أثارت الصور التي تداولتها صفحات موالية لقوات سوريا الديمقراطية، والتي أظهرت عضو في مجلس الشعب التابع للنظام إلى جانب ضباط أمريكيين، اهتمام المراقبين وتساؤلاتهم عن سبب نشرها في هذا التوقيت المتزامن مع حديث عن وقف الولايات المتحدة العمل بالبرنامج السري لتسليح المعارضة السورية.
وفي الصور، ظهر عضو مجلس الشعب عن مدينة منبج بريف حلب الشرقي محمد خير الماشي، وهو جالس بين ضابطين من قوات التحالف، برفقة أشخاص آخرين يحملون صفة "وجهاء منبج".
وتشير المعلومات التي حصلت عليها "عربي21"، إلى أنه تم التقاط هذه الصور خلال زيارة قام بها وفد عسكري من قوات التحالف إلى منزل الماشي، الواقع في قرية الماشي إلى الشرق من مدينة منبج؛ التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية من يد تنظيم الدولة في آب/ أغسطس الماضي، بدعم وغطاء جوي أمريكي.
فما هي دلالات هذه الزيارة المفاجئة التي تجمع للمرة الأولى ضباط من التحالف بشخصيات تابعة للنظام السوري، وما علاقة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بكل ذلك؟
مكيدة من قوات سوريا الديمقراطية
لا يعرف على وجه الدقة ما إذا كان لقوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري؛ دور في التنسيق لهذه الزيارة، لكن الرأي الراجح لدى الإعلامي أحمد محمد أن الزيارة التي جرت يوم الجمعة الماضي، تم ترتيبها من قبل قسد تحت عنوان "اللقاء بوجهاء قبائل وعشائر مدينة منبج".
ويدافع محمد، وهو من مدينة منبج، عن تصوره هذا بقوله: "لا أعتقد أن لدى ضباط التحالف علم مسبق بأنهم سيقابلون وجهاء عن النظام، وإنما وجهاء عن عشائر مدينة منبج، وهذا ما أكدته المصادر لنا من هناك".
ويضيف في حديثه لـ"عربي21": "تسريب مثل هذه الصور من قبل صفحات ومواقع موالية لقوات سوريا الديمقراطية، يدعم فرضيتنا هذه".
وحول تزامن هذه الزيارة مع الأنباء التي تحدثت عن قطع الدعم الأمريكي عن المعارضة، قال محمد إن "الزيارة تمت بعد يوم واحد من نشر صحيفة نيويورك تايمز تقريرها الذي أشارت فيه إلى اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرارا بقطع الدعم (عن الجيش الحر)، ما يعني أنه لا علاقة للزيارة بقرار ترامب لا من قريب ولا من بعيد"، وفق تقديره.
إيعاز من التحالف
من جهته، يعتقد الصحفي محمد خطيب، من مدينة منبج، أنه لا علاقة لقوات سوريا الديمقراطية بالزيارة، وإنما تم الترتيب لها من قبل التحالف، عبر إيعاز مباشر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، كما قال.
ويعتبر، في حديث لـ"عربي21"، أن الزيارة كانت بمثابة اللقاء المباشر بين النظام السوري، وبين قوات التحالف، لتمرير رسالة إعلامية تشير إلى تحسن العلاقة بين النظام وقوات التحالف.
ويرى الخطيب أن قوات سوريا الديمقراطية "أصغر حجما" من أن تنسق فيما بين النظام والتحالف، ويقول: "الجميع يدرك تماما بأن مدينة منبج واقعة تحت النفوذ الأمريكي من الألف إلى الياء"، على حد تعبيره.
وبناء على ذلك، يجزم الخطيب، بأن الزيارة تحمل دلالات تؤكد أن تبدلا كليا طرأ على سياسة الولايات المتحدة تجاه النظام السوري.
محمد خير الماشي
ومعروف عن عضو مجلس الشعب السوري، محمد خير الماشي، أنه كان سباقا في قمع المظاهرات السلمية في مدينة منبج، مع بداية الثورة السورية في العام 2011، واستمر على هذا الحال إلى أن اضطر لمغادرة منبج بعد سيطرة الجيش الحر عليها في تموز/ يوليو 2012، قبل أن يسيطر عليها تنظيم الدولة لاحقا.
وعقب سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مدينة منبج، بشهر واحد، عاد الماشي إلى المدينة، لتثير عودته التساؤلات عن طبيعة العلاقة ما بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيا؛ والنظام السوري.
ويذكر أن الماشي، شيخ عشيرة "البو بنا"، انتخب كعضو في البرلمان السوري للمرة الأولى في العام 2009، وذلك بعد وفاة والده دياب الماشي، أقدم برلماني في سوريا، بأشهر قليلة.