بدأت العلاقات بين قطر والدول الثلاث تسوء في 1996، وذلك عندما حشدت جيوشها لغزو قطر عسكريا. وكان أمر الغزو في نظرهم منتهيا، خاصة أن قائدي جيشين من تلك الجيوش كانا متواعدين، في صباح ذلك اليوم، لتناول الغداء في أحد مطاعم قطر.
وبعد سنتين، نما إلى علم قطر أن إحدى الشخصيات الخليجية دعيت إلى أمريكا وتم إعطاؤها الضوء الأخضر لقيادة الخليج بعد قضائهم على "القيادة التي ترهلت". ولأن قطر، ولا تزال، تنظر للسعودية كصمام أمان للمنطقة كلها، فقد قامت بمحاولة الحد من نمو هذه الشخصية، ولكن خططها فشلت؛ بسبب الدعم الأمريكي.
وعليه فقد قامت قطر بتصحيح العلاقات مع السعودية؛ بهدف نصحهم، والوقوف بجانبهم، وتزويدهم بالمعلومات اللازمة عن تحرك تلك الشخصية. ولكن جهود قطر فشلت، ونتيجة لذلك، واستعدادا لما هو قادم، توجهت قطر بكل ما تملكه من ثروات نفطية، وعلاقات دبلوماسية، بزيادة نشاطها في العلاقات الدولية لدرجة أنها وصلت لتبادل السفراء مع كوبا الشيوعية "عدو أمريكا اللدود في ذلك الوقت".
ولأن المصالح الاقتصادية هي التي تسير الدول على مختلف أشكالها، فقامت بربط مصالحها عن طريق الاستثمار مع مصالح دول كثيرة، مع التركيز على الدول الأوروبية ذات الثقل السياسي. وفي نفس الوقت دعت دول العالم للاستثمار في قطر مع توفير أعلى الضمانات. وبهذا فقد جعلت مصيرها مرتبطا بمصير تلك الدول "على أساس نربح كلنا، أو نخسر كلنا". وبعد حصول قطر، في 2010، على حق تنظيم كأس العالم 2022، زاد بغض تلك الشخصية لقطر لأنها نافست وفازت على أمريكا في تنظيم تلك البطولة. وظهرت تلك الشخصية على حقيقتها مع بداية فترة "الربيع العربي".
ففي الوقت الذي كانت قطر تساعد شعوب الوطن العربي على تخطي آثار "الربيع العربي"، كانت تلك الشخصية تعمل على تحطيم مكتسبات تلك الشعوب، بل نجدها تعمل على إرجاع الأنظمة القمعية للشعوب العربية، ومحاربة كل ما هو إسلام سني. ونجحت تلك الشخصية، بالأموال النفطية، في قلب أنظمة الحكم في العديد من الدول لتكون امتدادا للأنظمة السابقة. وقامت بمحاولة تقويض الحكم في سلطنة عمان وجعلها جزءا من المنظومة التابعة لها، ولكن عمان قضت على تلك المحاولة.
ووضعت قطر جميع الحقائق والبراهين المؤكدة أمام السعودية من أن تلك الشخصية تعمل على تقويض حكم آل سعود عن طريق عمل حلقة شيعية تحيط بالسعودية من جميع الجهات. ولكن مجهوداتها ضاعت هباء لأن الأموال النفطية استطاعت شراء ذمم كل المحيطين بالملك عبدالله. وكانت ردة فعل تلك الشخصية على قيام قطر بتوعية القيادة السعودية أن قامت من خلال وسائل إعلام غربية بتشويه سمعة قطر.
وكانت فرحة تلك الشخصية كبيرة بوفاة الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود (2012)، الذي كان عنصر رعب لها، وبدأت التصريح، وليس التلميح، بخططها في تقويض حكم آل سعود. وللحيلولة دون تفاقم آثار هذه التحركات على قطر فقد قامت برفع إنتاجها من النفط والغاز بهدف الحصول على أكبر العوائد لاستثمارها داخليا وعالميا، وبخاصة في مجالات صناعة الطاقة، والصناعات الأساسية والغذائية. وقامت قطر بعقد اتفاقيات الدفاع المشترك مع تركيا وإيران.
