انتهت القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض الأحد الماضي، وظهرت إيران ككرة النار التي تتدحرج بين الجميع، والجميع يريد التخلص منها، ولكن، ما هي الطريقة؟ وما هي التكلفة البشرية والسياسية والعسكرية؟ فالرئيس الأمريكي الذي حدد بشكل جليّ عمق المشكلة في الشرق الأوسط وطرفي المعادلة المعقدة التي تلعب بحسابات المنطقة، وهما الإرهاب وإيران ،اللذين باتا -حسب رأي الجميع- وجهين لعملة واحدة يجب مواجهتهما بحزم، ولكن كيف الطريقة؟ لا أحد يعرف فعليا، خصوصا عندما صارح ترامب الجميع، أن على الدول العربية أن تتحرك هي للحرب ضد أعدائها وان لا ينتظروا الجيش الأمريكي ليقوم بالمهمة وحده.
هذا الكلام سمعناه سابقا من الرئيس السابق باراك أوباما، وعاد تكراره ترامب في بداية رئاسته، ومع هذا فلا أحد يريد أن يفهم أن الوقت بات متأخرا جدا على معالجة ذلك الخطر بالطريقة التاريخية للعرب وهي الانتظار ثم الإغارة بعد رحيل العمر، فإيران باتت خطرا يهدد الشرق الأوسط برمته، ليس الخليج وحده ولا الأردن ولبنان وحدهما ولا تركيا ، بل إن وجودها بكل تلك العنترية والقوة الجبرية والدعم العسكري والبشري اللامتناهي لكل وكلائها في سوريا والعراق واليمن ولبنان، كل ذلك بات يضع كرامة الدول العربية والأنظمة والشعوب أمام مرآة الحقيقة الكاشفة، فمن يريد الاستقرار عليه أن يتحرك لا أن يتمنى.
إن الإرهاب الذي تشكله الجماعات الطائفية في العراق وسوريا وحزب الله لا يختلف عن الإرهاب الذي يشكله تنظيم داعش، بل إن الإرث الدموي الذي سترثه الأجيال القادمة جراء عجز الدول عن القيام بمهماتها القتالية ضد حرب إيران المفتوحة لا يختلف عن إرث الكراهية الذي ستخلفه طبقات الفساد في عالمنا العربي، خصوصا الدول الفقيرة والتي تعاني من تحديات في التنمية الاقتصادية، فشعوبها لن تبقى تتحمل سياط الضرائب وفواتير المعيشة الباهظة ، فيما علية القوم ينهبون ما يشاؤون من مخصصات الموازنة العامة لبلاد تعاني من مديونيات كارثية وعجز في الموازنة سيدفعه المواطن الفقير قبل الغني.
إن ما جاء به ترامب من مواعظ كان كافيا لأن يذرف الدموع جراء الوجدانيات العميقة التي يحملها الخطاب أمام قادة عرب ومسلمين، ولكن التحديات التي تواجه البلاد العربية هي ذاتها التحديات التي تواجه تركيا، ومع هذا نجد أن تركيا بقيادة الرئيس رجب أردوغان تجاوزت عقدة الخوف من الجار الغادر والإرهاب والخضوع لمتطلبات المرحلة، ولا نعتقد أن العلاقة مع الولايات المتحدة يمكن أن يعول عليها لحماية الدول العربية من خطر دولة عقائدية منحرفة كإيران تستبيح كل شيء لأجل تنفيذ مخططاتها فعليا بينما نحن نتدارس ونتشاجر.
الرئيس ترامب، ولأول مرة في تاريخ الطيران، سير خط الطائرة من الرياض إلى تل أبيب، ومن هناك وجد حكومة يرفض وزراء فيها استقباله في المطار، ومع هذا سمع كلاما قاسيا حول دور إيران وعجز التوصل إلى نقطة نهاية لتوغلها في أعماق المنطقة، مع أن إسرائيل تأخذ موازنات ضخمة من واشنطن، ولا تعطيها شيئا سوى الاستخبارات، فيما ترامب يريد من العرب في النهاية أن يحاربوا أعداءهم وحدهم، وهذه مسؤولية العرب، ولنبدأ أولا بالفقر والتشريد واللجوء الذي سيكون أكبر خطرا من جيوش الغزاة الشرقيين؛ فعندما نحصن شعوبنا، لن نحتاج إلى الولايات المتحدة ولا إلى دعمها العسكري حينها والتزاماتها غير الملزمة.
الشرق القطرية
1
شارك
التعليقات (1)
محمود المصرى*ّ ... فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ
الأربعاء، 24-05-201707:23 م
بعد حمْد الله والصلاة والسلام على محمد , أَدعوكَ سُبحانَكَ اللَهُمَّ فَاِعفُ كَما ... عَفَوتَ يا ذا العُلى عَن صاحِبِ الحوتِ , وهذا الدعاء هو البيت رقم 33 فى قصيدة لأبى نواس عليه الصلاة والسلام ... أدعو لقرائتها بعمق بعد قراءة تعليقى السابق ذى الـ 1014 خانة وعنوانه "طه" وكذلك التعليق الذى سبقه والاستفادة بالإضاءة بينهما وبين القصيدة فى إستخلاص معانى مهمة ... فهذا يبدو لى أفضل من الإنشغال بلقاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وسلمان ملك السعودية ... أو لقاءه مع نتانياهو ... أو ماذا قال له صباح الأحمد أمير الكويت ... أو ماذا قال لعبد الفتاح السيسى ... أو ماذا دار بينه وبين حَمَد ملك البحرين ... تلك الدولة الصغيرة فى الخليج التى يُخيَّل لمن يراها أنها صارت دولة لأنه لم يتم الإنتباه إليها عند تقسيم الخرائط ... وهذا التوضيح للتمييز بين إسمها وبين البحرين فى سورة الكهف الذى لا يريدون للناس إكتشاف تفسيرها الحقيقى ... دعك من رأى إيفانكا فى ولى ولى العهد ودعك من رقصة العرضة وزفَّة الإحتفال بخسارة الأموال! ... نعم إحتفال بخسارة أموال مدفوعة مقدماً فى صورة "صفقات" عليها توقيع دونالد ترامب الذى يشبه مقياس ريختر ... كلام كثير عن إيران ... مجرد كلام وعند الجد يتوجهون إلى اليمنيين ويلقون عليهم قنابلهم ... يتحدثون عن توثيق تحالفهم ضد التطرف والإرهاب ويتناسون من هم رعاة الإرهاب الذين يطاردهم القانون المعروف بـ "جاستا" وفشل أوباما فى إلغائه قبل أيامه الأخيرة فى "البيت الأبيض" , فهل ينجح سلفه فيما فشل فيه بعد صفقات بقناطير مُقنطرة؟! ... قبل الختام أنوه بأن العنوان مأخوذ من شطر تعليقى السابق وأختم بهذا المقتطف (إِنَّ ?للَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا).