قالت شركة إيكيا السويدية للأثاث الأحد، إن مؤسسها إينغفار كامبراد توفي عن 91 عاما.
وقالت الشركة في بيان: "مؤسس إيكيا وإيكانو وأحد أعظم رجال الأعمال في القرن العشرين إينغفار كامبراد، توفي في منزله في سمالاند بالسويد يوم 27 يناير".
وأسس كامبراد إيكيا عام 1943 عندما كان يبلغ من العمر 17 عاما، ولكن إمبراطوريته اكتسبت شهرة عالمية عام 1956 عندما أصبحت رائدة في مجال الأثاث الذي يجري تجميعه.
وتقترب إيكيا الآن من تحقيق عائدات سنوية حجمها 50 مليار يورو (62 مليار دولار).
وقالت الشركة في البيان، إن كامبراد "ظل يعمل حتى آخر يوم في حياته، وظل مخلصا لشعاره وهو أنه ما زال هناك الكثير الذي يتعين القيام به".
وهو
كان أحد أثرى أثرياء العالم إذ قدرت ثروته عام 2017 بـ43,3 مليار فرنك سويسري
(46,43 مليار دولار) ما خوله احتلال المرتبة الثالثة بين أصحاب المليارات الأوروبيين، وفق مجلة "بيلان" الاقتصادية السويسرية.
وإلى
جانب إبداعه الاستثماري، عرف إينغفار كامبراد أيضا على أنه من رواد تقليص الأعباء الضريبية.
ففي العام 1973، غادر السويد إلى الدنمارك لينتقل بعدها سنة 1977 إلى سويسرا، حيث عاش
حتى سنة 2014 قبل قضاء أيامه الأخيرة في مسقط رأسه.
وأثارت
الهيكلية التنظيمية اللامركزية للشركة الريبة لدى جهات عدة، فالمهام الوظيفية والسياسات
الاستراتيجية وتصميم المنتجات تحصل في السويد، لكن من الناحية القانونية والمحاسبية،
تتوزع "إيكيا" على مؤسسات وشركات مختلفة في هولندا ولوكسمبورغ وسويسرا وليختنشتاين.
وفتحت
المفوضية الأوروبية في كانون الأول/ديسمبر 2017 تحقيقا في شأن الصفقات الضريبية لمجموعة
"إيكيا" في هولندا، في ظل تأكيد المجموعة السويدية التزامها بالقوانين الأوروبية
المرعية الإجراء.
ولم
تكن هذه أولى الفضائح للمجموعة السويدية.
ففي
سنة 1994، تحدثت صحيفة عن روابط بين كامبراد خلال شبابه ومجموعة نازية سويدية صغيرة
خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها. وأقر في رسالة إلى معاونيه بأن هذه المرحلة تمثل
"أكبر خطأ في حياته"، محملا المسؤولية إلى معارف قوميين اشتراكيين من أصول ألمانية لعائلته من جهة والده.
أسعار تنافسية
وبدأت
قصة "إيكيا"، وهي كلمة مركبة من الأحرف الأولى لاسم المؤسس إينغفار كامبراد
وعنوان إقامته عند تأسيس الشركة، وهو إيلمتاريد وأغوناريد، في العام 1943. وقد آثر إينغفار
حينها خوض غمار التجارة في سن السابعة عشرة في ظل نقص اهتمامه بالدراسة.
وفي
منطقة يعيش سكانها في ظروف متواضعة، بذل إينغفار جهودا للتفوق على منافسيه عبر بيع
بضائع بأسعار أرخص، خصوصا عيدان الثقاب التي كان ينقلها عبر دراجات نارية ثم الأقلام
وإطارات الصور وقطع التزيين وآلات الطباعة.
وفي
سنة 1947، بدأ ببيع أولى مفروشاته المصنعة على يد حرفيين محليين، وبدأ بعدها بأربع
سنوات بتوزيع أول كتيب للمجموعة في إصدار سنوي عرفت به "إيكيا"، وبات يوزع
منه حاليا 200 مليون نسخة.
وفي
سنة 1956، خطرت على بال موظف فكرة تفكيك طاولة لجعلها تتسع داخل صندوق سيارة. وقد طورت
"إيكيا" فكرة بيع مفروشات قابلة للتركيب محولة إياها إلى فن، وهو ما جذب
الزبائن خصوصا بفضل سهولة تركيبها وأسعارها المتهاودة.
ولدحض
الفكرة السائدة بأن المفروشات الرخيصة والقابلة للتركيب تتسم بسوء نوعيتها، فتح إينغفار
كامبراد أول متجر في مدينة اولمهولت سنة 1958 لعرض قطع الأثاث.
وبعد
خمس سنوات، بدأ كامبراد مسيرته نحو غزو الأسواق العالمية، مقتنعا بأن سر النجاح يكمن
في بيع مفروشات بأسعار بخسة وضمن معايير موحدة في كل المتاجر، مع تمويل ذاتي وتصاميم
اسكندينافية.
واعتبارا
من سبعينيات القرن الماضي بدأ بالتوسع نحو سويسرا وأستراليا وكندا وفرنسا والولايات
المتحدة وروسيا بعد سقوط الستار الحديدي، وفي آسيا والشرق الأوسط.
معركة على الإرث
وتضم
مجموعة "إيكيا" حاليا 403 متاجر موزعة على قارات العالم، وهي توظف 190 ألف
شخص.
غير
أن هذا الرجل ظل يعيش حياة بسيطة، وكان يختار ملابسه من سوق البضائع المستعملة، كما كان
يتفادى اللقاءات مع وسائل الإعلام التي كانت تسخر من سيارته القديمة من طراز
"فولفو"، ومواظبته على جمع نقاط في إطار برنامج أحد المتاجر الكبرى لمكافأة
ولاء الزبائن.
وقال
كامبراد في مقابلة نادرة أجراها في 2016 مع قناة "تي في 4" السويدية، "الاقتصاد في الإنفاق من شيم أبناء منطقة سمولاند".
وبدأ
تقاعده تدريجيا في مطلع العقد الحالي، لتسليم الأمانة لأبنائه الثلاثة قبل عودته إلى
السويد في 2014.
وقد
شكل إرث "إيكيا" موضوع معركة محتدمة بين مؤسس المجموعة وأبنائه.
فقد
أكد إينغفار كامبراد في كتاب نشر سنة 2013 بعنوان "إيكيا في طريقها نحو المستقبل"، أن أبناءه طعنوا في حقوق ملكيته للعلامة التجارية، مطالبين إياه بنسبة مئوية على المبيعات
عبر دفع ما بين 20 و30 مليار كرونة (2,45 إلى 3,68 مليار دولار) إلى المؤسسة العائلية.
وبحسب
معدي التحقيق، فإن كامبراد رضخ لهذا المطلب بعدما سئم النزاعات القضائية.