وبوصول الملك سلمان للحكم تغير الوضع، فقام بتصفية المحيطين بالملك عبدالله، وبشن حملة "عاصفة الحزم" على الحوثيين في اليمن؛ بهدف كسر طوق حصار السعودية. وبدأت الأموال النفطية والامتيازات المتنوعة من تلك الشخصية تنهمر من جديد على كل المحيطين بالملك سلمان، ونتيجة لذلك تغير موقف السعودية من جديد على قطر. وفجأة اتخذت الدول الثلاث قرارا، في 2014، بسحب سفرائها من قطر.
ومع أن أزمة السفراء انتهت، ولكن لم تنته محاولات تقويض أركان الحكم بالسعودية. ونما إلى علم قطر أن تلك الشخصية تحاول حصار السعودية بحرا، بعد أن فشلت برا، فقامت بتحذير الملك سلمان الذي أمر الرئيس اليمني بإصلاح الوضع، فقام بعزل محافظ عدن. وكان رد تلك الدولة النفطية انتقاميا على قطر التي كانت تمثل لها مثل "العظم في البلعوم". فقامت بتحريك خلاياها المتخمة بالأموال النفطية، وقرروا، في منتصف ليلة يوم الثلاثاء 24/5/2017، حصار قطر برا وبحرا وجوا بحجج واهية جدا وبدون أي دليل ملموس، مثل التقارب مع إيران "مع أنهم أكثر تقاربا معها"، ودعم حماس "مع أن ذلك بقرار من الجامعة العربية"، ودعم الإخوان "لم تدعم الإخوان ولكنها دعمت الشعوب"، وأثر قناة الجزيرة "لأنها تعتمد الرأي والرأي الآخر وهم لا يرون غير رأيهم".
والحمد لله أن قطر استعدت لما قد "لا يحدث" وتعاملت مع "ما حدث". وبدأت الوزارات تعمل بشكل جماعي، بقيادة معالي رئيس مجلس الوزراء، لمواجهة الأزمة، يسندها في ذلك علاقاتها المتينة مع الكثير من الدول. وبدأت البضائع تنهمر عليها من كل صوب وحدب، ولم يشعر المواطن، ولا المقيم، بأي أثر لهذا الحصار الظالم. وقامت في نفس الوقت بدك الحصار بالقوانين الدولية ونجحت في ذلك.
وفي الختام نقول إن قطر بحجمها الصغير وبهمة أبنائها الكبيرة استشعرت الخطر قبل حدوثه، وقامت بحشد الطاقات والاستعداد الجيد لمواجهته، مما أفقد الدول الثلاث توازنها ولجأت إلى أساليب ارتجالية عشوائية، جعلها تدفع أموال شعوبها يمينا ويسارا، للحصول على التأييد العالمي للحصار على قطر، ولكنها فشلت في ذلك فشلا ذريعا. ونقول للسعودية إننا في قطر ربما نحبكم "وهو الواقع"، أو لا نحبكم "وهذا مستحيل"، ولكن مصيرنا واحد، وما قد تتعرض له السعودية قد ينعكس على كل دول الخليج. وبرجاء سؤال تلك الشخصية لماذا قال "لو علم شعبي بما أقوم به لرجموني بالحجارة"؟
والله من وراء القصد
الشرق القطرية
1
شارك
التعليقات (1)
محمد دلمر
الأحد، 18-06-201701:55 م
شكرا علي الكاتب هدا مقال و كي يعرف من لا يعرف هدا المؤآمرة و فصولها و نعرف تلك الشخسية و ما تقوم من ادوار، و الحقيقة أن تلك شخسية هي بارزت بالحرب علي دين الله و كل المسلمين سوآء كانو علمآء أو طلبة علم أو من يفكر مستقبل الأمة و آلمها و تريد إن تلاحق في شتي بقاع الأرض ،لأنها تعتقد لا يدوم ملكها و سطوتها إدا كان هناك من يؤمن بالله واليوم آخرة، فنري و نسمع منذ بداية هدا الأزمة المصنوعة المفتعلة ما يندي جبين مسلم من فبركات و إكاديب وتارة بتهديد، و حتي الآن لم نسمع من حكومة قطر أي رد فعل و هي من الحكمة بمكان ، وسألت نفسي مرات ومرات هل حان وقت ردهم و دحض شبهاتهم و إعلان و إبراز ما قامو ويقومون من الفساد في بلاد المسلمين و ما يشعلون من حروب ودمار، من ليبيا و سوريا و تمزيغ يمن للأن هم و سعوديون إجاهاه . متابع صومالي بحزن و ألم