هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اعتقلت السلطات الأمنية المغربية تلميذا قاصرا اعتدى على أستاذه بإحدى الثانويات التأهيلية بورزازات (جنوب المغرب)، وذلك بعدما انتشر فيديو الحادث على نطاق واسع مخلفا غضبا شديدا بين نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وظهور دعوات للعديد من الأساتذة للاحتجاج في مختلف المدن تطالب بـ"إعادة الاعتبار لكرامة رجال ونساء التعليم"، على حد تعبيرهم.
الاعتداء
وأقدم تلميذ يتابع دراسته بثانوية "سيدي داود" بورزازات، على الاعتداء جسديا على أستاذه داخل الفصل، حيث أظهر شريط فيديو، جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، السبت، التلميذ وهو ينهال بالضرب على أستاذه داخل القسم، في حين حاول بعض التلاميذ ثنيه عن فعلته لكن دون جدوى، حيث عاد التلميذ المعتدي للمرة الثانية للانفراد بالأستاذ، ووجه له عدة لكمات على مستوى الوجه أسقطته أرضا، لينهال عليه بالضرب والرفس، وسط ذهول زملائه.
التوقيف
وبعد الانتشار الواسع للشريط، أصدرت السلطات الأمنية بالمدينة بلاغا أعلنت فيه عن توقيفها، صباح الأحد، للتلميذ الذي اعتدى على أستاذه، والبالغ من العمر 17 سنة.
وأفاد بلاد المديرية العامة للأمن الوطني "أن الأبحاث الأولية أظهرت عدم تسجيل أية شكاية في الموضوع، سواء من قبل الضحية أو الإدارة التربوية"، مشيرة إلى أن "الأبحاث التي باشرتها مصالح الأمن بناء على المعطيات الواردة في شريط الفيديو، مكنت في ظرف وجيز من تحديد هوية المشتبه به، الذي تم توقيفه صباح اليوم وإخضاعه لبحث قضائي بناء على تعليمات النيابة العامة المختصة".
دعوات للاحتجاج
وتداول عشرات الأساتذة على "فيسبوك"، دعوات للاحتجاج يوم الخميس 16 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، في مسيرة وطنية بالرباط، مناشدين النقابات التعليمية وتنسيقيات الأساتذة والهيئات الحقوقية والمدنية، بتبني الخطوة الاحتجاجية والانخراط فيها، مطالبين بإلغاء المذكرة الوزارية 867\14 بشأن القرارات التأديبية المتخذة من طرف مجالس الأقسام.
كما دعا أساتذة آخرون على مجموعات وصفحات خاصة بالأساتذة على "فيسبوك"، إلى تنظيم وقفات أمام المديريات التعليمية بالمدن، والاحتجاج لمدة ساعة كاملة بكل المؤسسات التعليمية بالمملكة غدا الثلاثاء، وحمل الشارة السوداء لمدة أسبوع، مع مسيرة وطنية مصحوبة باعتصام نهاية الأسبوع المقبل.
فعل إجرامي
ووصف العديد من نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، غالبيتهم من الأساتذة، ما قام به التلميذ في حق أستاذه بـ"الفعل الإجرامي"، حيث دعا أحد الأساتذة على حسابه إلى "تحريك متابعة جنائية في حق التلميذ المعتدي كفاعل أصلي في جريمة الضرب والجرح والاعتداء على موظف عمومي أثناء قيامه بعمله، ومتابعة زملائه الآخرين الذين ظهروا في الفيديو بتهمة المشاركة والمساهمة في هذا الفعل الجرمي الشنيع".
من جانبه قالت البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي، حنان رحاب، إن الفيديو الذي يوثق لهذا "الفعل الإجرامي" يلخص وضعية المدرسة المغربية وانهيار المجتمع، معتبرة أن تفاقم حوادث الاعتداء على رجال التعليم من طرف تلامذتهم كظاهرة غريبة على الجسم التربوي المغربي، تجعلنا ندق ناقوس الخطر حول تكرار هذه الاعتداءات التي تدل على وجود اختلالات عميقة داخل الجسم التربوي المعول عليه في تنشئة رجال الغد.
القيادي في حزب الاستقلال، عادل بنحمزة، قال في تدوينة له، إن "ما شهدته إحدى المؤسسات التعليمية بورزازات من اعتداء وحشي لتلميذ على أستاذه داخل الفصل الدراسي، أمر يتجاوز المجلس التأديبي داخل المؤسسة إلى القضاء الذي يجب أن ينصف الأستاذ ويمنح ذلك التلميذ الجانح فرصة لإعادة التربية من أجل إعادة إدماجه". معتبرا أن "المشكلة هي أن مراكز الجانحين ببلادنا بالنسبة للقاصرين، تبقى عاجزة تماما عن أداء وظيفتها نظرا للإهمال الذي تتعرض له منذ سنوات".
اعتداء شنيع
وقررت المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بورزازات، تقديم شكاية لوكيل الملك، وإيفاد لجنة إقليمية للوقوف على حيثيات الواقعة واتخاذ الإجراءات التربوية والتأديبية اللازمة، واصفة ما حدث بأنه "اعتداء شنيع"، فيما أعلنت الأكاديمية الجهوية لوزارة التربية الوطنية بجهة درعة تافيلالت، عن إدانتها وشجبها الشديدين لـ"هذا السلوك اللاتربوي"، معبرة عن تضامنها المطلق مع الأستاذ وزملائه وأفراد عائلته.
الضحية يعاني من مشاكل نفسية
وكشف نشطاء حقوقيون عن أن الضحية يعاني من مشاكل نفسية، لافتين إلى أن إدارة المؤسسة سبق لها أن راسلت المديرية الإقليمية للتربية والتكوين بورزازات من أجل نقل الأستاذ إلى مؤسسة أخرى بعد الاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها، إلا أنه بعد تكليفه لمدة معينة بتدريس أقسام الإعدادي أعيد مرة أخرى للتدريس بأقسام الثانوي.
وأضاف النشطاء أن "التلاميذ لن يتفهموا أن يكون الأستاذ يعاني من مشاكل صحية قد تجعله يسبهم ويهينهم وهم بالطبع قد يثورون وقد يعتدون عليه لفظيا وجسديا".
وكان عدد من التلاميذ السابقين للأستاذ المعتدى عليه والذي يدرس مادة الاجتماعيات، كتبوا شهادات على صفحاتهم بـ"فيسبوك" تفيد أن الضحية كان "يقوم بالاعتداء عليهم داخل الفصل الدراسي بسوء معاملته لهم والتلفظ بالكلام النابي داخل الفصل الدراسي"، وسبق أن قدموا شكاية إلى مدير المؤسسة وإلى نائب وزير التربية الوطنية بورزازات لكن دون جدوى، على حد تعبيرهم.