مقالات مختارة

"الزايد أخو الناقص"

عاصم منصور
1300x600
1300x600

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن نسبة الفاقد في العملية العلاجية، وعن إساءة استخدام الأدوية، والإجراءات الطبية والفحوصات المختلفة من قبل الأطباء، وقلما استند هذا الحديث إلى معلومات موثقة، لكن دراسة أمريكية نشرت حديثا حاولت تسليط الضوء على هذه المشكلة من وجهة نظر الأطباء، المتهم الرئيسي بالمسؤولية عن هذا الهدر.

فقد قام الباحثون باستقراء آراء عينة مكونة من أكثر من ألفي طبيب أمريكي، أجمع معظمهم على وجود المشكلة، وبرروا أسبابها بعدة عوامل أهمها الخشية من الملاحقة القضائية فيما يعرف بـ "الطب الدفاعي", وإلحاح المرضى، وصعوبة الوصول إلى ملف المريض الطبي.

كما اعترف معظم الأطباء أن وجود فائدة مالية للطبيب تساهم في إجراء تدخلات قد لا تكون ضرورية.
وأكدت هذه الدراسة ما خلصت إليه دراسة سابقة في أن حوالي ثلث المضادات الحيوية الموصوفة للمرضى لا ضرورة لها، كما أن ربع الإجراءات التشخيصية المكلفة لا داعي لها وينطبق الأمر على إجراءات تداخلية أخرى مثل دعامات القلب وغيرها.

نسبة الفاقد في القطاع الصحي مشكلة متفاقمة، وفي تزايد مستمر رغم بعض الإجراءات التي تتخذها الدول للحد منها، حيث تقدر الدراسات أن حجم هذا الفاقد يبلغ 750 مليار دولار سنويا في الولايات المتحدة وحدها، وتعتبر الإجراءات الطبية غير المبررة وإساءة استخدام الموارد مسؤولة عن ثلثها.

ولا ينحصر الأثر السلبي لهذه الظاهرة بالعامل المادي وإنما يتعداه إلى الضرر المباشر على صحة المريض، وما مقاومة بعض أنواع البكتيريا لمعظم المضادات الحيوية والتي تؤرق العالم إلا دليل على الأثر المدمر لفوضى الاستخدام غير العقلاني للمضادات الحيوية.

كما أن النتائج العرضية التي تكشفها بعض الفحوصات التشخيصية غير المبررة يترتب عليها إجراءات أخرى قد لا يكون المريض بحاجة إليها.

في الوقت الذي يعاني فيه معظم الناس من نقص حاد في الرعاية الصحية ونقص في الأدوية والأجهزة الطبية، تهدر المليارات على إجراءات لا طائل منها.

علاج هذه المشكلة يجب أن يبدأ من كليات الطب بغرس مبادئ الاستخدام العقلاني للمواد المتوفرة، ثم من خلال اعتماد بروتوكولات علاجية تستند إلى الأدلة العلمية يتم تطبيقها من قبل الجميع، ثم بسهولة الوصول إلى ملفات المرضى من خلال الملفات الإلكترونية، التي يمكن الوصول إليها من قبل جميع مقدمي الخدمة الصحية.

الغد الأردنية

0
التعليقات (0)