نشرت مجلة "فام أكتيوال" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن مدى صحة التعابير الشائعة، التي تؤكد أنه يمكن للحزن أن يؤثر على صحتنا، ويؤدي إلى
الموت في بعض الأحيان. ومن بين هذه العبارات نذكر، "
الحزن إلى درجة الموت"، أو "هذا الشخص قلبه مفطور"، أو "الموت من الحزن".
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن البروفسور كلير منير- فيهر، أخصائي أمراض
القلب في جامعة ليل الفرنسية، ورئيس الاتحاد الفرنسي لأمراض القلب، كشف عن مدى صحة هذه العبارات التي تشير إلى أنه يمكن للإنسان أن يموت من شدة الحزن.
وفي الحقيقة، لا تخلو عبارة "الموت من الحزن" من المجاز، وهي تعتمد عادة كتعبير لغوي عن الحزن العميق. ولكن، يجهل الكثيرون أن هذا المجاز اللغوي هو حقيقة طبية. فهل يمكن أن يتوقف عمل قلب أحدهم بسبب الحزن؟
وأضافت المجلة أن الجسم، وعلى وجه الخصوص القلب، يمكن أن يتفاعل بطريقة سلبية عندما يواجه المرء صدمة أو إجهادا، سواء كان جسديا أو نفسيا، على غرار موت أحدهم، أو الانفصال عن الشريك. وعلى هذا النحو، تصبح عبارات "الموت من الحزن" أو "امتلاك قلب مكسور"، صائبة تماما. وفي هذا السياق، يمكن الحديث عن اعتلال عضلة القلب، تاكوتسوبو في اليابان، أو متلازمة القلب المنكسر في بريطانيا وفرنسا.
وكشفت المجلة أن اعتلال عضلة القلب أو إجهاد عضلة القلب، هو توعك صحي يسمى "باحتشاء عضلة القلب المزيفة"، لأنها تحاكي أعراض النوبات القلبية الفعلية، على غرار الألم الشديد على مستوى الصدر، وضيق التنفس، وعدم انتظام دقات القلب.
ووفقا لأخصائي أمراض القلب، كلير منير- فيهر، فإن "هذا الاعتلال ناتج عن خضوع الجسم إلى إجهاد حاد، مما يسبب إفرازا مفاجئا لهرمون التوتر، الكاتيكولامين، الذي يتراكم على صمامات القلب. وتسبب هذه الحالة شللا على مستوى عمل القلب، وتعرقل عملية الانقباض العضلي". من جهة أخرى، يمكن أن تكون متلازمة القلب المنكسر نتيجة لصدمات قلبية أو اضطرابات على مستوى دقات القلب البطيني.
ونقلت المجلة أن هذا المرض نادر للغاية، إذ يصيب 34 شخصا من بين كل مليون ساكن. ويعد الأشخاص أصحاب المزاج سريع التعكر، على غرار المصابين بالاكتئاب أو الذين يميلون إلى التوتر، أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض. وفي نفس الوقت، توجد العديد من العوامل التي من شأنها أن تفاقم الوضع وتزيد من خطورته.
وفي هذا الصدد، أورد أخصائي أمراض القلب أن "النساء بعد فترة الولادة يصبحن أكثر تضررا من هذه الحالة النفسية. فخلال هذه الفترة الحساسة، لا تحتمي الشرايين بهرمون الأستروجين".
وأضافت المجلة أن نسبة الوفيات بسبب متلازمة القلب المكسور منخفضة للغاية، ولا تتجاوز 3.7 بالمائة. في المقابل، تعد الوسائل التقليدية، على غرار تخطيط كهربائية القلب، غير قادرة على تشخيص هذا المرض بدقة، نظرا لعدم قدرتها على التمييز بين متلازمة القلب المكسور واحتشاء عضلة القلب. لهذا السبب، يمكن اللجوء إلى تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي، ليكون التشخيص أكثر فعالية.
وأشارت المجلة إلى أن علاج هذا المرض بشكل سريع يساعد على تجنب تفاقم هذا القصور الحاد على مستوى عمل القلب، في غضون أشهر. ولا يتوقف الأمر عند العلاج، بل يجب الحذر من تكرار مثل هذه الحالة التي تهدد صحة الجسم عامة. وأكد الأخصائي أنه "إذا لم تكن عملية التشخيص سريعة بما فيه الكفاية، فيمكن أن تحدث جلطات دم على مستوى تجاويف القلب؛ ما يمكن أن يتسبب في حدوث سكتة دماغية، التي قد تكون حادة في بعض الحالات".
وخلصت المجلة إلى أن الموت من الحزن ممكن وقد أثبت العلم ذلك. ولكن، لا يعد الحزن الشعور الوحيد الذي يؤثر سلبا على صحة القلب، فللفرح الشديد تأثير مماثل أيضا.