نشرت صحيفة "نوفال أوبسرفاتور" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن شغف أثرياء العالم بالنجوم والفضاء، الذي دفعهم إلى إنجاز العديد من المشاريع باهظة التكلفة، لعل أبرزهم
إيلون ماسك، وجيف بيزوس، وريتشارد برانسون، وبول ألين، ناهيك عن أثرياء الصين الذين حذوا حذوهم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه الاستثمارات الضخمة من أجل غزو
الفضاء لها دوافع ظاهرة وأخرى خفية، تقف خلفها بعض الأطماع المادية، ولو على المدى البعيد. ففي الواقع، يحمل الملياردير إيلون ماسك رؤى مستقبلية لم يعد أحد يسخر منها بعد الآن. فقد فرضت سيارات تيسلا نفسها، لتصبح بذلك مؤسسة سبيس إكس قادرة على إركاع أريان سبيس، التي تعتبر أول منصة لإطلاق الأقمار الصناعية.
"بعد أن ساهمت في خفض تكاليف وضع الأقمار في مداراتها بشكل كبير، تمكنت سبيس إكس من صيانة بعض الأجزاء في صواريخها فالكون 9" وإعادة استخدامها. كما تجدر الإشارة إلى أن المؤسسة الأمريكية الرائدة في عالم الفضاء نجحت سنة 2017 في إزاحة المنافس الأوروبي عن طريقها، بإطلاقها 18 قمرا صناعيا مقابل 11 إطلاق قامت به أريان سبيس.
وأشارت الصحيفة إلى أن سبيس إكس ستطلق بعد ساعات من الآن من مركز كينيدي للفضاء بفلوريدا صاروخا ضخما، لم يعرف له مثيل منذ برنامج أبولو (الذي أطلقته وكالة ناسا). وسيكون "فالكون الثقيل" الذي يعمل بطاقة ثلاثة صواريخ "فالكون 9" ملحقا به، قادرا على نقل شحنة بوزن 70 طنا.
ومرة أخرى، تتجه الأنظار إلى نكات ماسك، الذي بدل أن يشحن آلته بكتل خرسانية أو بقطع من الصلب لتفريغها في الفضاء وشحنها من جديد، اختار أن يضع سيارته "تيسلا" ذات اللون الأحمر الفاقع، مشغلا عبر راديو تلك السيارة أغنية "غرائب الفضاء" للمغني ديفيد بوي.
وذكرت الصحيفة أن وضع سيارة في مدار حول المريخ، لمليارات السنين يعتبر أمرا طريفا وليس سخيفا من ناحية المخطط الترويجي. ولكن مثل هذه التصرفات تجعل المختصين يتساءلون عن الغرض من إطلاق هذا الصاروخ، فيما يرى ماسك أن هذه الخطوة تندرج ضمن هدفه لتحقيق حلمه بغزو المريخ، المخطط له في سنة 2022. وفي هذا السياق، نشر ماسك عبر تويتر ملصقات قديمة حول الخيال العلمي.
وقالت الصحيفة إن الكثير من الأثرياء يطمحون إلى إطلاق الصواريخ نحو الفضاء، على غرار إيلون ماسك من خلال مؤسسته سبيس إكس، وجيف بيزوس من خلال مؤسسته بلو أوريجن، وريتشارد برانسون مالك مؤسسة فيرجن غالاكتيك، وبول ألين عبر شركة ستراتولونش، ولاري بايج عبر مؤسسة غوغل لونر إكسبرايز، بالإضافة إلى بعض الرأسماليين الصينيين.
وأفادت الصحيفة بأنه من الخطأ أن يعتبر هذا الاندفاع نحو الفضاء مجرد شغف يحمله أباطرة وادي السيليكون للاكتشاف، فقط لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون بأموالهم. وحتى لو كان هؤلاء الأثرياء يستمتعون بما يقومون به، إلا أنهم لن ينسوا أبدا غاية تحصيل الربح، ولو على المدى البعيد.
وأوردت الصحيفة أن الإيرادات في هذا المجال تأتي من أربعة مصادر، وهي الأقمار الصناعية والسياحة والنقل والتنقيب عن المعادن. ويعتبر انفجار المجتمع الرقمي وزيادة ثروة البلدان الناشئة، من بين العوامل التي ساهمت في ارتفاع وتيرة إطلاق الأقمار الصناعية الخاصة بالاتصالات.
وتجدر الإشارة إلى أن سبيس إكس تسيطر على هذا المجال، تليها أريان سبيس التي بقيت في السباق بفضل صاروخها "أريان "6، بالإضافة إلى المنافس الآخر وهو ائتلاف الإطلاق المتحد، التابع لبوينغ ولوكهيد مارتين.
كما ذكرت الصحيفة أن السياحة كانت من بين العوامل التي شجعت الأثرياء على الاستثمار في عالم الفضاء. وفي هذا الصدد، تقدر بلو أوريجن وفيرجن غالاكتيك أن عدد السياح الأثرياء سيزيد على سطح الأرض، ما قد يخلق رغبة في السفر في رحلات فضائية، خاصة إذا انخفض خطر الحوادث أثناء هذا النوع من الرحلات إلى ما يقارب الصفر.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأثرياء يرغبون في الاستثمار في عالم الفضاء؛ من أجل توفير النقل، ويعتبر صاروخ "بيغ فاكنيغ روكيت" أحد مشاريع إيلون ماسك في هذا المضمار، وسيكون قادرا على نقل مئات المسافرين إلى القمر والمريخ، وبين مختلف أرجاء الكرة الأرضية.
وأوردت الصحيفة أن ما يجذب أصحاب الثروات نحو الفضاء هو رغبتهم في استخراج المعادن، فهم يدركون جيدا أن الوقود الجديد الذي يغذي الانتقال الرقمي والبيئي الحالي، يكمن في تلك المعادن النادرة التي لا يمكن الاستغناء عنها في صناعة كل المنتجات التكنولوجية الجديدة، على غرار البطاريات، والألواح الشمسية، والخوادم، والآلات الحاسبة، والهواتف الذكية. ومن الواضح أن الفضاء يزخر بهذه المواد، الموجودة على سطح القمر والمريخ وعدد كبير من الكويكبات الأخرى.