هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رسمت عودة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري المشروطة عن استقالته علامات استفهام حول حقيقة ما يدور الحديث عنه لجهة تفلت لبنان من صراع المحورين الإيراني- السعودي والعودة إلى قاعدة "صنع في لبنان".
وفيما يعتبر بعض المراقبين أن الحريري خرج من عباءة التبعية المطلقة للسعودية بعد ما أشيع عن تعرضه للإهانة والتقييد في الحرية خلال تواجده في المملكة، يرى آخرون أنّ العامل الدولي لا سيما الفرنسي، منح الحريري دافعا وغطاء للقبول بطلب رئيس الجمهورية ميشال عون بالتريث عنها بانتظار محاولة معالجة الأسباب والمسببات.
وعلى وقع التساؤلات والتوقعات، أكد تيار المستقبل لـ"عربي21" أن "الموقف السعودي من قرار الرئيس الحريري تعبر عنه القيادة في الرياض"، ورأى النائب عن التيار محمد قباني أن المرحلة الحالية هي "التقاط أنفاس بانتظار نتائج الحوار حول تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية".
اقرأ أيضا: الحريري يخطب أمام مناصريه: باق معكم وأنا اليوم ببيتي ببيروت
وعلى الموجة ذاتها، شدّد التيار الوطني الحر التابع لرئيس الجمهورية في تصريحات لـ"عربي21" على لسان النائب آلان عون أن "النأي بالنفس والوحدة الوطنية هي السقف الذي يجب أن يجمع اللبنانيين كافة".
المستقبل: مرحلة التقاط الأنفاس
وقال النائب عن تيار المستقبل محمد قباني: "نتوقع فترة من التنفس، لكنّ الأزمة مازالت موجودة وهي قيد المعالجة من دون أن يرتبط حلّها بالعنصر زمني"، موضحا في تصريحات لـ"عربي21": "يتاح للحكومة في الوقت الراهن استئناف نشاطها بشكل اعتيادي خصوصا بما يتعلق بالأمور الضرورية، ومن أهم الملفات التي كنّا نناقشها خلال تواجدنا في القصر الجمهوري ملف تلزيم شركات الغاز".
وعن الخطوات السياسية المقبلة المتوقعة في لبنان، قال قباني: "سيدور نقاش غير علني لتمكين الرئيس عون في حواره مع حزب الله ومحاولة دفعه في اتجاه مواقف الرئيس الحريري الأخيرة".
ورأى أن الجهد اللبناني سيكون كبيرا على الصعيد الدولي، وقال: "الدور الروسي مهم في الضغط على إيران لرفع تدخلاتها عن الساحة اللبنانية، والنأي بلبنان عن الصراعات الإقليمية"، مشيرا إلى أهمية "الدور الفرنسي أيضا في تحييدنا عن الصراعات وحضور الموقف المصري باعتبار القاهرة الشقيق العربي الأكبر".
اقرأ أيضا: أبرز المحطات والأحداث منذ إعلان الحريري استقالته المفاجئة
وعمّا إذا كانت القيادة السعودية موافقة على تراجع الرئيس الحريري عن استقالته، قال قباني: "لا يمكننا الإجابة بشكل قاطع عن موقف المملكة لأنّ القرار والموقف يصدر من الرياض وتحديدا من خلال ولي العهد محمد بن سلمان"، غير أنّه توقع أن تلتقط السعودية الأنفاس في المرحلة الحالية بانتظار ما ستؤول إليه الأمور، وقال: "لا يضر إذا انتظرت القيادة السعودية نتائج الحوار في لبنان على أمل تحقيق خطوات إيجابية".
تيار عون: نتبنى "النأي بالنفس"
بدوره، قال النائب عن التيار الوطني الحر آلان عون في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "نحاول الخروج من الأزمة بأقل الأضرار على لبنان، وما قام به رئيس الجمهورية من دعوة إلى رئيس حكومته بالتريث عن الاستقالة يصب في هذا الاتجاه"، مؤكدا: "هناك فترة عمل وبحث في أسباب الاستقالة بانتظار معالجتها والدفع بالوضع السياسي في لبنان إلى الاستقرار الذي ننشده جميعا".
وأثنى النائب عون على ما اعتبرها "صوابية خيارات ومواقف رئيس الجمهورية"، فقال: "لطالما شدّد الرئيس عون مع بداية الأزمة على حصرية البت في الاستقالة داخل لبنان، ورغم قساوة التطورات غير أنّ النتيجة في نهاية المطاف جاءت إيجابية بعد عودة الرئيس الحريري وتريثه في استقالته".
وأضاف: "العام الماضي من العهد تميّز بقرارات نابعة من قناعات لبنانية بعنوان (صنع في لبنان)"، مستدركا: "العامل الإقليمي ساهم بالتأكيد في تدعيم المواقف اللبنانية والمساعدة على حلّ المشاكل والمعوّقات".
وعن الاستراتيجية المتوقع التوافق عليها لبنانيا، قال: "نحن نتبنى سياسة النأي بالنفس عبر رفض الانخراط في النزاعات العربية- العربية"، مؤكدا: "الأولوية تكمن في الاستقرار الداخلي والحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى".
الدور الدولي
من جهته، اعتبر الكاتب والمحلّل السياسي جورج علم أنّ "الرئيس الحريري لم يكن مقتنعا أساسا بالاستقالة بدليل الجهد الذي قام به قبل إعلانه عنها في أكثر من اتجاه وتخطيطه لإجراء الانتخابات النيابية".
واعتبر علم في تصريحات لـ"عربي21" أن الرئيس عون "أفشل مخططا كان يستهدف عهده من خلال إيجاد فراغ على مستوى رئاسة الحكومة على وقع الاشتباك السياسي الذي كان يخطّط له".
أما عن الدور الدولي في دفع الحريري إلى التراجع عن الاستقالة، فيقول علم: "هناك قناعة دولية بعدم تأزيم الأوضاع وتفخيخ الساحة اللبنانية"، مشيرا إلى وجود "غطاء دولي وإقليمي غير مسبوق لمنع تدهور الحياة السياسية باتجاه الفوضى، وهذا ما عبرت عنه البيانات الرسمية للحكومات إلى جانب الحراك الديبلوماسي الذي قادته فرنسا بشكل واضح بالإضافة إلى مصر والجامعة العربية".
ورأى المحلل السياسي أن موقف السعودية كان يصب لصالح الجانب الأميركي، وقال: "مواقف القيادة السعودية انسجمت مع مخططات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لجهة إبراز قدرتها على تفجير الأوضاع على الساحة اللبنانية، وهي المقرّ الطبيعي لحزب الله".
ورأى أن بيان الجامعة العربية الأخير "تلاقى مع مواقف الإدارة الأميركية التي تحدّثت عن استراتيجية جديدة لمواجهة إيران، والتضييق على حزب الله".