المارينز إلى جانب أكراد سوريا.. كيف سيرد الأتراك؟ (شاهد)

"مشهد محزن لنا"، بهذه الكلمات علق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تسجيلات مصورة تظهر عربات عسكرية أمريكية تسير جنبا إلى جنب مع آليات ما تعرف بـ وحدات حماية الشعب" الكردية في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا.

تصريحات أردوغان جاءت قبيل مغادرته أنقرة في سلسلة زيارات خارجية تشمل روسيا والهند والولايات المتحدة الأمريكية، حيث سيعرض هذه التسجيلات على الرئيس دونالد ترامب و"سنطلب منه تفصيلا حول الموضوع".

اقرأ أيضا: أردوغان: لن نسمح بدولة جديدة شمالي سوريا ونرفض تقسيمها

غير أن تعليق أردوغان على التسجيلات المصورة، لن يتوقف عند الشعور بالحزن وطلب التوضيح من الإدارة الأمريكية، حيث توعد بمواصلة استهداف مواقع المسلحين الأكراد الذين يخوضون صراعا مع تركيا منذ عقود بالقول: "في أي ليلة قد نعاود الكرة من جديد".

التسجيل المصور الذي تحدث عنه أردوغان تزامن مع تسجيلات أخرى أظهرت "استقبال الأبطال" حظيت به القوات الأمريكية في أحياء القامشلي وغيرها من مناطق سيطرة وحدات الحماية، في مشهد يشي باستقواء كردي بسيد البيت الأبيض الجديد من جهة، ومراهنة على متانة تحالف كردي أمريكي لن يكون سهلا على أنقره اختراقه.

Dema derbasbuna le?kerên Amerîka l? bajarê #QAMI?LO
لحظة دخول القوات الاميركية الى #قامشلو pic.twitter.com/44cPzPqk0I

— Amin Ibrahim 9 (@aminberivan9) April 30, 2017

تركيا لن تنتظر طويلا

عن الموقف التركي من الخطوة الأمريكية، يقول الكاتب والمحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز في حديثه لـ"عربي21" إن أنقرة لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذا "الدعم الواضح والصريح للتنظيم الإرهابي"، في إشارة منه إلى "وحدات حماية الشعب" الكردية.

ويدلل يلماز على موقفه هذا بالإشارة إلى أن أنقرة لو كانت تنتظر إذنا أمريكيا في استهداف التنظيمات الكردية لما قصفت مواقعها في سوريا والعراق مؤخرا.

ويضيف: "تركيا أبلغت واشنطن فقط قبل ساعة من الضربات الأخيرة، فقامت بإخبار بعض الإرهابيين بذلك وانسحب جزء منهم من المواقع المستهدفة قبيل القصف بقليل".

ويضيف يلماز أن تركيا عبرت عن انزعاجها من دعم واشنطن لـ"المنظمات الإرهابية" وأكدت أن ذلك "يتعارض مع التحالف بين البلدين"، وكذا البنود الرئيسية التي تجمع أعضاء حلف الناتو، مرجحا أن يتبلور موقف بلاده كاملا من الانتشار العسكري الأمريكي الأخير بعد اللقاء المتوقع بين ترامب وأردوغان.

غير أنه مع ذلك لا يرى تعارضا بين انتظار ما ستفرزه القمة المزمعة مع التحرك على الأرض، لأن الأمر كما يقول "متعلق بالأمن القومي لتركيا ومصالحها الحيوية ولن تنتظر أنقرة موافقة واشنطن أو معارضتها".

اقرأ أيضا: أردوغان يلوح بعملية "مباغتة" بالرقة لجعلها مقبرة لـ"الدولة"

ويتوقع يلماز أن تتحرك تركيا هذه المرة لـ"تحرير الحدود من حزب العمال الكردستاني، وتحديدا في مناطق  تل أبيض وعفرين دون الالتفات لواشنطن كما فعلت بتحرير الباب من داعش، وهذه قضية حياة أو موت، وأعتقد أن هناك خطة عسكرية جاهزة تنتظر القرار السياسي، بعيدا عن الموقف الأمريكي أو الروسي".

