مقالات مختارة

هل ينخرط العقل الأمريكي الجديد عسكريا في سوريا؟

ثريا شاهين
1300x600
1300x600
فيما كانت الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي ريكس تيليرسون إلى موسكو تتم، استخدمت روسيا حق النقض « الفيتو» لإسقاط مشروع قرار أمريكي – بريطاني – فرنسي للتحقيق في استعمال السلاح الكيماوي في خان شيخون السورية. فكيف هي العلاقة الأمريكية – الروسية حول سوريا بعد الضربة الأمريكية الجوية للنظام؟

تؤكد مصادر ديبلوماسية ان التفاوض الأمريكي – الروسي حول سوريا ليس مقفلا على الرغم من التباينات في وجهات النظر في العديد من المواضيع حول سوريا. لكن مستقبل التعامل مع الأزمة السورية يبدو مرتبطا ببلورة الإدارة الأمريكية استراتيجيتها في المنطقة. وعندما تتبلور ستفهم تماما كل الأطراف ما الذي ستعطيه الولايات المتحدة إلى روسيا في سوريا والمنطقة في إطار عملية مكافحة الإرهاب.

والمهم الأن بالنسبة للأمريكيين وضع حد لاستعمال الكيماوي ضد المدنيين. لكن تستبعد المصادر، أن يلي الضربة الأمريكية ضربات أخرى. وإذا كان النظام وراء التسبب بالضربة، فإنه بذلك يريد توجيه رسالة أن لا حل تفاوضي أو ديبلوماسي أو سياسي في سوريا من دونه، وإنه هو الأقوى، وإنه على استعداد أن يفعل أي شيء لفرض خياراته، ومن خلال التجارب الماضية، تعدّ المصادر أن لديه مثل هذا التفكير والسلوك.

السؤال الكبير حاليا، أنه من هي الجهة التي تستطيع فرض الحل في سوريا، ومن ضمن أية شروط يمكنها ذلك؟

وتقول المصادر، إنه ليس من الضروري أن تؤثر الضربة إلى سياسة أمريكية جديدة في سوريا وتحول جذري حيال التعامل مع هذا الملف. إذا أرسلت الولايات المتحدة جنودا إلى سوريا، يعني أن هناك تغيرا في السياسة. كما ان السؤال الذي يطرح، هل يستطيع الرئيس الامركي دونالد ترامب ان يروج للسياسة التي أعلنها في أثناء حملته الانتخابية وفي الوضع الاقتصادي الحالي لبلاده.

السياسة الأمريكية لم تتضخ بعد، بحسب المصادر، من المؤكد أن هناك تغييرا في المقارنة، إنما لا يعني ذلك توجه الانخراط عسكريا في سوريا. الشروط الأمريكية واضحة، وهي ممنوع استعمال الكيماوي في سوريا ضد المدنيين، كان هناك تفاهم منذ صيف العام 2013 حول الموضوع الكيماوي بين واشنطن وموسكو، حين عدلت الولايات المتحدة آنذاك عن توجيه ضربة للنظام. لكن النظام عاد لاستعمال الكيماوي، وهناك وثائق امريكية بأن جهة لديها طيران استعملت الكيماوي، والروس ليسوا بهذا الوارد. تبقى الجهة الثانية وهي النظام.

فهل وضع الأمريكي نفسه في مكان صعب بعد «الفيتو» الروسي؟ حتى إن الكيماوي كان جرى التفاهم حوله، الآن هناك خلاف عليه بعد استعماله، الأمر الذي يعني أن العلاقات الأمريكية - الروسية تحتاج إلى مذيد من الوقت لترميمها. إنها إدارة جديدة. كان هناك تفاهم فرنسي فقط على الكيماوي، بل على الناحية الإنسانية والمساعدات وعلى السعي لحلول سياسية للأزمة، وذلك أيام الرئيس باراك أوباما.

الموازنة الأمريكية الجديدة في عهد دونالد ترامب حدت من تمويل وزارة الخارجية، وعززت اعتمادات وزارة الدفاع، فهل يعني هذا وجود استعداد للدخول في حرب؟ ثم إخبار الروس أن هناك ضربة والروس بدورهم أخبروا النظام.

الآن هناك تواصل بين الأمريكيين والروس، هذا مؤكد، رغم صعوبة الوضع، لكن لا يعني ذلك أن الأبواب مقفلة على إمكان التفاهم بينهما على الموضوع السوري. مع الإشارة إلى أن هناك قوى إقليمية معنية بالملف السوري، لاسيما الخليج وتركيا وإسرائيل وإيران. وكل طرف يريد شيئا ما من الملف السوري. حتى إن التفاهمات التي تم التوصل إليها حول تبادل نقل المدنيين في الفوعا القصير الزبداني، سقطت نتيجة تعرض القوافل للتفجير. والتفاهمات التي كانت أرسيت بين واشنطن ومسكو باتت معرضة للانتكاسات. ولم يتم التوصل إلى طبيعة الحل في سوريا، وما إذا سيبقى الأسد أو يغادر السلطة، ومن البديل عنه إذا غادر. كان جنح الأمريكيون إلى التعايش مع استمرارية وجود النظام بانتظار البدء بإطلاق المرحلة الانتقالية، وبانتظار ما الذي سيحصل بنهايتها. وأوروبا مشغولة بانتخاباتها في هذه المرحلة. واختار الأمريكيون أيام أوباما هذا التعايش لإنهم جربوا وأدركوا أنه لا يمكن الإطاحة به، بالطريقة العسكرية فعادوا إلى معادلة أن الشعب يقرر.

كل ذلك للاستنتاج أن الأولوية الأمريكية لا تزال لمكافحة الإرهاب والتخلص منه، حتى اتضاح ما إذا الإيحاءات الأمريكية بأن هذه الإدارة تختلف عن السابقة، ستكون فعلية ومكرسة في السياسة تجاه الملف السوري وملفات المنطقة الأخرى. والسؤال أيضا، هل مسموح أن يموت السوريون بغير السلاح الكيماوي؟

المستقبل اللبنانية
0
التعليقات (0)