مقالات مختارة

داعش.. نقطة النهاية

حسين لقرع
1300x600
1300x600
بفقدانه مدينة الرقة التي كان يُعِدّها "عاصمته" في سوريا، وجلّ مدينة دير الزور، يكون تنظيم داعش قد فقد كل المدن الكبرى في العراق وسوريا وليبيا، وخسر معظم الأراضي التي كان يقيم عليها "دولته"، ولم تبق له إلا جيوب صغيرة لن ينتهي عام 2017، قبل أن يخسرها بدورها، ويُجبَر على التحوّل إلى تنظيم سري لا يختلف عن "القاعدة" وأخواتها.

إنها نقطة النهاية لتنظيم دموي شرس ملأ الدنيا وشغل الناس، حينما تمكّن في جوان 2014 من الهيمنة على الموصل، وإعلان قيام "دولة الخلافة"، وبدأ يهدد بغداد نفسها ويتوسّع في مناطق الأكراد شمال العراق، وسيطر على مساحات واسعة في سوريا والعراق فاقت 200 ألف كيلومتر مربع؛ أي ما يناهز مساحة إنجلترا، فضلا عن الهيمنة على سرت ومدن أخرى في ليبيا، فسارعت أمريكا إلى إنشاء تحالف دولي من 60 بلدا لمحاربته، إلا أن غارات التحالف كانت ذات تأثير محدود، وصرّح مسؤولٌ أمريكي أن "القضاء على داعش يتطلب نحو 30 سنة؟!" لكن العراقيين والسوريين تمكنوا من تحرير أراضيهم من هذا الوحش المرعب والقضاء عليه بعد 3 سنوات فقط.

داعش أسرف في إراقة دماء المسلمين، واستسهل تكفير كل من خالفه منهم والحكم بـ"ردّته"، وقطعَ الرؤوس وارتكب جرائم فظيعة أساء بها إلى الإسلام وشوّه صورته الناصعة كدين للتسامح والتعايش والرحمة، وحارب مختلف الاثنيات والجيوش والدول، وسبى النساء واستعبد الأحرار، وأحرق الأسرى، وهاجم الغرب في عقر دياره، فكان لابدّ أن يتحالف ضده الجميع ويساهموا في قتل نحو 80 ألفا من عناصره وطرده من معظم الأراضي التي كان يسيطر عليها.

الواضح أن داعش سيدخل بعد أسابيع قليلة مرحلة السرية، ويُنتظر أن يقدِم خلالها على ارتكاب الكثير من العمليات الانتحارية الدموية في مختلف عواصم العالم انتقاما لخسارة "دولته"، قد تُسقِط آلاف القتلى والجرحى، وتنشر المزيد من الرعب والهلع، ولكنها لن تنفع عمليا داعشَ في شيء. 

وبقدر ما كان بأسُ داعش على المسلمين شديدا، فهو بالمقابل لم يهاجم الكيان الصهيوني إلا مرات معدودة وبشكل محتشم عن طريق "ولاية سيناء" التي أطلقت عليه صواريخَ لم تخلّف أيّ خسائر، وهو ما آثار شبهات كثيرة حوله؛ فلماذا يُمعن في قتل المسلمين ويسلم منه المحتلون الصهاينة؟!

داعش كتنظيم يسيطر على أراض واسعة يقيم عليها "دولته" انتهى الآن، وتحوّل إلى "قاعدة 2"، إلا إذا كان لداعميه رأيٌ آخر كأنْ ينقلوه إلى أفغانستان أو مناطق رخوة أخرى من العالم كدول الساحل الإفريقي، لكن المتتبِّعين لهذه الظاهرة الغريبة سيبقون يتساءلون دائما: كيف استطاع داعش الصعود بشكل صاروخي في وقتٍ قياسي؟ ومن كان يدعمه؟ وهل سيجهّز داعموه الآن تنظيما آخر بديلا له لمواصلة "مَهمَّته"، ومحاولة "إنجاز" ما فشل فيه من نشر الخراب والدمار؟ أم سيكتفون بدعم الاثنيات لتفكيك المنطقة، وفي مقدّمتها البديل الكردي؟

الشروق الجزائرية
0
التعليقات (0)

خبر عاجل