هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يبدو أنّ طه حسين قد جعل من آمنةَ معادلًا روائيًّا لسِيرتِه الشخصيّة والمكانة التي رأى أنه يتميّز بها عن قومِه..
في 1955 شهدت بيروت مناظرة كان طرفاها "عميد الأدب العربيّ" طه حسين والكاتب اليساريّ اللبنانيّ رئيف خوري. المناظرة كان عنوانها: "لمن يكتب الأديب: للخاصّة أم للكافّة؟"، وكان يُفترض بطه حسين الدفاع عن "الكتابة للخاصّة"، وهو ما لم يفعله، معتبراً أنّ هذه الثنائيّة زائفة، وأنّ الأديب إنّما "يكتب لغيره، يكتب لمن يُتاح له أن يقرأ". أمّا خوري فتولّى الدفاع، كما كان متوقّعاً، عن "الكتابة للعامّة".
لقد استطاع طه حسين أن يمسك بمفاصل الثقافة العربية، منذ العصر الجاهلي وحتى القرن الثاني عشر الهجري في أعلامه وكتبه ونصوصه الكبرى، من "الشعر الجاهلي" وأدبه إلى "حديث الشعر والنثر"، إلى حديث الأربعاء"، وصولاً إلى "ابن خلدون وفلسفته الاجتماعية"،
ولعلّه من المفيد هنا، أن نذكر جهود ناصر الدّين الأسد في مجال الأدب والنّقد واللغة، وحري بنا أن نشير إلى أنّ الدّكتور إبراهيم خليل، خصص كتيّبًا صغيرًا موسومًا بـ "ناصر الدّين الأسد"، تعرّض لجهوده وآرائه، فكان له فضل في إظهار شخصيته، والدّعوة إلى دراستها.
هكذا فكر طه حسين، في المرحلة الأولى من حياته الفكرية، وهكذا كتب، وعلى الأمناء الذين يدرسون الحياة الفكرية لهذا العملاق أن يتتبعوا مراحل فكره، دون الجمود على مرحلة الانبهار باغرب دون سواها!
أفرزت كل مرحلة عربية ليبرالييها منذ أواخر القرن التاسع عشر وإلى اليوم. لا يعني هذا أنّ تاريخ الليبراليين العرب هو -حكماً- متصل بعضه ببعض ويتبع مساراً تراكمياً تفاعلياً بين أجياله. ليست النية هنا الرفع من شأن أسلاف الليبرالية العربية كأحمد لطفي السيد وطه حسين للحطّ -من ثم- من شأن الأجيال اللاحقة من ا
على امتداد عقود طويلة، ساد التوتر والصراع أجواء العلاقة بين طه حسين وبين الأزهر.
من الأمانة مع أعلام الفكر، ومن الإنصاف لهؤلاء الأعلام، تتبع مسيرتهم الفكرية، ورصد ما حدث لهذه المسيرة من تطورات، ذلك أن تجاهل هذه التطورات، وما شهدت من مراجعات، إنما يمثل "خيانة للأمانة" في كتابة الأفكار.
لقد نشرت دار الكتب والوثائق القومية ست مجلدات كبيرة فيها مقالات طه حسين - من عام 1908م حتى عام 1968م - فقدمت خدمة جليلة للباحثين في فكر عميد الأدب العربي، وأخرجت هذا المشروع الكبير تحت عنوان "تراث طه حسين"، كما نشرت مجلدين فيهما مراسلاته وأوراقه الخاصة.
كان طه حسين صاحب موقف اجتماعي، انحاز فيه إلى الفقراء والمحرومين، ضد الأغنياء والمترفين، ولقد زاد هذا الموقف التقدمي وضوحا بعد أن تحول طه حسين - منذ حقبة الثلاثينيات - إلى حزب الوفد، وتخلى عن أحزاب الأقليات التي كان كاتبها الأبرز في حقبة العشرينيات.
كان حزب الأمة – بزعامة فيلسوفه أحمد لطفي السيد (1289 – 1382 هـ ، 1872 – 1963م) – يدعو إلى الوطنية المصرية المجردة من العروبة والإسلام، ويرى أن الجامعة الإسلامية أو العربية كلاهما إستعمار مثل الإمبراطوريات الإستعمارية الغربية!.
أغلب الذين يتمسحون بفكر طه حسين (1307 – 1393 هـ، 1889 – 1973م) ويتعصبون له، يكرهون الوهابية، ويرفضون فكرها، ويرون في إمامها الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1115 – 1206 هـ، 1703 – 1792م) رمزا للتحجر والجمود والرجعية والتقليد!
كل الذين يتمسحون بطه حسين (1307 - 1393هـ، 1889 – 1973م) يدعون إلى فصل الإسلام عن السياسة، ويقفون بفكر طه حسين في هذه القضية عند قوله في كتاب (مستقبل الثقافة في مصر) -: "إن الدين واللغة لا يصلحان أساسا لتكوين الدول والأوطان".
في 19 أكتوبر عام 1926 بدأ رئيس نيابة مصر "محمد نور" التحقيق مع الدكتور طه حسين (1306 – 1393 هـ، 1889 – 1973 م) في البلاغات التي تقدم بها علماء الأزهر ضد ما جاء بكتابه "في الشعر الجاهلي" من تكذيب للقرآن الكريم فيما جاء به عن أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام وعن ابنه إسماعيل عليه السلا