صحافة دولية

هل تقود مواجهة تنظيم الدولة على الإنترنت لرقابة صحافية؟

طورت بريطانيا تكنولوجيا تقوم بالكشف عن مواد تنظيم الدولة الدعائية وحظرها- أ ف ب
طورت بريطانيا تكنولوجيا تقوم بالكشف عن مواد تنظيم الدولة الدعائية وحظرها- أ ف ب

نشر موقع القناة التلفزيونية الرابعة "تشانال فور" مقالا للكاتب مارتن ويليامز، يقول فيه إن الحكومة البريطانية طورت تكنولوجيا معلوماتية تقوم بالكشف تلقائيا عن مواد تنظيم الدولة الدعائية وحظرها مباشرة بمجرد تحميلها على الإنترنت. 

 

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن شركة خاصة تدعى "إيه أس آي داتا ساينس"، قامت بتطوير البرامج بتكلفة 600 ألف جنيه إسترليني للحكومة.

 

ويعلق ويليامز قائلا إن "الادعاءات بشأن هذا النظام جريئة، لكن هل سيكون له أثر؟ وهل يمكن أن يؤدي إلى فرض رقابة عرضية وخسارة أدلة مهمة ضد الإرهابيين؟ فما الذي يحسب فيديو لتنظيم الدولة؟ بحسب وزارة الداخلية، فإنه تمت كتابة البرامج بعد تحليل (أكثر من ألف فيديو لتنظيم الدولة)".

 

ويقول الكاتب إن "التفاصيل سرية؛ لمنع الإرهابيين من اختراق البرامج، لكن جون غيبسون من شركة (إيه أس آي داتا ساينس) قال إن الفيديوهات التي تحضر في البيت من مؤيدين شخصيين للتنظيم قد لا تدخل ضمن الفيديوهات التي تستطيع برامج النظام التعرف عليها".

 

ويورد الموقع نقلا عن غيبسون قوله لموقع "فاكت تشيك": "ركزنا على مجموعة معينة من الفيديوهات لكن عن عمد شديد"، ويضيف: "هناك نوع من القواعد التي تلتزم بها الفيديوهات التي ينتجها تنظيم الدولة، تجعلها رسمية أو شبه رسمية، ويتم نشرها من وكالات إعلام تنظيم الدولة، وتلك الفيديوهات بالذات لها الأولوية في حسابات وزارة الداخلية".

 

ويتابع غيبسون قائلا إن الفيديوهات التي استخدمت لتدريب نظام برامج الذكاء الصناعي "كانت منتجة بشكل جيد جدا.. ووظيفتها بصراحة هي تحفيز الأشخاص على ارتكاب أعمال عنف، ولذلك فهي انفعالية، وتحتوي على صور واضحة لأفعال وحشية وأفعال مأساوية". 

 

ويستدرك ويليامز بأن "تصنيف فيديوهات على أنها دعاية لتنظيم الدولة هو أمر صعب، فهناك العديد من الحركات المتطرفة، لكنها تختلف تماما عن تنظيم الدولة، لكن قد تبدو متشابهة جدا من المنظور الخارجي، وبعضها مصطفة مع تنظيم الدولة".

 

ويذكر الكاتب مثالا على ذلك كتيبة الكوثر، وهي "مجموعة إرهابية مسلحة تقاتل لإقامة دولة إسلامية في سوريا", وتقول الحكومة البريطانية إنها "مصطفة مع أكثر المجموعات التي تعمل في سوريا تطرفا, وأصدرت فيديوهات على (يوتيوب) تشجع السفر إلى سوريا".

 

ويعلق ويليامز قائلا: "قد تبدو كأنها تنظيم الدولة، لكن اسمها يختلف، وهي على قائمة المنظمات المحظورة لدى الحكومة البريطانية".

 

ويلفت الكاتب إلى أنه "دون وجود تفاصيل حول كيف تعمل البرامج المصممة لكشف فيديوهات تنظيم الدولة، فإنه يصعب علينا أن نعرف مدى فعالية هذه التكنولوجيا". 

 

وينقل الموقع عن مؤسس موقع "بيلنغكات"، الخبير في الصراع السوري إليوت هيغينز، قوله إن هناك حاجة لخبراء كبار للتمييز بين بعض الفيديوهات، وأضاف: "نحتاج إلى أشخاص يعرفون الوضع على الأرض في سوريا لإصدار الأحكام.. فكل فصيل في سوريا -من الحكومة إلى مجموعات الثوار- كلهم إرهابيون، اعتمادا على الشخص الذي تتحدث معه، وهذه مشكلة أخرى: فمن هي المجموعة الإرهابية هذا الأسبوع؟ فالوضع على الأرض يتغير بسرعة كبيرة".

