هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كتب ديفيد زوكينو تقريرا في صحيفة "نيويورك تايمز"، يقول فيه إن تنظيم الدولة طرد من مناطق العرب السنة، لكنهم لا يزالون مهمشين.
ويقول الكاتب في تقريره، الذي كتبه من بلدة الكرامة، إن سرحان سلوم، الذي عاد بعد طرد التنظيم من بلدته العام الماضي، ليجد أن بيته قد دمر، وهو يبلغ 70 عاما، انتظر بصبر الحصول على دعم، ورغم أنه لا يتوقع الكثير من الحكومة الشيعية في بغداد، إلا أنه يشعر بالغضب لعدم تقديم الجماعات السنية المحلية والسياسيين الدعم له، حيث قال: "هؤلاء السياسيون سنة، ومن المفترض أن يساعدونا"، وأضاف: "لا فائدة منهم".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد 14 عاما من الغزو الأمريكي، فإن العرب السنة لا يزالون يكافحون من أجل استعادة موقعهم وتأثيرهم بعد طردهم من المراكز الحكومية ومن الجيش في مرحلة ما بعد صدام حسين، لافتا إلى أن عجزهم وغضبهم كانا سببا في صعود الحركات السنية المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة في العراق وتنظيم الدولة.
وتقول الصحيفة: "الآن وقد تم طرد تنظيم الدولة من أراضيهم، فإن الطريقة التي ستتعامل فيها الحكومة معهم ستترك أثرها على أمن البلاد واستقرارها، حيث لا يزال 3.1 ملايين عراقي، معظمهم من السنة، نازحين في بلادهم، وعاد 2.3 مليون نسمة إلى مناطقهم، إلا أن بلدات السنة، مثل الكرامة، تنتظر إعادة الإعمار، ولم يستطع قادة السنة الحصول على دعم من الحكومة المركزية، التي تعاني من أزمة مالية، وتركز في القتال على تنظيم الدولة ومع الأكراد في الفترة الماضية".
ويلفت زوكينو إلى أن السنة، الذين أصبحوا خارج السلطة بعد سقوط صدام، يعانون من التهميش، ففي بغداد يسيطر الشيعة على الحكم، أما الأكراد فيحكمون أنفسهم، ولهذا وجد السنة أنفسهم في منطقة خراب سياسي، حيث كانت هناك توقعات كبيرة من السنة بعد وصول حيدر العبادي إلى السلطة عام 2014، وأنه قد يطوي الصفحة بعد ثماني سنوات من الحكم الطائفي في ظل نوري المالكي، لكنه تخلى عنهم، حيث وثق علاقاته مع إيران، التي تتمتع بنفوذ واسع على اقتصاد وجيش والسياسة في العراق.
وينقل التقرير عن حامد المطلك، الذي يمثل الكرامة في البرلمان، قوله إن الحكومة تركز على العمل مع إيران والمليشيات المدعومة التي أنشاتها إيران، وأضاف: "نحن شعب نازح ومهمش بالكامل، والوضع يسوء كل يوم.. ولدينا حكومة فاسدة تسيطر عليها قوة أجنبية على حساب السنة".
وتستدرك الصحيفة بأن السنة يعانون من الخلافات، ولم يتفقوا على الطريقة لدفن خلافاتهم، حتى يكون لهم الوقت ليدافعوا عن قضيتهم، ففي مؤتمر عقد في بغداد قبل عامين، تراشق المشاركون بالكراسي في وقت وجه فيه حراسهم اللكمات لبعضهم، حيث يقول إسماعيل جاسم (39 عاما) من الكرامة، الذي يعتمد على الصدقات من الجيران: "ساستنا لم يفعلوا شيئا، ولا نراهم إلا على التلفاز وقت الانتخابات".
وينوه الكاتب إلى أن سلطة السنة تراجعت بعد تبني نظام التشارك في السلطة الذي تبناه الاحتلال، وبناء على هذا يحصل الشيعة على منصب رئيس الوزراء والداخلية والخارجية، أما الأكراد فيحصلون على الرئاسة ووزارة المالية، فيما خصصت للسنة وزارة الدفاع والبرلمان، وهو منصب لا سلطة له، خاصة أن رئيس الوزراء هو القائد الأعلى، لافتا إلى أن القادة العسكريين الشيعة وأعضاء المليشيات يسيطرون على وحدات الجيش.
ويفيد التقرير بأن الحشد الشعبي أصبح جزءا من الجيش، حيث اتهمت وحدات من المليشيات بارتكاب جرائم ضد السنة.
وتذكر الصحيفة أن علم فصيل كردي يرفرف على باب الكرامة، مشيرة إلى أن الأكراد لديهم جيشهم الخاص، وهو البيشمركة، وليس للسنة لا جيش أو وحدات عشائرية مسلحة، حيث اقترح بعض الساسة السنة حكما ذاتيا، إلا أن الفكرة لم تلق اهتماما وسط الأحزاب والتناحرات.
ويورد زوكينو نفلا عن واثق الهاشمي من مجموعة العراق للدراسات الاستراتيجية، قوله إن "السنة لا قيادة لهم، ولا يهتم الساسة السنة إلا بمصالح شخصية ضيقة".
ويشير التقرير إلى موقف السنة من الاستفتاء الكردي الذي عارضوه، حيث فضلوا بقاء السنة الأكراد في العراق؛ لإعطاء ثقل للسنة العرب ضد الشيعة، ودعم الكثيرون منهم سيطرة الجيش على مدينة كركوك، مستدركا بأن السنة شعروا بالقلق عندما قام الجيش بمناورات عسكرية مع إيران على طول الحدود العراقية الإيرانية.
وتنقل الصحيفة عن شيخ أحمد الكريم أحد النواب السنة والذي يدعم حكومة العبادي، قوله: "لن نتسامح مع التدخل الأجنبي عدا عن كل شيء"، لافتة إلى أن لدى السنة 78 مقعدا في البرلمان مقابل 182 للشيعة، و65 للأكراد، إلا أن البرلمان يخضع لنفوذ إيران.
ويذكر الكاتب أن مثال الألوسي وصف الحكومة بأنها دولة من ورق؛ نظرا للتأثير الإيراني، وتساءل إن كان الجنرال قاسم سليماني، الذي يشرف على المليشيات، قد حصل على تأشيرة دخول أم لا، فيما ترى ماريا فانتابي، من مجموعة الأزمات الدولية، أن السنة فقدوا حس الهدف وماذا يريدون مقارنة مع الشيعة المندفعين بحس المظلومية، والأكراد الساعين للدولة والاستقلال.
وينقل التقرير عن ديفيد فيليبس، الذي عمل في وزارة الخارجية، قوله إن السنة فشلوا في تنظيم أنفسهم بشكل فاعل، و"بغداد راضية لرؤية السنة في حالة من التشتت".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الوضع تغير، خاصة بعد الاستفتاء الكردي، حيث تقول فانتابي إن "العبادي لم يكن بحاجة للسنة مثل الوقت الحالي"، خاصة أنه يواجه معركة انتخابية العام المقبل، لكنه سيخسر لو بقي مئات الآلاف منهم مشردين ولا يستطيعون التصويت.