خلال الأيام القليلة الماضية، تم اعتقال عدد من العلماء والدعاة والإعلاميين والناشطين السعوديين، على رأس هؤلاء الدكاترة: سلمان العودة، وعلي العمري، وعوض القرني، ومحمد موسى الشريف، وغيرهم، وذلك دون سبب مقنع معلن، أو تهمة واضحة بأدلة، وهذا الإجراء بحكم الشرع تجاوز لا يملك عالم يخشى الله وحده إلا أن ينكره، فالشرع الحنيف علمنا أن الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة، وهو ما ترجمته القوانين الحديثة بقاعدة قانونية تنص على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
وقد نصت حقوق الإنسان في الشرع والقانون على احترام حياة الإنسان الخاصة، وألا يجوز للسلطة التعسف أو الجور في المبادرة باتهام الإنسان دون بينة حقيقية، فقد وقف أبو لؤلؤة المجوسي يخاطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد قال له: لأصنعن لك صنيعا يتحدث عنه الناس جميعا. ففهم من ذلك عمر أن العبد قد توعده، فاقترح بعض الصحابة إلقاء القبض عليه، فأبى عمر، لأنه لم يقترف جريمة تستحق ذلك، وهو ما يردده مشايخ السلفية السعودية لطلبة العلم في الدروس، ولكن عندما يفعل ذلك ولي الأمر فعليهم البحث عن نصوص أخرى تناسب ما فعله الحاكم لتبرر له ما فعل، ولتضع عليه صبغة شرعية لما فعل، والشرع براء من كل تجاوز في حق البراء.
إن الشرع لا يفرق في نصوصه وتطبيقاته بين مواطن وحاكم، فعندما يتجاوز ولي الأمر الشرع في انتهاك حرمات الناس، ومصادرة حرياتهم، لا يملك العالم المسلم إلا أن ينكر ذلك بكل ما أوتي من قوة، ومن الأحاديث الأربعين النووية التي يحفظها مشايخ السعودية صغارا، ويشرحونها للناس كبارا، قوله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم"، فهل قام علماء السلفية – والعلماء بوجه عام - في السعودية بواجب النصح في هذا التجاوز، وفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما أعلمه أنه لا يزال إلى الآن يوجد بها (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، ولا أدري هل من عقيدة وعلم المشايخ في السعودية أن النصوص تفعل مع المواطن، وتعطل عندما تخص ولي الأمر؟!!
ينتسب مشايخ السعودية للمذهب الحنبلي والمدرسة السلفية، فهل ما يفعلونه من صمت مخز ضد هذا الاعتقال التعسفي، هل بصمتهم يسيرون على خطى المذهب أو المدرسة؟ يقينا: لا، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الطاعة في المعروف" وقال: "لا طاعة لملخوق في معصية الخالق"، والإمام أحمد بن حنبل نفسه، رفض السمع والطاعة لثلاثة حكام، أرادوا منه القول بخلق القرآن، فرفض وعذب في ذلك في محنته المشهورة والمعروفة، وابن تيمية رحمه الله جاهد بكل ألوان الجهاد، وأولها الجهاد بالكلمة، ومات في السجن. والعجيب أن من يؤيد من مشايخ السلطة هذا الإجراء في السعودية، يستند للسمع والطاعة لولي الأمر، وكأن ولي الأمر قد أصبحت مكانته في الطاعة تقارب الطاعة لأمر الله ورسوله، وهو ما لو صدر من أحد غيرهم لخرجت الفتوى منهم تتهم عقيدته، وبأن من يخشى الناس كخشية الله فعقيدته فاسدة.
لقد كان علماء الوهابية يقومون ولا يقعدون، وتنتفخ أوداجهم عندما يرون منكرا يقوم به العامة عن جهل، مثل زيارة قبور الصالحين وأضرحتهم، وقيامهم بممارسات لا تتفق مع صحيح الشرع، وكانوا يقيمون معارك على هؤلاء العامة من الناس، بينما يتركون ما هو من الكبائر اليقينية مما يفعله الحكام، فينكرون على من في القبور، ويتركون من في القصور، وهو ما جعل العلامة الراحل الشيخ أبو الحسن الندوي يخاطبهم قائلا: يا عُبَّاد القصور، رفقا بعُبَّاد القبور!!
2
شارك
التعليقات (2)
احمد
الخميس، 14-09-201710:42 م
والله ان حكام العرب أجمعين كلهم بدون استثناء هم أولى بالسجون.
الفساد بكل أنواعها.التخريب فيما بينهم
ثروات البلاد كلها بالمجان لاسيادهم.
ما يهمهم هو البقاء في السلطة.
إن الله يمهل ولا يهمل. إن شاء الله
سيكون مصيرهم كصدام والقذافي.
لم يصلحون لأي شيء
لا صناعة لا اختراع لا تقدم. السلطة والتبذير وحرمان الشعوب من حقوقهمحتى من التعبير.
أضحى الاستعمار الخارجي أفضل من الاستعمار الداخلي.
الدكتور أحمد محمد شديفات
الخميس، 14-09-201706:07 م
أهل السنة والجماعة وأتباعها رضوا لأنفسهم التشرذم والتباعد وكل بلد فقط له هيئته الخاصة به دون غيره لا يجمعهمم جامع وإذا ألمت بأحدهم مصيبة علماء البلد الآخر لا علاقة لهم ولا كلام يأكلون ويشربون وينامون، وإذا حلت بهم ما حل بغيرهم، كذلك غيرهم يفعلون، أنظر هؤلاء الشيعة الذين أنتم منهم تضحكون لهم حسينات ومرجعيات دينية قائمون معممون عليها، ليس ببعيد عندما اعدم الرجل الشيعي نمر النمر في السعودية قامت الدنيا الشيعة وما قعدت واحرق على أثرها القنصلية السعودية وغير ذلك كثير، اما أهل السنة والجماعة تحت أمرة السلطة وطلباتها ويبررون لهم أقوالهم وأعمالهم وإذا رفع احدهم رأسا او ابدا رايا اودع غياب السجون لا فرق بين طاعن بالسن ولا امرأة، وبذلك عطل القضاء وأختلط المجرم بالبريء والى الله تصير الأمور...الخ