 

ما مدى دقة هذه التكنولوجيا؟

 

ويبين ويليامز أن "الحكومة ادعت لدى الإعلان عن هذه التكنولوجيا الجديدة، التي تستطيع الكشف عن دعاية تنظيم الدولة بأنها (دقيقة بنسبة 99.999%)، وهذا يعني أنه من عينة عشوائية مؤلفة من مليون فيديو فإن النظام سيقوم بمنع 50 فيديو خطأ على أنها دعاية لتنظيم الدولة، ويرى جون غيبسون بأن هذه النسبة (مقبولة جدا من الناحية التشغيلية)".

وينوه الكاتب إلى أن "إليوت هيغينز أكثر ارتيابا، حيث حذفت فيديوهاته العام الماضي عن (يوتيوب)؛ لأن نظام الذكاء الصناعي الخاص بالشركة وسم أبحاثه الصحافية بأنها مواد متطرفة، حيث أوضح قائلا: (إن النظام قد يبحث في التسجيل الصوتي على الفيديو ليتفحص إن كان هناك ما يشير إلى كون الفيديو جهاديا، وبالبحث عن صور مثل صور الأعلام السوداء)".

ويورد الموقع نقلا عن شركة "إيه أس آي داتا ساينس"، قولها إن برامجها فحصت على "أمثلة أكثر احتمالا بأن تخدع النظام"، مستدركا بأن مستوى الدقة الذي ذكرته الحكومة كان على عينة عشوائية من الفيديوهات، بدلا من تلك التي يمكن خطأ أن يظن أنها فيديوهات دعاية لتنظيم الدولة.

 

ويتساءل ويليامز: "هل يعني هذا أن مستوى الدقة سيكون أقل لو عرضت بعض أنواع الفيديو، مثل لقطات للصراع في سوريا؟".

 

وبحسب الموقع، فإنه عندما سأل موقع "فاكت تشيك" شركة "إيه أس آي داتا"، فإنها لم تستطع الإجابة مباشرة، حيث قال غيبسون: "لا أعلم بشكل مؤكد إن كانت تلك المواد سيتم اعتراضها بشكل أكبر.. يمكن أن يكون ذلك صحيحا، لكن لا أعلم عما إذا كان الأمر كذلك، لكننا بالتأكيد دربنا النظام بكثافة للتقليل من درجة صحة ذلك".

 

ما مقدار التدخل البشري اللازم؟

ويشير الكاتب إلى قول الحكومة ابتداء: "إن قام النظام بتحليل مليون فيديو عشوائية، فإنه ستكون هناك حاجة لمراجعة بشرية لخمسين منها".

 

ويستدرك ويليلمز قائلا: "لكن، اعترفت وزارة الداخلية وشركة (إيه أس آي داتا سيانس) بأن ذلك ليس صحيحا، فإن ذلك الرقم يشير فقط إلى الفيديوهات التي تحسب خطأ على أنها دعاية لتنظيم الدولة، إلا أنه لملاحظة تلك الفيديوهات فإنه يجب مراجعة كل فيديو تمت الإشارة إليه".

 

ويجد الكاتب أن "ذلك يعني أن عدد الفيديوهات التي يجب أن يراجعها شخص يعتمد على عدد الفيديوهات التي حملها تنظيم الدولة في ذلك اليوم، فمثلا إن كان هناك 100 فيديو لتنظيم الدولة في يوم ما من عينة من مليون فيديو فإنه يجب أن يقوم أشخاص بمراجعة 150 فيديو، 100 تم اختيارها بشكل صحيح و50 تم اختيارها بشكل خاطئ". 

 

ويعلق ويليامز قائلا: "قد تبدو هذه مبالغة في انتقاد النظام، لكن من ناحية عملية فإن عدد الفيديوهات التي تحتاج إلى مراجعة بشرية قد يزيد بشكل كبير، وقالت التقارير بأن وزيرة الداخلية (لم تستبعد فرض استخدام البرامج على شركات التكنولوجيا)، لكن الحكومة أكدت أنه لا توجد خطط كهذه، وأن البرامج لا تزال في طور النقاش والمراجعة".

 

ويلفت الكاتب إلى أن "مؤيدي هذا النظام رحبوا بأي تقدم نحو وقف دعاية تنظيم الدولة، لكن -عدا عن دقته- فإنه قد تكون هناك مخاوف من أن يقوم هذا النظام بحذف أدلة مهمة". 

 

ويوضح إليوت هيغينز بالقول: "هناك مجموعات في سوريا تنشط على (يوتيوب)، التي ستعد بكل تأكيد متطرفة، لكنها تحمل أيضا معلومات مفيدة جدا للمحققين"، بحسب الموقع.    

 

ويختم ويليامز مقاله بالقول إن "هناك أسئلة إضافية إن تم تطبيق هذه التكنولوجيا، مثل، ماذا يحصل للمواد التي يشار إليها، هل تمسح تماما من الإنترنت أم تمنع مشاهدتها في المملكة المتحدة فقط؟ ولا تزال الحكومة الآن في مرحلة الاستشارة".

التعليقات (0)