من الطبيعي أن تهتم شرائح واسعة من الجزائريين بالرئاسيات الفرنسية، ويسكنها الفضول لمعرفة ساكن قصر الإليزيه للمرحلة القادمة، فالآلاف من المهاجرين الذين يعيشون منذ سنوات فوق الأراضي الفرنسية، وعائلاتهم هنا بالجزائر، يقرؤون من خلال الرئيس الفرنسي مستقبلهم، وما ينتظرهم خلال الفترة القادمة، سواء أكان بالإيجاب أم بالسلب!
صعود ماكرون ومعه لوبان إلى الدور الثاني، كان تقريبا منتظرا ومتوقعا، حسب حسابات وأجندة أغلب المراقبين والدبلوماسيين المخضرمين، لكن الآن حتى وإن كانت النتيجة "محسومة" منطقيا لصالح المنافس الأول، إلاّ أن المتشائمين يتخوّفون من مفاجأة قد تسقط من السماء على رؤوس أعداء اليمين المتطرف والمحذرين من "السيّدة المرعبة"!
الفرنسيون أنفسهم "يخشون" صعود لوبان؛ لأنهم يرون فيها بداية للفوضى والعنف والمشاحنة، وهو ما ورد على لسان منافسين منهزمين في الدور الأول، الأحد المنصرم، لكن خلافة ماكرون لهولاند، المنتهية عهدته، قد لا تكون بردا وسلاما على المتطرفين، الذين يرفضون أيّ تقارب داخل فرنسا وخارجها، ويُحاربون تحديدا من أجل إبقاء "الحرب" مفتوحة مع الجزائر!
ماكرون المترشح قد يختلف عن ماكرون الرئيس، فالأول أطلق تصريحات خلال زيارته إلى الجزائر، قبل أسابيع، أقامت الأرض ولم تُقعدها بفرنسا، نتيجة اقترابه من "خط النار" وتجريمه الاستعمارَ الفرنسي، وهي "الثورة الماكرونية" التي قلبت الموازين في الشارع الفرنسي وحتى داخل دواليب صناعة السياسة الخارجية!
المتفائلون الذين يطلبون "سلم الشجعان" بين فرنسا و"مستعمراتها القديمة"، يرون في ماكرون "مفكّك القنابل" الذي سيُعيد رسم خارطة العلاقات بين بلده والدول المتضرّرة من التصريحات الاستفزازية واستراتيجية "استحمار" الشعوب، لكنِ المتشائمون يعتقدون أن ماكرون أو لوبان هما وجهان لعملة واحدة، مثلهما مثل هولاند وساركوزي وميتران وديستان وديغول، لا يقدّمون أبدا مصلحة أخرى على مصلحة بلدهم مهما كانت الظروف والمصلحة!
دون شكّ، هناك "خطوط حمراء" لن يُسمح لا لماكرون ولا للوبان، ولا لغيرها من رؤساء فرنسا، أن يتجاوزوها، وإلا ستحرقهم، وليس هناك اختلاف في الموضوع، سوى تباين في طريقة عمل كل وافد إلى قصر الإليزيه، وأيضا طريقة دفاعه عن مصالح بلده، وما عدا هذا، فهو فرنسي إلى الأبد، ولا يُمكنه أن يكون مثلا جزائريا أكثر من الجزائريين، سواء في ملف الذاكرة، أم تنقل الأشخاص، أم القضايا الاقتصادية، وهي كلها ملفات قد تسيّر بتصريحات مناقضة لحقيقة ومضمون القرارات!
الشروق الجزائرية
1
شارك
التعليقات (1)
عبد القادر بن عبدالله
الأربعاء، 26-04-201712:35 ص
السلام عليكم الأستاذ الفاضل و الإعلامي لعلامي المحترم لولا حدثتنا عن طبيعة هذا الطبيعي الذي من أجله يهتم الجزائريون بالإنتخابات الفرنسية هل هو ذات "الطبيعي" الذي مثلا يجعل رؤساء فرنسا كل مرة يستقبلون إستقبال الأبطال الفاتحين دون غيرهم من رؤساء العالم الذين يزورون الجزائر ..أرجو المعذرة إذا كان السؤال غير جائز شرعا