نشرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن أزمة
الجفاف الذي يجتاح العديد من المناطق في العالم، خاصة في الشرق الأوسط.
وأورد التقرير الأردن كبلد يعاني من شح المياه، وصعوبة تزود السكان بالماء الصالح للشراب في بعض المناطق.
وقالت المجلة، في هذا
التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن ما يحدث اليوم في عمان من جفاف وصعوبة الوصول إلى الموارد المائية سيعمم على العديد من المدن الكبرى في العالم، التي تعاني من تداعيات التغيرات المناخية، على غرار العاصمة الكينية نيروبي، وعاصمة جنوب أفريقيا كيب تاون.
وذكرت المجلة معاناة بعض المواطنين الأردنيين من سكان العاصمة عمان، حيث ذكر طارق القيسي، مهندس ميكانيك يعيش في الجزء الشرقي من المدينة، أن شهر تموز/ يوليو الماضي كان الأشد وطأة منذ زمن. فقد حرمهم سارقو الأسلاك الكهربائية من التمتع بالماء البارد بسبب تعطل الأجهزة الكهربائية، مثل المكيفات والمراوح والثلاجات.
وأوردت المجلة أن طارق وعائلته وجيرانه قد عانوا من صعوبة التزود بالماء الصالح للشرب، ما جعلهم يعتمدون على أصحاب الصهاريج الخاصة لملء خزاناتهم. ولكن ما زاد الطين بلة انقطاع الطريق، الذي حال دون دخول شاحنات الصهاريج إلى موقع سكناهم. وقد جعلهم ذلك يعتمدون على ما يحملونه بأنفسهم من مياه ويصعدون بها إلى أعلى التلة مرورا بطريق شاق.
وأكدت المجلة أن تواصل غياب قرارات حاسمة من قبل الجهات الفاعلة قد يزيد من معاناة الأردنيين. فقد أصبح نهر الأردن، المجرى المائي الوحيد في البلاد، متسخا ومستنزفا، بينما جفت بعض طبقات مياهه الجوفية. كما شهد معدل سقوط الأمطار في الأردن تراجعا كبيرا بسبب التغيرات المناخية.
وأمام الانفجار السكاني المتنامي في الأردن، وفي ظل الفقر وشح الموارد، أضحت المملكة الهاشمية عاجزة عن تنفيذ مشاريع ضخمة تعمل على تحلية المياه أو صيانة البنية المائية المتآكلة. في المقابل، لن يتمكن الأردن من استيراد المياه من المناطق البعيدة، كما فعلت بعض الجزر التي يقطنها عدد صغير من الناس في المحيط الهادئ والكاريبي.
وأشارت المجلة أن أزمة المياه في الأردن قد بلغت مستويات سيئة أدت في بعض الأحيان إلى نشوب مواجهات بين اللاجئين والسكان الأصليين والموظفين المسؤولين عن توصيل المياه إلى المنازل، بسبب تضاعف الطلب على هذه المياه مع ندرتها.
ونقلت المجلة تصريحا أدلى به الأمين العام للتخطيط الإستراتيجي في وزارة المياه والري، علي الصباح، الذي قال: "علينا أن نبحث عن مصادر للمياه من خارج الأردن، فلا وجود لمصادر المياه هنا". ومن هذا المنطلق، قد يصبح الأردن أول دولة خالية من المياه، ولكنه لن يكون الأخير، خاصة وأن التنبؤات تفيد بأن الطلب على المياه سيزيد بنسبة 50 بالمائة بحلول سنة 2050.
وأشارت المجلة إلى أن وكالة الفضاء الأمريكية قد كشفت أن21 من أصل 37 من كبرى طبقات المياه الجوفية على سطح الأرض قد استنزفت. ويعود السبب في بعض الحالات إلى الاستخراج المبالغ فيه لمياه الشرب والزراعة. في الأثناء، ساهم الاحتباس الحراري في تراجع الأمطار في بعض المناطق في العالم.
واستنادا إلى المعطيات السابقة، ذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن شخصين من بين ثلاثة أشخاص سيعانيان من قلة التزود بالمياه بحلول سنة 2025، بينما سيعاني مئات الملايين من سكان كوكب الأرض من تدهور جودة المياه وخطورتها على الصحة العامة.
وذكرت المجلة أن صعوبة التزود بالمياه في كبرى المدن سيهدد وجودها، خاصة وأن عدد سكان المناطق الحضرية لا يقل عن أربعة مليارات شخص، ومن المتوقع أن يتضاعف عددهم مع منتصف هذا القرن. وفي هذا الصدد، ستعمل طهران على تقنين استخدام المياه في القريب، فيما ستتبع الولايات المتحدة السياسة نفسها في 40 ولاية أمريكية قد تعاني من معضلة شح المياه في العقود القادمة.
ووفق البنك الدولي، يمكن لنقص المياه أن يكلف الاقتصاد العالمي قرابة 500 مليار دولار سنويا، في أفضل الأحوال. وفي أسوأ الأحوال، قد تنشب الحروب ويسود الإرهاب. كما ورد في تقرير استخباراتي أمريكي شامل صدر سنة 2012، أن استخدام المياه كسلاح أو كهدف إرهابي سيصبح أمرا أكثر رواجا بعد عشر سنوات.
وأشارت المجلة إلى أنه لدى الأردن بعض الخيارات للتقليل من حدة الأزمة. فقد أصبحت الدولة الهاشمية أكثر جدية في التصدي لشح المياه، من خلال إطلاق حملات تحفز على تنظيم النسل، أو الترفيع في أسعار المياه، أو الإطاحة بكبار بارونات المياه. وحيال هذا الشأن، قال الأستاذ بجامعة العلوم والتكنولوجيا بالأردن، سامر طلوزي، "سيبقى البعض فوق القانون، ولكن هناك تحول نحو التقليل من عدد البارونات، وبالتالي الحد من تأثيرهم".
وفي الختام، أكدت المجلة أن هناك وعيا لدى أجهزة الدولة بضرورة إجراء إصلاحات جذرية في قطاع الفلاحة، إذ يستخدم ربع المزارعين اليوم المياه المعالجة في سقي محاصيلهم، وهناك مخططات لمضاعفة هذا العدد. في هذا السياق، أورد موظف في وزارة المياه والري الأردنية أنه "إن ساند الملك مسألة ما فإن حكومته ستسانده أيضا".