لم تستسلم الدبلوماسية أمام التصعيد في الأزمة الخليجية. لأسابيع مضت بلغ التوتر أوجه بين الدول الأربع وقطر، ودشن الإعلاميون على الطرفين حملات متبادلة للنيل من سمعة الدول السياسية.
كانت الدول الأربع أكثر شراسة في حملتها ضد قطر، لكن الإعلام القطري بعد أن امتصّ الصدمة الأولى لقرارات العزل رد بهجوم معاكس.
الوسيط الكويتي الذي وجد نفسه في مواجهة مهمة شبه مستحيلة بداية الأمر، لم يتوقف عن المحاولة رغم ما تعرض له من ضغوط للتوقف عن ممارسة دور الوسيط والانحياز لطرف ضد الآخر.
استوعب أمير الكويت أصحاب الأعصاب المشدودة في بداية الأزمة، والردود السلبية المتبادلة بين الطرفين. ومع دخول دول كبرى على خط الأزمة؛ الولايات المتحدة تحديدا، شعرت الكويت بالحافز القوي لمواصلة مهمتها رغم استمرار التصعيد.
واستوقفت مواقف دول وازنة في الغرب والشرق الدول المنخرطة في الأزمة، وأدركت معها أن للتصعيد حدودا لا يمكن تخطيها.
وفي غضون الأسبوعين الأخيرين تشكل ما يشبه الإجماع الدولي على ضرورة الحل الدبلوماسي للأزمة، ودعم الوساطة الكويتية.
كانت الأولوية بالنسبة لعديد الأطراف الدولية عدم تجاوز الأزمة حدودها الحالية وتجنب الحلول العسكرية، وقد حرصت عواصم عالمية على أخذ تعهدات صريحة من الدول الأربع بهذا الخصوص.
قبيل اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع في القاهرة الأسبوع الماضي لدراسة الرد القطري على مطالبها، تحركت واشنطن لمنع التصعيد في ضوء رد الدوحة المتوقع بعدم الاستجابة لما وصفتها بالمطالب التعجيزية.
كان الجميع يترقبون صدور حزمة من القرارات الأشد ضد قطر، لكن الاتصالات التي أجراها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع زعماء الدول العربية والخليجية نجحت في فرملة خطوات الدول الأربع، التي اكتفت بإعلان إلغاء ما تقدمت به سابقا من مطالب، وتحميل قطر مسؤولية استمرار الأزمة، وتأكيد نيتها تبني حزمة جديدة من العقوبات في وقت لاحق.
من المتوقع أن تعقد الدول الأربع اجتماعا ثانيا في المنامة قريبا، لكن يمكن القول بقدر معقول من الثقة إن الدبلوماسية نجحت في احتواء الأزمة.
وفي هذه الحالة نكون أمام احتمالين. الأول، أن تنجح الوساطة الكويتية بدعم من واشنطن وعواصم غربية مهتمة في تحقيق اختراق كبير يفضي إلى تسوية نهائية للأزمة بحل توافقي.
الاحتمال الثاني، أن تكتفي الدبلوماسية في هذه المرحلة على الأقل باحتواء الأزمة والعمل على إدارتها بأقل درجة ممكنة من التصعيد، لابل تبريد الأجواء قدر المستطاع على جبهة الإعلام، وعدم اتخاذ المزيد من العقوبات بحق قطر.
الاحتمال الثاني هو الأقرب للواقع، في ظل الانطباع المستقر باستحالة عودة المياه إلى مجاريها مع قطر.
الاحتمال الثاني يعني استمرار القطيعة بحدودها الحالية، ويترتب عليه موضوعيا تجميد مشاركة قطر في أعمال مجلس التعاون الخليجي، وربما تعطيل أعمال المجلس بشكل عام، مع بروز تباينات في مواقف دوله حيال الأزمة مع قطر.
لكن بالنسبة للدول الأربع، فإن استمرار الأزمة دون حسم يضعف موقفها مع مرور الوقت، الأمر الذي قد يدفع بها إلى الاندفاع بخطوات غير متوقعة لاستعجال الفوز في المبارزة المفتوحة.
الغد الأردنية