في السابع عشر من سبتمبر 2013 أعلن النظام المصري عن التحفظ على أموال نحو 25 شخصا من المعارضين غالبيتهم كانوا بالسجون، ليرافق التحفظ على الأموال الوسائل الأخرى التي سلكها تجاههم من اعتقال والزج في العديد من القضايا والمطاردة وإطلاق الرصاص الحي، مما أسفر عن قتل وإصابة الآلاف من المعارضين.
ولمنع من مازالوا خارج السجون من معاونة أسر الآلاف من المسجونين والمطاردين، كانت المطاردة الاقتصادية لكل ما يشتبه في كونه نشاطا إنتاجيا أو خدميا يخص أعضاء جماعة الإخوان، أو المتعاطفين معهم بل ومن وقفوا موقف المحايد بين النظام والإسلاميين.
وشمل التحفظ المدارس والمستشفيات والشركات والجمعيات الأهلية التي كان يديرها هؤلاء، لتتسع الأنشطة المتحفظ عليها من شركات عقارية وتجارة سيارات وإنتاج ملابس ومواد طباعه وأدوية، ومقاولات وحاسب آلي وإلكترونيات واستيراد وتصدير وسياحه وإنتاج إعلامي وغيرها.
وبينما كانت عمليات التحفظ تتم يشكل شبه يومي وعلى نطاق كل المحافظات، كان الإعلان عن عمليات التحفظ يتم بشكل دوري في شكل موجات بدأت في السابع عشر من سبتمبر 2013 ، وتلتها موجة بيناير 2014 أسفرت عن التحفظ على أموال 572 شخصا و87 مدرسة و1107 جمعية أهلية، وخلال الشهور القليلة التالية زاد عدد الأشخاص الذين تم التحفظ على أموالهم إلى 737 شخصا.
التحفظ على حوالي 550 شركة
وفي يوليو 2014 كان التحفظ على فروع محلات زاد التابعة لخيرت الشاطر ومحلات سعودي التابعة لعبد الرحمن سعودي، إلى جانب المحلات التابعة لشركات حسن مالك، وفي يناير 2015 ومن خلال البيانات الرسمية بلغ عدد الأشخاص الذين تم التحفظ على أموالهم نحو 900 شخصا، وعدد الشركات الى 532 شركة.
وتلا ذلك التوسع في التحفظ على شركات الصرافة التي يشتبه في تعاطف ملاكها مع الإخوان، وفي ديسمبر 2015 تم الإعلان عن التحفظ على 12 شركة أخرى، وفي السابع عشر من أغسطس من العام الحالي تم التحفظ على خمس شركات وأموال 16 شخصا، ثم إعلان التحفظ على 19 شركة أخرى بالحادي والعشرين من الشهر نفسه.
وتتم عمليات التحفظ قبل الإعلان عنها بشهور، كما تم الزج بأسماء كثير من الذين تم التحفظ على أموالهم ضمن قوائم الكيانات الإرهابية، مما يحرمهم من كثير من الحقوق .
والغريب أن كل تلك الإجراءات تتعارض تماما مع نصوص قوانين الاستثمار المتتالية، التي بدأت منذ عام 1971 وتلتها قوانين أعوام 1974 و1977 و1989، التي كانت تتضمن بابا لضمانات الاستثمار وحوافزه لتأكيد طرد الصورة الذهنية الناجمة عن قرارات التأميم، التي تمت بأوائل الستينيات من القرن الماضي.
ثم كان قانون الاستثمار بعام 1997 الذى استمر العمل به - وما جرى عليه من تعديلات - حتى نهاية مايو من العام الحالي، والذي تنص المادة التاسعة منه على أنه "لا يجوز الحجز على أموال الشركات أو الاستيلاء أوالتحفظ عليها أو تجميدها أو مصادرتها".
بينما كانت عمليات التحفظ على الأموال تتم على جميع الأموال، وجميع الحسابات والأرصدة البنكية بالعملة المحلية والعملات الأجنبية، وعلى الودائع أيا كان مسماها وعلى جميع أنواع الأسهم والأوراق المالية والسندات المالية والأطيان الزراعية، والمنقولات سواء كانت مملوكة لهم ملكية مباشرة أو غير مباشرة!
نصوص دستورية وقانونية معطلة
والغريب أيضا أن تلك الإجراءات التعسفية تتعارض مع الدستور الذي جاء به النظام الحالي عام 2014، والذي ينص في المادة 28 على التزام الدولة بتوفير المناخ الجاذب للاستثمار، وفي المادة 33 على حماية الدولة للملكية بأنواعها الثلاثة العامة والخاصة والتعاونية.
وأفرد المادة 35 للنص على أن الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها ولا يتم انتزاع الملكية إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض عادل يدفع مقدما وفقا للقانون، كما نص بالمادة 39 على ضمان الدولة للمدخرات.
وترجمت تلك النصوص الدستورية التعديلات التي تمت على قانون الاستثمار في مارس 2015 ، قبيل عقد المؤتمر الاقتصادى العالمي بشرم الشيخ، ثم تم تأكيدها مرة أخرى بقانون الاستثمار الجديد الصادر بنهاية مايو من العام الحالي،
ونص في الماده 3 على أنه لا تخضع الأموال المستثمرة لأي إجراءات تعسفية، أو قرارات تتسم بالتمييز، وأن تكون جميع القرارات المتعلقة بشؤون المشروع الاستثماري مسببة وإخطار ذوي الشأن بها.
كما نص بالماده 4 على أنه لا يجوز التحفظ على أموال المشروعات، وأنه لا يجوز لأية جهة إدارية إصدار قرارات تنظيمية تضيف أعباء مالية أو إجرائية تتعلق بإنشاء أو تشغيل المشروعات، وجاء بالمادة 6 على أنه من حق المستثمر تملك المشروع الاستثماري وإدارته واستخدامه والتصرف فيه، وجني أرباحه وتحويلها للخارج.