على الجهة المقابلة، لا يخفي الكاتب والمحلل السياسي السوري الكردي خورشيد دلّي قناعته بأن الانتشار الأمريكي الأخير، إنما يعبر عن متانة التحالف الأمريكي الكردي في سوريا بعد تجربة قتالهم ضد تنظيم الدولة في أكثر من محطة.

وفي حديثه لـ"عربي21" يرى دلّي أن الوجود العسكري الأميركي في المناطق الكردية جاء في سياقين، الأول ضمن "التحالف الذي نشأ خلال معركة كوباني– عين العرب، وقد نجح في إلحاق أول هزيمة عسكرية بتنظيم داعش، وأدى لإقامة قواعد عسكرية أمريكية في المناطق الكردية وبالتالي دعم الأكراد بالأسلحة واعتمادهم كقوة مجربة لها مصداقية في محاربة داعش".

اقرأ أيضا: هل تملك واشنطن منع ضرب أكراد سوريا؟ وكيف رد أردوغان؟

السياق الثاني برأي دلّي يكمن في أن "الكرد هم الحليف الوحيد لواشنطن في الصراع الجاري على سوريا التي باتت مقسمة بين دول كبرى، حيث الدعم الروسي والإيراني للنظام يقابله دعم تركي وخليجي للمجموعات المسلحة، فيما اللاعب الأميركي يعتمد على الكرد في حجز نفوذ له على الأرض".

ويرى أن هذا الأمر "يثير انزعاج تركيا على شكل خلاف كبير مع واشنطن" بسبب أن "تركيا التي لها قضية كردية في الداخل ترى أن الكرد استفادوا من الأزمة السورية وباتوا يشكلون إقليما لهم على حدودها، وهو ما يثير مخاوف مستقبلية على شكل تداعيات على قضيتها الكردية في ظل صراعها الدموي مع حزب العمال الكردستاني".

ردع لتركيا

كما يشير دلّي إلى أن واشنطن تسعى لاعتماد سياسة توازنات بين حليفتها القديمة تركيا وحليفها الجديد الأكراد، "لكن إصرار تركيا على إبعاد الكرد عن المشهد السوري يجعل من العامل الأمريكي مهما لحماية الكرد خاصة بعد الغارات التركية الأخيرة على المواقع الكردية في العراق سوريا".

ولا ينفي دلّي أن يشكّل ما سماه "قرار الإدارة الأمريكية نشر مراقبين في المناطق، ردعا لتركيا في استهداف الكرد"، معتبرا أن "مواصلة أنقرة خيارها العسكري لن يزيد سوى من تفاقم المشكلات وجلب المتاعب لها على صعيد السياسة الخارجية".

وعن اللقاء المزمع بين أردوغان وترامب، يرى دلي أن "رهان أردوغان على قمته مع ترامب لتغيير موقف من الكرد و إبعادهم عن معركة الرقة، ليس سوى نوع من الوهم والرهان على رغبة قابلة للتحقيق".

حلول مؤقتة

وما بين مراهنة على دعم أمريكي للأكراد، وتحرك تركي بعيدا عن واشنطن، يرى الصحفي المختص بالشأن التركي صالح عياد أن أنقرة على ما يبدو "ماضية في سياسة الحلول المؤقتة بشن عمليات عسكرية وقصف جوي على أهداف تابعة للتنظيمات الكردية شمالي سوريا والعراق".

ويشير عياد في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "الحزن التركي" على مشهد العلم الأمريكي إلى جانب أعلام "وحدات الحماية الكردية "هو موقف سياسي لكن الأمر سيحسم في لقاء أردوغان-ترامب".

ويضيف أن ما بعد اللقاء سيكون مختلفا عما بعده، متحدثا عن الأوراق التي تملكها أنقرة في هذه المعادلة "هي محدودة،لكن تبقى مسألة التقارب مع روسيا ومسألة التأثير على المعارضة السورية من أهم الأوراق التي يمكن أن تستخدمها تركيا".

ولا يستبعد عياد في أن يكون السبب غير المعلن لوجود القوات الأمريكية على الحدود السورية التركية، هو فرملة أي تحرك عسكري تركي جديد على شاكلة عملية درع الفرات، "لكنني اعتقد أن الوجود الأمريكي يمكن أن يؤخر العمليات البرية لكنه لن يمنع العمليات الجوية المحدودة".