هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للسجين البريطاني السابق ديفيد هيغ، يصف فيه النظام القضائي الإماراتي بالانتقامي الذي يستشري فيه الفساد والمحسوبية.
ويتحدث هيغ في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، معلقا على إفراج السلطات عن جيمي هارون، الذي اتهم بلمس فخذ رجل آخر في أحد البارات، الأمر الذي اعتبر عملا فاضحا.
ويقول الكاتب إن "هارون سيشعر بالفرح لعودته إلى أهله في اسكتلندا، وسيقابل عائلته وأصدقاءه، لكنه بحاجة في الأيام والأسابيع المقبلة للدعم، وليس للتعامل مع الظلم الذي حل به، لمواجهة الخوف والصور التي ستأتي إليه بسبب معاناته".
ويضيف هيغ: "أعلم هذا لأنني جربت وبشكل حقيقي النظام القضائي الانتقامي والضعيف في دبي، وهو نظام يستشري فيه الفساد والرشوة والمحسوبية، وهو نظام يقوم بالتمييز ضد الغربيين، خاصة المسيحيين".
ويشير هيغ إلى أنه يعمل مع شركة قانونية، تديرها الناشطة رادا ستيرلينغ للدفاع عن المعتقلين في دبي، لافتا إلى أنه رغم أن متهم جيمي الألماني سحب شكواه، إلا أن جيمي ظل خائفا من قيام السلطات باعتقاله، حتى بعد منحه جواز سفره، وإخباره بإمكانية المغادرة.
ويلفت الكاتب إلى أنه بعيدا عن حالة هارون، فإنه شاهد آلاف الأشخاص الذين تعرضوا للظلم في نظام السجون في دبي، حيث تعرض الكثير منهم للانتهاك الجنسي والجسدي، ومعظمهم لأنهم وضعوا أيديهم في يد صديقاتهم، أو شربوا الخمر في الشارع، وفي حالته لاستخدامه وسائل التواصل الاجتماعي.
ويقول هيغ إنه مثل جيمي انجذب للطابع المنفتح لدبي، التي ظلت لسنوات الحلم الذي يعيش فيه الشخص وكأنه بيته، قبل أن يتحول إلى مكان كوابيس له.
وينوه الكاتب إلى أنه كان مديرا إداريا لنادي ليدز الرياضي، وكان مسؤولا عن المفاوضات لشراء النادي من شركة مقرها في الإمارات العربية، لكن المفاوضات فشلت، واضطروا لتقديم دعوى قضائية، متهمين الشركة بخرقها لشروط العقد.
ويقول هيغ: "في بعض الدول يكون هذا مجرد خلاف بين شركتين، وسافرت إلى دبي للقاء من أجل الخلاف، وتم اعتقالي بتهمة الاحتيال والاختلاس، وبعد ذلك قامت الشركة ذاتها بتقديم دعوى قضائية ضدي بتهمة التحرش بهم على (تويتر)، وحينما كنت في السجن، أخذت القضية ستة أشهر لتحل، وسبع جلسات قبل تبرئة ساحتي في آذار/ مارس العام الماضي".
ويضيف الكاتب: "الطريقة الوحيدة لوصف تجربة السجن في دبي هي جهنم، حيث احتجزت لـ22 شهرا، ولن أنسى الرائحة العفنة والقذارة والحرارة وغياب المعلومات. لقد تم لكمي وصعقي وضربي واغتصابي، وأسوأ ما كان في هذا الانتهاك هو أنه مورس من حراس السجن والشرطة".
ويفيد هيغ بأنه خسر الكثير من وزنه؛ بسبب الضغط النفسي، وعندما طلب مهدئات، فإن حارسا في السجن قام بضربه بمكنسة على رأسه، مشيرا إلى أن التعذيب الذي يتعرض له الشخص يمكنه من التعامل معه بنفسه، لكن الغرابة هي تعذيب الحرس السجناء أمام زملائهم.
ويقول الكاتب: "أتذكر أنهم جلبوا شخصا من الشارع، ورموه على الأرض، ووقف على رقبته ثلاثة منهم، ولا تستطيع تخيل التهديد المستمر الذي تتعرض له، وكل من حولك أشخاص تعرضوا للاغتصاب والانتهاك، وهناك شباب صغار يعتقلون ويتم اغتصابهم".
ويبين هيغ أن الخطأ الأول الذي ارتكبه هو توقعه مساعدة من السفارة البريطانية في دبي، وتوقع مساعدة من قضاة بريطانيين متقاعدين ممن استعانت بخبرتهم محاكم مركز دبي المالي الدولي، وكتب إليهم أكثر من مرة، ودعاهم للتدخل ليتم عقد محاكمته ووقف الانتهاكات التي تعرض لها، لكن مناشداته وجدت آذانا صماء، حيث يقول: "دبي ليست آمنة رغم المظهر الخارجي المشع، وفي داخلها نظام وحشي وبارد يمكن لاستغلاله من طرف رجال الأعمال عديمي الضمير في الإمارات".
ويذكر الكاتب أن حالته وجيمي هارون ليستا الوحيدتين، فكل حالة تتبع النسق ذاته: أثرياء إماراتيون يستفيدون من ضعف القوانين والفساد، ويقومون بابتزاز التسويات المدنية، وقمع أي تهديد قانوني ضدهم، و"دبي هي بشكل فعلي أول سجن تجاري".
ويقول هيغ إن احترام القوانين والعادات في البلد مهم وضروري، إلا أن الاتهامات تطلق بناء على أي دليل واه، فأثناء سجنه التقى مع مواطنين أجانب سجنوا بناء على أمور لم يكونوا يعرفون أنها غير قانونية.
ويشير الكاتب إلى أثر فترة السجن عليه، حيث بدأ يشعر بصور السجن تأتي إليه، وقد تركت أثرا عليه، لافتا إلى أنه كان يتناول في بعض الأحيان 15 حبة دواء لمواجهة الكآبة ومشكلات النوم، بالإضافة إلى المورفين.
ويقول هيغ: "لحسن الحظ فإن إطلاق سراح جيمي هارون جاء بناء على أمر من حاكم دبي ورئيس الوزراء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وأنا متأكد من أن القرار جاء بسبب الشجب العالمي لمعاملة جيمي، وبعد هذا كله، فإن الإمارات انتقدت بسبب الدور الذي أدته في حصار قطر، ولن تخاطر بتغطية إخبارية سيئة".
ويتساءل الكاتب قائلا: "ماذا عن آلاف الأشخاص الذين لم يحصلوا على انتباه الإعلام؟ وإذا كان النظام القضائي قاصرا فلماذا لا تصححه الإمارات؟ حدسي يشير إلى أنه يوائم التجار المحليين؛ حتى يواصلوا السيطرة على النظام القضائي والشرطة".
ويختم هيغ مقاله بالإشارة إلى أنه قابل أثناء معاناته الكثير من المحامين المحليين، الذين منوه بالكثير لو دفع لهم، لكنهم اختفوا بسرعة، ولم يتبق لديه مال في النهاية، لهذا قرر البدء بحملة مع رادا ستيرلينغ لمساعدة الحالات التي تشبه حالته.