها إسرائيل لتوريد
الغاز إلى الأردن في صفقة بلغت 15 مليار دولار على مدار 15 عاماً لتصبح بموجبها
إسرائيل المزود الرئيسي للأردن بهذه السلعة الحيوية عبر توريد 45 مليار متر مكعب
من الغاز الطبيعي إلى الأردن.
فالاحتلال الاقتصادي صار سلاحاً فتاكاً تستطيع به
إسرائيل تركيع أعدائها وفرض شروطها دون الحاجة إلى طلقة رصاص واحدة في حروبها
المستقبلية مع العرب ، حيث ذكرت صحيفة " ذا جويش كرونيكل " اليهودية
البريطانية أن إسرائيل ترى أن عقد صفقات الغاز الطبيعي مع مصر والأردن هو من أجل
التنسيق للضغط المشترك على حركة حماس ، للموافقة على وقف إطلاق النار دون تلقي أي
تنازلات من جانب تل أبيب – بما يعني أن العامل الاقتصادي هو من يدفع باتجاه الضغط
لتمرير مسار معين أو أي تسوية سياسية في المستقبل حتى نظل في حاجة دائمة لما
يتفضلون به علينا وبالتالي يصبح الحديث عن الإرادة الوطنية والاستقلال من التبعية
الصهيوأمريكية وهم كبير وفرقعة إعلامية بغرض الاستهلاك المحلي ودغدغة مشاعر
البسطاء، وها هو شمعون بيريز يتكلم عن مشروع أسماه " الغذاء مقابل السلام"
ويقوم هذا المشروع المهين حسب رؤية الصهيوني المخضرم على تدوير فضلات طعام
الأغنياء ليأكلها المصريون حتى لا يؤدي جوعهم إلى تحولهم إلى الإرهاب!!
لا يكاد يصدق المرء إلى أي مدى وصلنا إلى هذه الحالة
المزرية من الانسحاق والانبطاح حتى ينظر إلينا الصهاينة تلك النظرة الدونية، لكن
لا نستطيع إلاّ أن نلوم أنفسنا بما كسبت أيدي حكامنا المستأسدون علينا بينما حملان
أمام السيد الصهيوني والأمريكي، ونخرج مما سبق بحقيقة موجعة مفادها أن
الدولتين(مصر والأردن) اللتين تربطهما علاقات رسمية معلنة تربطهما اتفاقيات سلام
مع الكيان الصهيوني(مصر كامب ديفيد 1978والأردن وادى عربة 1994)، هما من يتجرعان
كأس الهزيمة السياسية والاقتصادية والأخلاقية أيضاً أمام هذه الهيمنة والإذلال
الصهيوني كنتيجة طبيعية لدفع ضريبة التسوية مع العدو والركض وراء سلام وهمي
ومفاوضات عبثية لم نجني من وراءها سوى مزيد من الذل والانكسار والهزيمة على كافة
المستويات والأصعدة!!