هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع استمرار انخفاض سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار، وانعكاس ذلك على زيادة معدلات التضخم السنوي من 8.7% إلى 9.8%، تزايدت حدة التقديرات التشاؤمية لوضع الاقتصاد التركي، وسط توقعات لبعض المحللين بدخول تركيا في أزمة مالية مع بداية عام 2018.
واستند المحللون في تقديراتهم للانتقاد الذي وجهه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى البنك المركزي، أمس، قائلا: "إن غياب التدخل الحكومي في السياسة النقدية يثقل كاهل تركيا بتضخم مرتفع وقد يفضي إلى تباطؤ في الاستثمار".
وأوضح أردوغان، الذي يرغب في خفض أسعار الفائدة لتشجيع الإقراض والاستهلاك والبناء بهدف تعزيز الاقتصاد، أن "اجتماعا قد ينعقد الأسبوع القادم مع رئيس الوزراء والوزراء المختصين وبنوك الدولة لمناقشة مسألة أسعار الفائدة المرتفعة، وفقا لوسائل إعلام تركية.
وتعرضت الليرة التركية لخسائر تجاوزت 2% منذ بداية شهر نوفمبر الجاري، بفعل صعود ملحوظ لمعدل التضخم، والترويج لمخاوف متعلقة بأداء الاقتصاد.
اقرأ أيضا: إجراءات عاجلة من "المركزي التركي" لوقف تراجع الليرة
وحول تأثير انخفاض سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار على الاقتصاد التركي، استبعد ذلك الخبير الاقتصادي، عبد الحافظ الصاوي، مؤكدا أن الجزء الأكبر من هذا الانخفاض مرتبط بارتفاع سعر صرف الدولار أمام كافة العملات الأجنبية وليس الليرة فقط.
وأكد الصاوي في تصريحات لـ "عربي21"، أن التقديرات التشاؤمية لمؤشرات الاقتصاد التركية تعد نوعا من الحرب النفسية التي تغذيها دولا إقليمية بهدف التأثير على سمعة الاقتصاد التركي، وإضعاف دور تركيا في المنطقة.
وأضاف: "لأسباب داخلية وخارجية اقترب سعر صرف الدولار من 4 ليرة تركية خلال الأشهر الماضية ثم انخفض إلى 3.40 ليرة تركية"، مشيرا إلى أن ما يحدث الآن من ارتفاع سعر صرف الدولار أمام العملات الأجنبية لن يستمر كثيرا لأنه يضر بالاقتصاد الأمريكي، كما أن أمريكا تسعى للتخلي عن سياسة الدولار القوي.
وقال الصاوي: "ما يميز الاقتصاد التركي أنه يمتلك قاعدة إنتاجية قوية ويعتمد بنسبة كبيرة على الاقتصاد المحلي، فضلا عن أن الحكومة التركية تستثمر انخفاض قيمة الليرة في زيادة صادراتها"، لافتا إلى أن الصادرات التركية شهدت زيادة كبيرة خلال فترة انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار، وارتفعت معدلات النمو داخل تركيا في الربع الأول من العام المالي الجاري إلى 5% وفي الربع الثاني إلى 5.2%، وسط توقعات بوصول معدلات النمو إلى 7% في نهاية العام المالي الجاري.
اقرأ أيضا: دير شبيغل: كيف حققت تركيا طفرة اقتصادية في عهد أردوغان؟
وارتفعت قيمة الصادرات التركية خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام في الفترة بين كانون الثاني/ يناير وحتى تشرين الأول/ أكتوبر، بنسبة 11 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتبلغ 128 مليارا و659 مليونا و921 ألف دولار.
ووفقا لبيانات التي أصدرها مجلس المصدرين الأتراك، فقد احتلت ألمانيا المرتبة الأولى في قائمة الدول العشرين الأكثر استيرادا من تركيا، بزيادة بلغت 7.3 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، بقيمة وصلت 12 مليارا و234 مليونا و761 ألف دولار.
بينما احتلت المرتبة الثانية المملكة المتحدة بقيمة بلغت 7 مليارات و664 مليونا و201 ألف دولار، وتلتها العراق بقيمة بلغت 6 مليارات و787 مليونا و626 ألف دولار، ثم إيطاليا بقيمة بلغت 6 مليارات و732 مليونا و545 ألف دولار، والولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 6 مليارات و727 مليونا و735 ألف دولار.
واتفق الخبير الاقتصادي، عبدالله الحماده، في وجود قوى إقليمية تحاول التأثير على الدور التركي في المنطقة باللعب على وتر ضرب الاقتصاد، والترويج لتقديرات مبالغ فيها، مؤكدا أن نمو الاقتصاد التركي يسير بصورة تصاعدية جيدة جدا، ولا يمكن أن يتراجع بشكل سريع كما يقول البعض.
وأشار الحماده، خلال حديثه لـ "عربي21"، إلى أن "انخفاض سعر صرف الليرة التركية سببه عوامل سياسية أكثر منها تغيرات اقتصادية"، مضيفا: "لأول مرة تركيا تضخ مليار و400 مليون دولار في البنوك المحلية بسبب التغيرات السريعة التي طرأت على سعر صرف الليرة خلال اليومين الماضيين".
وأردف: "ما يؤكد أن انخفاض سعر صرف الليرة يعود بشكل رئيسي لأسباب ومواقف سياسية، هو أن هذا الانخفاض يصاحبه زيادة في معدلات النمو، والسياحة والصادرات".
اقرأ أيضا: هل يتأثر الاقتصاد التركي بأزمات أنقرة الدبلوماسية؟
وأكدت وكالة موديز للتصنيف الائتماني في تقريرها السنوي، حول أداء الاقتصاد التركي، أن الائتمان التركي حقق توازن للاقتصاد المقاوم والتمويل العام بمواجهة المخاطر السياسية والتطورات الخارجية.
وقال التقرير إن وكالة موديز لم تجري أي تغيير في التصنيف الائتماني التركي وتوقعات نمو الاقتصاد في البلاد، مشيرا أن النمو المستقر للاقتصاد التركي وحسن إدارة معايير الدين العام، يشكلان أرضية هامة للائتمان.
وكانت وكالة موديز رفعت في نهاية أغسطس/آب الماضي، سقف توقعاتها لنمو الاقتصاد في تركيا من 2.6 بالمئة إلى 3.7 بالمئة للعام الجاري.
ومن جانبه، أكد وزير الاقتصاد التركي سيد نهاد زيبكجي، أن عام 2018 ستكون سنة جيدة فيما يتعلق بمعدلات التضخم، قائلا: "سيكون عام سنلمس فيه هذا التحسن بشكل ملحوظ".
وفيما يتعلق بارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة، قال زيبكجي، في كلمته بالمؤتمر الدولي الثاني لسيدات الأعمال بتركيا، إن الأمر برمته عباره عن مضاربات، موضحا أن الإيفاء بكافة مستحقات القطاع الخاص والدين العام مضمون حاليا بنسبة 100% في غضون عام واحد فقط.
وتابع: "لا وجود لأي مشاكل، لدينا بعض الصعوبات فيما يتعلق بالمضاربات، واقتصاد البلاد وبكل تأكيد يستطيع حل هذه المعضلات في إطار القواعد الخاصة به".