بطبيعة الحال لا أقصد هنا تعاطف أعضاء جماعة الإخوان أو ما يسمى بتحالف أنصار الشرعية، فتعاطفهم مع الرئيس الأسبق محمد مرسي مفهوم وقديم منذ لحظة إطاحته، وهو مبني على ولاء تنظيمي أو ولاء عقدي في أغلبه، ولكني أتحدث عن الظاهرة الجديدة التي تنتشر تدريجيا بوضوح في كتابات خصوم محمد مرسي وخصوم الإخوان في مصر، فخلال الشهر الأخير يمكن رصد عشرات المقالات والتصريحات من شخصيات سياسية وقانونية وإعلامية بارزة ممن أيدوا إطاحة مرسي وإبعاده، كلها تتحدث بلغة جديدة عنه، لا تخطئ التعاطف مع قضيته، خاصة المظالم التي قال أنه يتعرض لها في سجنه.
وكانت الكلمة الأخيرة التي قالها الرئيس الأسبق في جلسة محاكمته في القضية التي تعرف بإهانة القضاء، حيث اشتكى من أنه منذ أربع سنوات لم يقابل أحدا من أهله ولم يجتمع بأحد من محاميه وأنه يتعرض لانتهاكات داخل سجنه، بل إن القضية التي يحاكم فيها لا يعرف اتهامه فيها ولا حيثياته ولا أي شيء عنها، كانت تلك الكلمات صادمة بالفعل، ومن الصعب تفسيرها، والغريب أنه لا توجد أي جهة رسمية عقبت عليها، فلا المحكمة صدر عنها شيء في حدود علمنا، أو قرار واضح بتمكينه من الاجتماع بمحاميه أو إلزام الجهة التنفيذية بتمكينه من مقابلة أهله في الزيارات المقررة قانونا، ولا وزارة الداخلية قالت شيئا عن حقيقة اتهامه لها أو أسباب حرمانه من تلك الحقوق البديهية التي يضمنها القانون، ولا مؤسسة الرئاسة عقبت ولا الحكومة، وهو ما أعطى انطباعا واضحا بصحة كلامه، وبالتالي تأكيد مظلوميته.
هل هذا التعاطف الذي يتسع تدريجيا مع محنة الرئيس مرسي تنحصر أسبابه في أبعاد إنسانية وحقوقية محض، أم أنه مؤشر على تحولات سياسية جديدة في مصر يمكن أن يبنى عليها تصور مستقبلي، بطبيعة الحال، من الصعب أن تكون هناك إجابات حاسمة وقطعية على مثل هذا التساؤل في تلك المرحلة، ويحتاج الأمر إلى رصد الفترة المقبلة وتطورات الوقائع على الأرض وفي فضاء الإعلام لاستشفاف الإجابة.
ولكن بعض المقدمات قد تكون كاشفة على أن هذا التحول ليس حالة إنسانية مجردة، وإن كان البعد الحقوقي والإنساني واضحا فيها ومقطوعا به، ولكن تلك التجاوزات حدثت كثيرا مع الدكتور مرسي وغيره من الإسلاميين طوال السنوات الأربع السابقة، ومنذ إطاحة نظامه في 3 يوليو، ولم يكن التوقف عند مسألة "الحقوق" الإنسانية له أو لأنصاره ذات حضور، فضلا عن أن تصدر بشأنها بيانات وتكتب مقالات من أقلام متنوعة المشارب السياسية، وكلها كانت مواقفها ضد الإخوان ومرسي على طول الخط، لم يبرز هذا التعاطف والبعد الإنساني والحقوقي رغم كل تلك الانتهاكات، لكنه بدأ في الظهور مؤخرا بعد موجات من الإحباط السياسي العام في مصر، والاصطدام بحقيقة أن دوامة التجاوزات تطال الجميع ولا تستثني أحدا بدرجة أو أخرى، وأن التساهل في أمرها كان خطأ، وأن الحقوق لا تتجزأ، وأن الإيمان بالحريات العامة والضمانات القانونية عندما تتسامح مع إهداره فإنه يصل إليك حتما، وقد أثبتت الأحداث وتواليها تلك الحقيقة، وهذا ـ في تقديري ـ ما جعل هناك تحولا واضحا في تلك المسألة.
التهاون في الانتهاكات إذا كانت لخصمك السياسي هو خطأ سياسي كما هو خطأ أخلاقي بطبيعة الحال، لكن المشكلة هنا أن الجميع وقع في هذا الخطأ، مرسي وأنصاره وخصومه أيضا على حد سواء، وتجربة السنوات الست الماضية منذ تفجر ثورة يناير أعطت هذا الدرس للجميع، ويفترض أنها حقيقة توجب التواضع السياسي على الجميع، وتفرض على الجميع المراجعة السياسية والأخلاقية لكل المواقف السابقة.
