ذكر مواطنون من مدينة
السويداء، جنوب
سوريا أن النظام يحاول إقناع شيوخ العقل في المدينة بطرد
النازحين من المدن الأخرى.
ويروج النظام بأن السكان الأصليين في المدينة، من
الدروز، غير مطمئنين لوجود "الغرباء" بينهم، وذلك ضمن سعي النظام لإيجاد ذريعة كافية لتبرير تهجير اللاجئين من جديد إلى مناطق سيتختارها هو، ليكونوا تحت تصرفه المباشر، وفق مصادر محلية.
ويقول زاهر. ن، أحد سكان مدينة السويداء، وأحد الوجهاء المقربين من "شيوخ العقل"، إن "النظام السوري، ومنذ نحو شهرين ونصف، وعبر رئيس فرع الأمن العسكري وفيق ناصر، بدأ بمحاولات لإقناع شيوخ العقل بطرد النازحين الموجودين في المدينة إلى خارجها، بذريعة أن السكان الأصليين من الدروز غير مطمئنين لوجود الغرباء بينهم، ومن حقهم أن ينعموا بالأمان، ولتحقيق ذلك يجب قطع الأيادي العابثة في المدينة التي تمتد إليها عبر النازحين".
ويضيف زاهر. ن، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه الكامل لدواعٍ أمنية: "جرت عدة اجتماعات في السويداء وريف صلخد، وعرض النظام خلالها القيام بعملية إحصاء لحصر النازحين، وأخرى لأبناء المدينة، ومن بعدها يتولى النظام مسؤولية نقل النازحين إلى بلداتهم ومدنهم، أما من يرفض فعليه أن يتطوع في صفوف إحدى المليشيات المقاتلة في السويداء للدفاع عن المدينة، بعد دراسة ملفه الأمني والسياسي، فيما ستتم عملية النقل عبر الحافلات الخضراء في سيناريو أقرب لسيناريوهات التهجير المتبعة في المدن والأحياء التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة والتي ما زالت جارية حتى الآن"، وفق قوله لـ"
عربي21".
بدوره، أكد المحامي قدري النمر، وهو أحد سكان المحافظة المتواجدين في الأردن، أنه وعبر تواصله مع بعض الشخصيات داخل المدينة، تبين أن آخر اجتماع بين شيوخ العقل والنظام كان في 19 أيار/ مايو الجاري، وقد تم خلاله دراسة جميع الحوادث التي وقعت في المحافظة، وتم تحميل النازحين مسؤولية معظمها تحت مسمى "أفعال الغرباء"، وذلك "ضمن سعي النظام لإيجاد ذريعة كافية لتبرير تهجير اللاجئين من جديد إلى مناطق سيتختارها هو، ليكونوا تحت تصرفه المباشر"، كما قال.
وذكر النمر، في حديث لـ"
عربي21"، أن اجتماعا سريا حصل قبل خمسة أيام تقريبا، جمع كلا من الشيخ يوسف جربوع والشيخ حمّود الحناوي من جهة، ووفيق ناصر وعدد من ضباط المخابرات من جهة أخرى، في بلدة عين الزمان، وتم الاتفاق على أن يقوم الشيخان بكسب أكبر عدد من شيوخ الطائفة لجانبهم، إضافة لمحاولة إقناع الوجهاء بضرورة إخراج النازحين، من أجل كسب الموقف لصالحهم كـ"طائفة درزية"، وإنهاء حالة التخبط الحاصلة في المدينة جراء انتشار حوادث السرقة والقتل والسطو المسلح والاختطاف من أجل الفدية.
لكن النمر أكد أن كل هذه الجرائم يرتكبها أشخاص محسوبون على النظام، "إلا أن النظام وفي كل مرة كان يتهم "اليد الغريبة أو دواعش الداخل" بتنفيذها، في محاولة منه إشعال نار الخلاف بين السكان المحليين والنازحين"، وفق قوله.
ويرى النمر أن كل هذه المساعي، تهدف لتضييق الخناق على مدينة درعا المجاورة والمتصلة عبر الأرياف بجارتها السويداء، مشيرا إلى أن اتصال الأراضي بين المحافظتين، أتاح للمعارضة حرية التنقل وتنفيذ العمليات ضد النظام، "إضافة لرغبة النظام بتأمين الحدود مع المعارضة في الجنوب في ظل بوادر التقسيم التي باتت تلوح في الأفق مع فرض فكرة مناطق تخفيف التوتر في سوريا"، وفق تقديره.
يشار إلى أنه على الرغم من نأي سكانها بأنفسهم وبمدينتهم عن الحرب في سوريا منذ نحو ست سنوات، ومحاولتهم أخذ دور المتفرج والمحايد تماما، إلا أن أجهزة النظام الأمنية رأت في مدينة السويداء، وسكانها من الطائفة الدرزية، ورقة رابحة يمكن اللعب بها، لا سيما بعد تصفية الشيخ وحيد البلعوس، وهو كان أحد مشايخ العقل في المدينة، ووقف في وجه النظام.
ولعل أبرز الشخصيات التي لعبت دورا محوريا في جميع الأحداث الأخيرة التي شهدتها المدينة في الفترة الأخيرة، هو وفيق ناصر، الذي يعتبر أكبر سلطة للنظام في المحافظة، والذي كان أحد أبرز خصوم وحيد البلعوس زعيم ما يعرف بـ"مشايخ الكرامة"؛ الذي اغتيل في أيلول/ سبتمبر 2015 في ظروف غامضة، فيما اتهم النظام بالمسؤولية.
ويعرف البلعوس بمواقفه المناهضة لمخططات النظام منذ اليوم الأول من عزل السويداء عن الأحداث الجارية في البلاد، ووضعها تحت السلطة المدنية "العشائرية" فقط.
اقرأ أيضا: الدروز يطالبون بإسقاط النظام السوري خلال تشييع البلعوس