"إن وُجد خلل في كيفية الوصول، فلا وصول للطريق المنشود سوى بإعادة تحرير المفاهيم والآليات التي ثبُت فشلها مرارا".. بهذه العبارة أعلنت حركة شبابية مصرية مناهضة لسلطة الانقلاب العسكري انسحابها المؤقت من المشهد السياسي الراهن، لافتة إلى أن هذا الخيار قد يكون هو الأنسب في الوقت الحالي.
وقالت حركة أولتراس نهضاوي -في بيان لها الاثنين بمناسبة مرور 5 أعوام على تأسيسها-: "قد يكون الانسحاب والعُزلة، وحتى الهروب من المواجهة المباشرة، هو الخيار المناسب أو الضروري أحيانا، لكنها استراحة محارب؛ حتى تعود نفسك إلى فطرتها وقوتها".
وأضافت: "لكن، لتكون عودة موجعة نخوض بعدها صراع التحرر من ثقل الاستبداد والاستضعاف، عودة تزيل رُكام الأنظمة الوضعية، وتُنهي أمجاد الدولة العسكرية، ضاربة في خضم النظام العالمي المُهيمن على كل مُقتدرات الأمم وزبانيته. وعودة نتحلى فيها بكل سبل القوة والأدوات التي تمكننا من خوض صراع شرس وضروس، حتى نقتلع جذور طواغيت الفكر والاستبداد".
وتابعت: "رُوضنا داخل إطار كنا نراه أهلا للتغيير وأهلا للخروج من غيابات الجُب، فقدمنا له من كل حدب
وصوب، ولم نتخاذل يوما عن تقديم أرواحنا فداء لهذا الطريق"، مؤكدة أن "الثورة لم تبدأ بعد، فما مضى ليس سوى بضع شرارات لجحيمها"، وفق قولها.
وتابعت: "لكن سرعان ما وجدنا تيارات ونخبا تتاجر بالمبادئ والقيم، وحتى المصطلحات التي تربينا عليها، وقاومنا من أجلها، لتبتغي بين الأمجاد الواهية سبيلا، دون إعادة النظر في الكيفية الممنهجة والمُحكمة في إعادة الدخول لساحات الصراع أو حتى تكافؤ القوى، فكل ما يراه هذا وذاك أنه الوحيد القادر على قيادة المعركة والانتصار فيها".
وهاجمت الحركة قادة المعارضة، قائلة: "ارتدت هذه التيارات والنخب خوذة القيادة بعقل واه؛ لتستر -هذه الخوذة- هذا العقل الواهي، وأخذت تروض الشارع لما تحبه وتراه، ولكن سرعان ما ثبت فشل هذه الخوذة، ونطحت بما تحتها من أفكار شائخة ورؤى منعدمة ومجد واه".
وأردفت: "فانقسمت الجماهير، وانقسمت النخب لقسمين، قسم بات ينوح على ما مضى، وينتظر من هذه العقول الواهية خوذة أخرى تتستر خلفها، بل ويُمجِّد فيها لوقتنا هذا، وقسم آخر بدأ يُعيد تحرير مساره ورؤيته، ويُعيد ترتيب أوراقه من جديد".
وأكملت: "بدأ الصراع الفكري والرؤى المختلفة، وبدأت التيارات والنُخب وحتى الجماهير في إعادة تحرير المفاهيم المتعلقة بمصير الأمة، خاصة المفاهيم المتعلقة بالثورة والمقاومة ومفاهيم التغيير الحقيقي المنشود، فكل مفهوم يتبناه تيار أو نُخبة من النخب يُحدد مصيرها".
وشدّد أولتراس نهضاوي على أن "إعادة تحرير مفهوم واحد من المفاهيم التي يتبناها تيار ما إما يصنع به مجدا لفكرته، أو يرمي به في أسفل سافلين"، مضيفة: "لهذا، كان لا بد من إعادة تبلور رؤيتنا وإعادة تحرير جُل المفاهيم التي نتبناها في صياغة هذا الواقع صياغة منهجية واقعية، والخروج بمنارة تضيء الطريق المبهم لهذا الواقع وللتغيير المنشود".
وقال: "لسنا نصنع أمجادا من شعارات واهية، ولكنها أُطر لطريقنا التي نسعى بها لتحرير العالم من هذه الظلمات، فلا مكان في هذا العالم للنواح، إما نصنع أمجادا أو نصنع أمجادا، لا نرى خيارا آخر لهذا الطريق".
واستطرد قائلا: "كفانا أنينا، كفانا طريقا مظلما وخوذة تحت عقل واه، كفانا انتظارا لأمجاد لا تُصنع لخوالف. لن ننسى دماء سالت لتُحيي أمما، وأرواحا خلف قضبان تسطر تاريخا، ولا مطاردين ومجاهدين في كل بقاع هذه الأُمة يحررون عالما".
وأكمل: "أردنا في سطور أن نكشف الغطاء عن واقع حقيقي لا يقبل التورية، دون تزيين أو تزييف للحقائق. أردنا أن ننير الطريق، فالواقع لا يحتمل التورية".
واختتم أولتراس نهضاوي بيانه برسالة وجهها إلى من وصفهم بالمجاهدين في كل بقاع العالم، قائلا: "لا تنتظروا من يسد ثغوركم، ويُحرر أرضكم، ويبني مجدكم، أنتم عز هذه الأمة ومجدها، أنتم حماة ثغورها ومصدر قوتها.. سدوا ثغوركم، حرروا أرضكم، ابنوا مجدكم".
وتعدّ هذه الخطوة هي الأولى من نوعها، حيث إنه للمرة الأولى تعلن قوى مناهضة للانقلاب العسكري بشكل واضح وصريح انسحابها المؤقت من المشهد؛ رفضا واحتجاجا على الأوضاع الراهنة بمصر، سواء من جانب الانقلاب، أو من جانب قادة القوى الثورية المناهضة للعسكر.
وتأسس "أولتراس نهضاوي" أسوة بمشروع النهضة (الذي أعلنه حزب الحرية والعدالة) إبان انتخابات الرئاسة عام 2012، ثم أوقف نشاطه بشكل مؤقت عقب فوز "محمد مرسي"، إلى أن عاد نشاطه مجددا قبل اعتصام رابعة العدوية، وزاد هذا النشاط خلال فترة الاعتصام التي كان أحد أهم عناصره، حيث قاد أعضاؤه أبرز المسيرات والفعاليات الاحتجاجية وأقواها عقب مجزرة الفض في معظم المحافظات والجامعات المصرية.