قضايا وآراء

المصالحة إلى أين؟

عبد الناصر عيسى
1300x600
1300x600

تقدير موقف.. يعتقد معظم أبناء الشعب الفلسطيني بأن الحوار الهادئ والبناء هو الطريق الوحيد لحل القضايا والخلافات العالقة بين الفصائل الوطنية الفلسطينية المختلفة، وأن يكون هذا الحوار مبنيا على أسس الشراكة الوطنية، وأن تكون مجرياته وتوجهاته الأساسية على الأقل شفافة وواضحة لأبناء الشعب الفلسطيني الحريص والواعي لقضيته، وأن يكون للحوار ثمار ملموسة في الواقع المعاش.

 

من الواضح أن حوارات القاهرة الأخيرة 21 و 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 لم تستجب لآمال وتوقعات الشعب الفلسطيني، خاصة حاجته الملحة والفورية لرفع المعاناة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، التي زادتها عقوبات السيد أبو مازن.

 

على ضوء هذه النتائج ومع استمرار خيبة الأمل والإحباط في أوساط الرأي العام الفلسطيني من إمكانيات تقدم المصالحة تبرز الأسئلة الهامة التالية: ما هو مصير المصالحة؟ وأين تتجه الأوضاع في قطاع غزة على وجه التحديد؟ وماهي المسارات المحتملة لذلك؟

 

يمكن القول إن هناك خمسة سيناريوهات محتملة:

 

السيناريو الأول: وهو مبادرة أبو مازن. هذا يعني حدوث تغيير إيجابي في موقف السيد الرئيس أبو مازن، ما يدفع ويعزز المصالحة، وذلك نتيجة لأحد أو كلا السببين الآتيين:

 

أن يتوصل الرئيس إلى قناعة وبعد مدة قصيرة من الآن أن حماس لن تتنازل أكثر مما تنازلت عنه حتى الآن ومن جهة أخرى، فإن المخططات والمؤامرات ضد الشعب الفلسطيني عاجلة وملحة، خاصة ما يسمى بخطة ترامب، وبالتالي الحاجة إلى تعزيز الجبهة الداخلية ورفع مستوى الوحدة الوطنية هي حاجة سريعة وملحة، ولا تسمح بالمزيد من المناورات والتكتيكات السياسية الداخلية.

 

السبب الثاني، تزايد الاحتجاجات الشعبية وفي الرأي العام الفلسطيني وتحديدا في الضفة الغربية على استمرار التباطؤ أو الجمود في عملية المصالحة، بالتالي استمرار معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة.

 

السيناريو الثاني: استمرار الوضع القائم، ويعني أن تتعايش الأطراف المختلفة، أي الفصائل والسلطة وأبناء الشعب الفلسطيني في القطاع مع الوضع الصعب القائم حاليا، الذي قد يمكن إضافة بعض التسهيلات المحدودة عليه من قبل الأطراف القادرة على ذلك، من أجل ضمان استمراره لأطول فترة ممكنة.

 

وقد يكون هذا الوضع أفضل في حالة الانقسام السابقة، ولكنه لا يحل المشكلة الأساسية وهي المشكلة الإنسانية لذا فقدرته على الصمود الطويل هي محدودة جدا.

 

السيناريو الثالث: ويمكن تسميته بسيناريو الخضوع، وهو قيام حماس بتنازلات إضافية تتلائم مع شروط السيد أبو مازن أو ما يسميه تمكين الحكومة، وذلك من خلال تشكيل حكومة لا تشارك فيها حماس، وتشرف أو تتحكم بكل أنواع السلاح، خصوصا تلك التي بأيدي فصائل المقاومة، حتى يصبح قرار المفاوضات كما قرار المقاومة المسلحة والمستحيلة في البرنامج السياسي الخاص بالسيد الرئيس أبو مازن بيد هذه الحكومة.

 

وبمعنى آخر خضوع حماس وفصائل المقاومة الأخرى بشكل أو بآخر لمطالب أو شروط الرئيس أبو مازن.

 

السيناريو الرابع: عودة التصعيد أو العودة إلى المربع الأول، وذلك نتيجة لاستمرار الوضع القائم وغير المحتمل، والمبني على استمرار وتزايد تدهور لحالة الإنسانية لسكان القطاع من جهة، وتزايد الإحباط وخيبة الآمل من آفاق المصالحة من جهة أخرى، ما يهدد بتحويل كل هذه الطاقات إلى تصعيد ومواجهة على طول الحدود مع إسرائيل، لأنها الدولة المحتلة وهي المسؤولة الأولى عن معاناة السكان الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

بمعنى آخر عودة الأمور، لما كانت عليه قبل انطلاق عملية المصالحة الوطنية.

 

وقد يأخذ هذا السيناريو شكل أحد المسارات الثلاثة التالية:

 

1- عودة الضغوطات على أبو مازن ما يجعله يمضي بطريق المصالحة وبشروط اتفاق القاهرة 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 ودون تباطؤ أو تردد.

 

2- أن تتوجه الأمور نحو السيناريو الخامس "أي السيناريو البديل"، وهو موضح أدناه

 

3- التوجه نحو التصعيد إلى درجة الحرب مع إسرائيل.

 

* السيناريو الخامس: وهو السيناريو البديل، وهو اضطراري لمنع وصول الأوضاع في غزة إلى مرحلة الانفجار، أي منع حصول مسار الحرب مع إسرائيل، وهو يتطلب أن تتوافق الفصائل الفلسطينية كافة في قطاع غزة، وبما فيهم محمد دحلان، وبدعم وإشراف مصري، وموافقه إسرائيلية ضمنية، وبمعزل عن موافقة أو إشراك السيد أبو مازن، على العمل على ترتيب أوضاع غزة وتحديدا من حيث تحسين أوضاع السكان الفلسطينيين والتخفيف من معاناتهم الإنسانية الأساسية.

 

وهو سيناريو لا يحقق المصالحة أو الوحدة الوطنية المطلوبة، ولكنه يضع حدا للمعاناة الإنسانية غير المحتملة في قطاع غزة، من خلال توفير الخدمات الإنسانية الأساسية كإمكانيات التنقل والسفر والصحة والتعليم، وغيرها، بعيدا عن أي أبعاد سياسية داخلية أو خارجية.

 

وأخيرا، يمكن القول إن السيناريو الأول، وهو مبادرة السيد أبو مازن، يعد السيناريو المفضل لدى الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني، أما بقية السيناريوهات، فيمكن ترتيبها وفق إمكانية حدوثها على النحو التالي:

 

السيناريو الرابع وهو العودة للمربع الأول، أي"التصعيد"، فهو الأوفر حظا من ناحية الحصول، ويليه السيناريو الثاني ثم الخامس. أما السيناريو الثالث، فهو ضعيف جدا جدا، وتميل احتمالات حدوثه إلى الصفر.

0
التعليقات (0)

خبر عاجل