سياسة عربية

طلاب من الجزائر يحاصرون مركز الثقافة الفرنسي.. لماذا؟ (صور)

الطلبة يتطلعون للالتحاق بالجامعات والمعاهد بفرنسا بغرض الهجرة- عربي21
الطلبة يتطلعون للالتحاق بالجامعات والمعاهد بفرنسا بغرض الهجرة- عربي21

يحاصر المئات من خريجي الجامعات بالجزائر، منذ يوم أمس، 29 تشرين الأول/ أكتوبر، بوابة المركز الثقافي الفرنسي من أجل اجتياز اختبار الكفاءة باللغة الفرنسية، للالتحاق بالجامعات والمعاهد بفرنسا بغرض الهجرة.


وأثارت حشود الجزائريين، قبالة المركز الثقافي الفرنسي، وأغلبهم من حملة الشهادات الجامعية، ومنهم من هو في طور الدراسة بالجامعة، صدمة لدى قطاع واسع من الجزائريين، الذين تداولوا صور طوابير الطلبة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي مرفقة بتعليقات ساخرة عن الوضع الاجتماعي المعاش، الذي دفع بهؤلاء إلى التشبث بحلم الهجرة إلى أوروبا.


وزادت أعداد الجزائريين العاطلين عن العمل بشكل لافت خلال العامين الأخيرين، بالتوازي مع رسم الحكومة الجزائرية خطة تقشف صارمة، فرضها انهيار أسعار النفط، الذي يشكل 97 بالمائة من صادرات الجزائر، بينما تقلصت عائدات الخزينة العمومية إلى حدود 100 مليار دولار بعدما كانت تمثل 296 مليار دولار العام 2015، بحسب الأرقام التي قدمها البنك الوطني الجزائري، في أيلول/ سبتمبر الماضي.


 وأعلن الديوان الوطني للإحصاء بالجزائر، في تقرير أصدره شهر يوليو/ تموز الماضي، أن نسبة البطالة بلغت 11 بالمائة، لكن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، تطعن بهذا الرقم وتؤكد أنها فاقت 23 بالمائة.


ارتفاع نسبة البطالة

 
 وقال هواري قدور، عضو الرابطة بتصريح لصحيفة"عربي21"، الاثنين عن الأرقام التي تقدمها الجهات الرسمية، أنها "غير صحيحة، ويراد منها إعطاء انطباع عن جدوى سياسة التشغيل التي رسمتها الحكومة لفائدة الشباب وهذه مغالطة". متابعا: "نسبة العطالة عن العمل بالجزائر لا تقل عن 23 بالمائة، بحسب الإحصاءات التي قامت بها مكاتب الرابطة بالمحافظات".


وضمن خطة التقشف التي انتهجتها الحكومة الجزائرية، برسم الموازنة العامة للعام 2016 ثم العام الجاري 2017 ومنتظر أن تدوم إلى غاية 2019، تم توقيف عمليات التوظيف بالإدارات العمومية والشركات الاقتصادية، بالتوازي مع رفع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، والحد من الاستيراد ورفع أسعار الوقود و الكهرباء و الماء.

مستوى قياسي للهجرة السرية 


وبلغت الهجرة السرية للجزائريين، خلال شهري أيلول/ سبتمبر، وتشرين الأول/ أكتوبر، مستوى قياسي، بالمقارنة مع الشهور السابقة، إذ توقف قوات حراس السواحل الجزائرية، يوميا، العشرات من الشبان، وهم يستعدون لركوب القوارب باتجاه أوروبا، وأوقفت ذات القوات، الأحد، 43 شابا كانوا على أهبة الهجرة السرية بشاطئ محافظة عنابة شرق الجزائر، بينهم أطفال ونساء.


 ويجرم قانون العقوبات الجزائري معتزمي الهجرة غير الشرعية، بالسجن من ستة شهور إلى 12 شهرا وبغرامات مالية.

 

اقرأ أيضا: الجزائر تقترب من رفع أسعار الوقود.. والغلاء ينتظر المواطنين


لكنه وبحسب الحقوقي هواري قدور، فإن "الحكومة الجزائرية، لم تفلح في ردع المهاجرين غير الشرعيين نحو الضفة الشمالية (أوروبا)، وعكس ذلك، سجلت الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، تضاعفا مقلقا لأعداد المهاجرين، الذين يركبون "قوارب الموت" باتجاه فرنسا أو إيطاليا أو إسبانيا".


