تلجأ بعض الأنظمة لوسائل عدة للتأثير على الرأي العام في دولها، ويعد الإعلام الجديد من أهمها على الإطلاق، حيث أصبحت هذه الحكومات تستغل الشبكة العنكبوتية لبث الأفكار التي تتناسب وأجندتها، وإيصالها لشعوبها.
وتستخدم هذه الدول ما يسمى بـ"
الجيوش الإلكترونية"، فبحسب تقرير صادر عن منظمة "بيت الحرية" الأمريكية، استندت فيه لدراسة أجرتها شملت 65 دولة تبين اتباع 30 دولة منها لهذه الطريقة للتأثير على الرأي العام.
وأشار التقرير في بدايته لروسيا وسعيها للتأثير على نتائج الانتخابات في عدد من الدول الغربية، وقالت المنظمة: "لعبت تكتيكات التلاعب والتضليل دورًا هامًا في الانتخابات في 17 دولة أخرى على الأقل خلال العام الماضي".
وتابعت: "أضرت هذه الأساليب بقدرة المواطنين على اختيار قادتهم استنادًا على أخبار واقعية ونقاش حقيقي".
ولفتت المنظمة الأمريكية في تقريرها السنوي إلى أن معظم هذه الحالات تم فيها استخدام مثل هذه الأساليب داخل حدود الدول نفسها للحفاظ على سيطرتها على السلطة، بعكس ما قامت به روسيا حين استخدمتها للتأثير على انتخابات خارج أراضيها.
وتم التلاعب بالرأي العام من خلال وسائل التواصل الاجتماعي حتى من الدول التي لم يكن فيها انتخابات العام الماضي، وقامت هذه الحكومات باستخدام "جيوش صانعي الرأي" من أجل نشر وجهات نظر الحكومة، ودفع أجندات خاصة، ومواجهة نقاد الحكومة على وسائل الإعلام الاجتماعية.
ووجدت مؤشرات قوية في 30 بلدا، أنه يتم دفع المال لأفراد تكون مهمتهم تشويه المشهد لصالح الحكومة، دون الاعتراف بمن دفعهم لفعل ذلك، ويرتفع هذا العدد في كل عام منذ صدور التقرير الأول في عام 2009.
وتبين في عام 2016 أن هناك 23 بلدًا فقط تستخدم نفس النوع من التجنيد الموالي للحكومة.
وقال التقرير: "هذه الممارسة أصبحت في الآونة الأخيرة أكثر انتشارًا وتطورًا من الناحية التقنية، مع وجود البرامج الآلية، ومنتجي الدعاية، ووسائل الإعلام المزيفة التي تستغل وسائل الإعلام الاجتماعية وخوارزميات البحث فيها لضمان الوضوح والاندماج السلس مع المحتوى الموثوق به".
وأشار إلى أن آثار هذه التقنيات المنتشرة على الديمقراطية والنشاط المدني قد تكون مدمرة، وذلك من خلال تعزيز الإدراك الكاذب الذي يقف معظم المواطنين إلى جانبه.
وبحسب التقرير أصبحت السلطات نتيجة للدعاية المزيفة التي ينشرونها، قادرة على تبرير عمليات القمع للمعارضة السياسية والنهوض بالتغييرات المناهضة للديمقراطية في القوانين والمؤسسات دون مناقشة سليمة.
ووصفت المنظمة بتقريرها بعضا من الأشكال التي يأخذها هذا التلاعب، وضربت مثالا على ذلك الفلبين، حيث يتجلى ذلك من خلال ما يسمى بـ "جيش لوحة المفاتيح"، بدفع 10 دولارات يوميًا لإنشاء حسابات وسائل إعلام اجتماعية وهمية.
ودعمت هذه الحسابات الوهمية "رودريغو دوتيرت" في الفترة التي سبقت انتخابه في العام الماضي رئيسا للفلبين، ودعمت أيضًا قمعه لتجارة المخدرات هذا العام.
وأشار إلى نهج الحكومة السودانية الأكثر مباشرة، حيث قامت وحدة داخل جهاز الاستخبارات في البلاد بإنشاء حسابات وهمية لتفريق الدعم للسياسات الحكومية وإدانة الصحفيين المهمين.
وقالت "سانيا كيلي" مديرة مشروع الحرية على الشبكة: "تستخدم الحكومات الآن وسائل التواصل الاجتماعي لقمع المعارضة وتقديم أجندة مناهضة للديمقراطية. وليس من الصعب اكتشاف هذا التلاعب فحسب، بل هو أكثر صعوبة من الأنواع الأخرى من الرقابة، مثل حجب المواقع، لأنها مشتتة بسبب العدد الهائل من الناس والبرامج الآلية المنتشرة للقيام بذلك".
وأضافت: "إن خلق دعم الشعبي لسياسات الحكومة على وسائل الإعلام الاجتماعية ينتج حلقة مغلقة يصنع فيها النظام تأييدًا أساسيًا لنفسه، في حين يترك المجموعات المستقلة والمواطنين العاديين خارجها".
والجدير بالذكر أن بعض المعارضين لدول عربية مثل السعودية والإمارات ومصر، أشاروا لوجود لجان إلكرتونية مهمتها بث الإخبار بحسب وجهة نظر حكومات هذه الدول.
وساهمت هذه اللجان مثلا في مصر بتأليب الرأي العام ضد حكم الرئيس مرسي، وكانت تشير إلى أن مرسي يتلقى أوامره من مكتب الإرشاد، بحسب المعارضة المصرية.