إلى أي مدى تصل تلك الموجة من "التضامن" مع الرئيس الأسبق والانتهاكات التي يعاني منها، وإلى أي وجهة يمكن أن تترجم سياسيا، هذا هو ما سوف تكشفه الأيام المقبلة، ولكن المؤكد أن المزاج السياسي العام في مصر تغير بصورة كبيرة، والكثير من شقوق وتناقضات المجتمع السياسي تراجعت، وأجندات المستقبل القريب أصبحت مفتوحة على كل الاحتمالات.
المصريون المصرية
2
شارك
التعليقات (2)
المصرى أفندى
الإثنين، 15-05-201710:18 م
الأخ اللى مش بهلول المدعو حسام .. يبدو من كلامك أنك إخوانى لذا لو تكرمت وسمحت لى
ستة أشهر طوال فترة الترشح لإنتخابات الرئاسة كان شعار الإخوان (( جئنا لنطبق شرع الله )) فرحنا بهم جدآ جدآ وأنتخبناهم ومن لا يريد تطبيق شرع الله .. لم نسمع من د. مرسى وجماعته سوى شرع الله شرع الله شرع الله فإنتخبناهم ونجحوا ..
بعد أن نجح الإخوان ماذا فعلوا !!؟؟
عام كامل والرئيس مرسى إخوانى ورئيس الوزراء قنديل إخوانى ورئيس مجلس الشعب الكتاتنى إخوانى ورئيس مجلس الشورى فهمى إخوانى والنائب العام طلعت إخوانى وكل الوزراء إخوان وكل أعضاء مجلسى الشعب والشورى إخوان ( التمكين ) عام كامل تم فيه عزل وزير الدفاع ونائبه ومدير المخابرات ولم يرفض الجيش أو يعترض منه أحد ..
لم يتم تحريم الخمر ولا الميسر وقال الرئيس مرسى الإخوانى (( زودنا عليهم الضرائب )) أى أن الرئيس المؤمن الإخوانى ليس لديه مانع من تجارة الخمر ولعب الميسر وتحصيل ضرائبهم وإدخال فلوس الخمر والقمار لموازنة الدولة لكى يشترى بها قمح الشعب ياكل عيش !!؟؟ إيه رأيك ياحسام يالى مش بهلول !؟
لم يتم حجب القنوات الإباحية من النت ( ثقافة ) !؟
لم يتم حذف قنوات الرقص والفسق من شاشات التلفزيون ( فن ) !؟
لم يتم منع العرى والفجور من شواطئ شرم والغردقة والجونة ( سياحة ) !؟
لم يتم تنقية الفن من الرذيلة والسفالة والإسفاف ( أومال فين إلهام ) !؟
نحترم كل المواثيق والمعاهدات الدولية ياعزيزى بيريز ( سياسة ) !؟
لم يذهبوا لفلسطين شهداء بالملايين ( الدنيا تلاهى ) !؟
لم يتم إلغاء قرض صندوق النقد الدولى وهو ربا واضح ( إقتصاد ) !؟
لم يتم منع الربا من البنوك الوطنية المصرية ( إقتصاد إسلامى ) !؟
لم يتم تطبيق أى شئ نهائيآ من شرع الله ( إصبروا ) !؟
وسارت كل أمور الدولة كما كانت أيام مبارك بالضبط !!؟؟ أين جئنا لنطبق شرع الله !!؟؟ أين شرع الله !؟ إيه رأيك !؟
وردآ على الإعلان الدستورى الذى يقيم شعائر الديكتاتورية قامت ثورة 30 يونيو إذا بالرئيس المؤمن الإخوانى الحالى السابق المعزول الشرعى المنتخب الأسبق الذى جاء ليطبق شرع الله يقول (( روحى فداء للشرعية )) .. للشرعية وليس للشريعة ..
روحى فداء لإيه ؟ للشرعية وليس للشريعة
هذا هو الشرعى المنتخب الإخوانى وهؤلاء هم الإخوان .. طلاب سلطة تستروا بالدين والشرع وعندما مكنهم الله من الحكم لم يطبقوا شرع الله ولم ينصروه فلم ينصرهم وعادوا من حيث آتوا لأنهم لم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر بل إستمروا على نهج أسلافهم من الرؤساء
بسم الله الرحمن الرحيم (( الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) الحج )) صدق الله العظيم .. ياريت أستاذ جمال سلطان والأخ اللى مش بهلول يقروا .. شكرآ جزيلآ
حسام
الأحد، 14-05-201703:13 م
ليس الرئيس الأسبق أيها البهلول. هو الرئيس الحالي. عليك من الله ما تستحق انت و امثالك لمساندتك القتله اللصوص " بتوع 30 سونيا"