اقتصاد عربي

ماذا يعني "استيلاء" السعودية على إدارة مجموعة بن لادن؟

مجموعة بن لادن تجري حاليا مفاوضات مع الحكومة السعودية لنقل بعض الأموال إلى الدولة- أ ف ب
مجموعة بن لادن تجري حاليا مفاوضات مع الحكومة السعودية لنقل بعض الأموال إلى الدولة- أ ف ب

اعتبر خبراء ومحللو اقتصاد أن إعلان مجموعة بن لادن بشأن اتجاه بعض المساهمين للتنازل عن حصص في المجموعة للحكومة في إطار تسوية مالية، يعد تأكيدا لما تم تداوله بشأن استيلاء السلطات السعودية على إدارة إحدى أكبر شركات المقاولات العملاقة في المملكة.


وقالوا في تصريحات لـ "عربي21": "بصرف النظر عن المسمى سواء كان تنازلا أو استيلاء أو تأمينا، فهي رسالة سلبية للمستثمر الأجنبي والمحلي، على حد سواء، وتتناقض مع توجهات المملكة الاقتصادية نحو الانفتاح الاقتصادي".


يأتي ذلك بعد مرور أكثر من شهرين على حملة اعتقالات لمكافحة الفساد طالت رئيس المجموعة، بكر بن لادن، ضمن العشرات من الأمراء والوزراء الذين تم توقيفهم بتهم فساد، وأفرج عن العديد منهم لاحقا بعد تسويات مالية.


وقالت مجموعة التشييد العملاقة في بيان لها اليوم، إنها مستمرة في أعمالها مع الحكومة والتي تشكل أغلب أعمالها، بما في ذلك الأعمال في مشاريع الحرمين الشريفين والتي بدأ بعضها من عدة أشهر لإعادة تأهيل بئر زمزم ومجدول انتهاؤه قبل شهر رمضان المقبل.

 

اقرأ أيضا: مجموعة "بن لادن" تعلق على مستقبلها وتعلن "تسويات"

ونقلت وكالة رويترز أن الحكومة السعودية عينت لجنة لإدارة مجموعة شركات بن لادن والإشراف عليها، وأنها تبحث إمكانية نقل بعض أصولها إلى الدولة، بعد اعتقال رئيس مجلس إدارتها.


ومنذ احتجاز بكر بن لادن، شكلت وزارة المالية لجنة من خمسة أعضاء، بينهم ثلاثة ممثلين للحكومة للإشراف على أنشطة المجموعة ومعالجة العلاقات مع الموردين والمقاولين.


وأوضحت مصادر مصرفية وأخرى في قطاع الإنشاءات أن خطوة الحكومة تهدف إلى ضمان استمرار المجموعة في دعم خطط التنمية في البلاد، لكونها هي الأكبر في مجال الإنشاءات في السعودية، وتوظف أكثر من 100 ألف شخص.


وأضافت المصادر أنه على الرغم من أن ملكية بن لادن ما زالت مع الأسرة فإن المجموعة تجري حاليا مفاوضات مع الحكومة حول احتمال نقل بعض الأموال إلى الدولة أو ربما خفض أو إلغاء الديون المستحقة من الحكومة إلى بن لادن.


وقال مصدر مصرفي ذو معرفة تفصيلية بالمجموعة، إن الدين قد يصل إلى حوالي 30 مليار دولار، بعد أن توقفت الحكومة قبل نحو 18 شهرا عن تسوية العديد من ديونها، نظرا لانخفاض أسعار النفط.


ولم يتضح بعد ما إذا كان تعامل الحكومة مع بن لادن، قد يشكل سابقة لحالات رجال الأعمال الآخرين المحتجزين في تطهير الفساد، وفي مقدمتهم رجال الأعمال الأمير الوليد بن طلال، رئيس مجلس إدارة ومالك شركة الاستثمار العالمية المملكة القابضة.

 

السعودية تسعى لتنويع مصادر الدخل وتتخذ إجراءات اقتصادية تتناقض مع هذا التوجه


وقال الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن الجاموس، إن السعودية في الوقت الذي تسعى فيه لتنويع مصادر الدخل من خلال الانفتاح الاقتصادي وجلب الاستثمارات، تتخذ إجراءات اقتصادية تتناقض مع هذا التوجه.

 

وأضاف في تصريحات لـ "عربي21": "بغض النظر عن المسمى الرسمي أو الإعلامي لهذا الإجراء سواء تنازل أو استيلاء وأو مكافحة فساد، فهو سينعكس بالسلب على نفسية المستثمر الأجنبي في اتخاذ القرار الاستثماري الذي يركز قبل العائد الاستثماري على حرية دخول أمواله وخروجها من السوق".


وأوضح الجاموس أنه "بغض النظر عن كونه قانونيا أو غير قانوني، وبغض النظر عن حجم استثمارات مجموعة بن لادن العملاقة، فإن ما حدث إجراء طارد للاستثمار".


وتابع: "حملة مكافحة الفساد إن كانت ستطبق على الجميع دون استثناء فهذا أمر إيجابي، أما إن كانت عملية ممنهجة لتحقيق مآرب أخرى غير مكافحة الفساد، فإن ذلك سيؤثر بشكل سلبي على مناخ الاستثمار الأجنبي في السعودية، وسيضعف ثقة المستثمر الأجنبي في الإجراءات الحكومية".

 

اقرأ أيضا: مشاريع سعودية كبرى بدأت بحلم وأصبحت كابوسا.. تعرف عليها

وقال الكاتب السعودي تركي الشلهوب، عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن الحكومة تعمدت عدم دفع استحقاقات بن لادن، مما جعل الشركة عاجزة عن دفع رواتب موظفيها، ثم وضعوا ذرائع وحجج واهية من ضمنها حادثة الحرم، بعدها جاء محمد بن سلمان واستولى على الشركة.


وتعاني المملكة العربية السعودية من عجز في الميزانية يبلغ 79 مليار دولار، وفقا لـ "فايننشال تايمز"، في حين أن تراجع أسعار النفط في السنوات الأخيرة، جمد مشاريع كثيرة في السعودية، واستنزفت احتياطيات المملكة المالية إلى نحو 475 مليار دولار في هذا الخريف من ذروتها البالغة 737 مليار دولار في أغسطس/ آب 2014.

 

هذه السياسات ستؤدي إلى هروب أموال المستثمرين المحليين والأجانب


وأكد المحلل المالي، عمرو السيد، في تصريحات لـ "عربي21"، أن سياسات المملكة الاقتصادية الجديدة، ستدفع بالاقتصاد السعودي إلى الهاوية، لافتا إلى أن هذه السياسات ستؤدي إلى هروب أموال المستثمرين المحليين والأجانب، خاصة في ظل توقعات باستيلاء السلطات السعودية على شركات أخرى يرفض أصحابها إجراء تسويات مالية مع الحكومة باسم مكافحة الفساد.


وأضاف: "يبدو أن ولي العهد السعودي، لن يقتصر على مساومة بعض الأمراء ورجال الأعمال السعوديين بالحصول على جزء من أموالهم، بل ربما يمتد ذلك إلى تأميم شركاتهم والاستيلاء عليها، لصالح شركات وليدة يدعمها ابن سلمان، وهو ما سيعمق حالة الاضطراب التي يشهدها قطاع الشركات السعودي".

التعليقات (0)