 وتفاعل الجزائريون، مع حشود خريجي الجامعات قبالة المركز الثقافي الفرنسي من أجل اجتياز اختبار الكفاءة باللغة الفرنسية، بكثير من السخرية من الحكومة، التي وبحسبهم، كانت السبب في تدافع تلك الجموع الغفيرة بغرض افتكاك فرصة للهروب إلى فرنسا.


إهانة..

 
وزاد من استياء الجزائريين من تلك المشاهد، تزامنها مع تخليد الذكرى الـ63 لاندلاع الثورة ضد الاستعمار الفرنسي (1 تشرين الثاني/ نوفمبر 1954)، إذ يعتقد أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر، الدكتور بوجمعة سعدون أن "تدافع الجزائريين أمام هيئة فرنسية بغرض الهجرة إلى فرنسا (المستعمر السابق) إهانة لمليون ونصف مليون شهيد".


 وقال سعدون بتصريح لصحيفة "عربي21"، الاثنين: "لا ألوم هؤلاء الشبان الباحثين عن فرص العيش الكريم في ما وراء البحار، وهذا من حقهم، ولكني ألوم حكومة بلادهم التي عجزت عن توفير مناصب شغل تسد رمقهم وعائلاتهم، فهؤلاء أغلبهم من الطبقة الفقيرة في الجزائر".


وبحسب سعدون، فإن "الحكومة الفرنسية تسعى إلى مضاعفة عدد الطلبة الأجانب الذين يدرسون في المعاهد والجامعات الفرنسية والمقدر عددهم حسب أرقام سنة 2015 بـ 310 آلاف طالب أجنبي".


 مضيفا: "الحكومة الفرنسية رتبت مطلع العام 2025 لتحقيق هذا التحدي الذي يهدف حسبها، إلى تقوية التأثير الاقتصادي والثقافي الفرنسي في العام ونشر اللغة الفرنسية وتطوير البحوث العلمية التي تعد وقود "التنافسية العالمية"".


وحذر سعدون مما أسماه "عملية إفراغ الجزائر من فئاتها الوسطى"، متسائلا: "من يهاجرون في العادة، هم الفقراء أو الطبقات المحرومة، لأسباب اقتصادية من أجل تحسين مستواهم المعيشي، إضافة إلى هذا، فإن تدافع المثقفين نحو هجرة بلدهم، له أسبابه أيضا وتختزل بفقدان الثقة في حكومة بلدهم والخوف على مستقبلهم".


على الجانب الآخر، احتج التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أحزاب السلطة بالجزائر ويرأسه الوزير الأول أحمد أويحي، على "محاولة البعض تشويه صورة الجزائر"، على إثر النشر على نطاق واسع، مشاهد الآلاف من طلبة الجامعة في طوابير أمام المعهد الثقافي الفرنسي.


 وأدان التجمع في بيان، الاثنين، ما أسماه "القراءات المضللة التي صاحبت مشهد تدافع الطلبة الجزائريين أمام الهيئة الفرنسية"، متابعا: "مؤسف أن كل التعليقات والقراءات اتجهت نحو اعتبار الظاهرة عاكسة لرغبة شعبية في هجرة البلد".


وذكر البيان أن "الأمر ليس قضية حرَاقة (الهجرة) بل هو شباب جامعي باحث عن العلم". وساق الحديث، غير الثابت عن النبي الكريم، قوله "اطلبوا العلم ولو في الصين".


وأورد بيان الحزب أن "الطلبة الذين اصطفوا في طابور طويل ومكثف، لا يريدون مغادرة البلاد بلا رجعة، وإنما المشاركة "في اختبار لغوي للتأكد من مستوى الطلبة، لمتابعة الدراسات العليا الجامعية في فرنسا".


وبحسب وزارة الجامعات بفرنسا، فإن "الدول المغاربية (الجزائر، تونس، المغرب) تمثل حوالي 72 ألف طالب من مجموع 310 آلاف طالب مسجل بالجامعات الفرنسية، أي ما يقارب الثلث، بينما تأتي في المرتبة الثانية دول الساحل والصحراء (السينغال، الكامرون وكوت ديفوار) بحوالي 62 ألف طالب بفرنسا".



التعليقات (1)
كريم
الأربعاء، 01-11-2017 06:51 ص
بعد عام ستبقى إلا النساء في الجزائر نقصان كبير عدد السكان