إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما يعكسه الخطاب الإعلامي والسياسي لدولتي التحالف من إساءات متعمدة لكبار رجال الدولة اليمنية وأحزابها الرئيسة، ونعتهم بصفات سيئة، فإننا لا ينبغي أن نركن للترتيبات الحالية للتحالف، الذي أبقى القرار العسكري وأهداف العمليات العسكرية حكراً عليه
مرة أخرى تتكشف الحقيقة المرة، وهي أن التحالف هو من يحرك ويتحكم بالعمليات العسكرية وبنتائجها. ففي حين يحجم عن دعم قوات الجيش الوطني بالشكل المطلوب في مأرب، يظهر كل هذا السخاء في دعم قوات العمالقة..
من الواضح أن الجهد العسكري للتحالف سيتركز هذا العام على الوحدات شبه العسكرية التي أنشأها خارج نفوذ الشرعية في جنوب البلاد وفي ساحلها الغربي، وقوامها وحدات مناطقية جنوبية بنزعة انفصالية ووحدات سلفية بلا هوية سياسية واضحة، لكنها موالية للسعودية، وقوات تشكلت من أنصار الرئيس السابق
تصريح كهذا له ما بعده، وما من طرف في هذه الحرب سيتضرر منها أكثر من الحوثيين، فهم وحدهم يدركون أن هذا التصريح يؤشر إلى تحول في الموقف الأمريكي من الحرب الدائرة في اليمن، ويفسر أيضاً السبب الجوهري الذي غيّر مسار الحرب الجوية على الأقل..
مغادرة حسن ايرلو صنعاء، سواء تمت أو أنها سوف تتم، ربما ارتبطت بحاجة إيران إلى استمرار دورها بواسطة أشخاصٍ آخرين وما أكثرهم، وليس استجابة لرغبة حوثية بإنهاء دور الرجل كجزء من مخطط يهدف إلى تقديم تطمينات كافية للرياض، لكي تمضي في إنجاز اتفاق يؤكد جدارة الحوثيين كطرف يمني وحيد يمكن التفاوض معه
أعادت معركة مأرب توجيه بوصلة حرب التحالف في مأرب واليمن بشكل عام، بما يعنيه ذلك من تركيز على القدرات الحيوية والاستراتيجية للحوثيين وتدميرها، والمحافظة على شريان تغذية عسكري متواضع وغير كاف..
ما يثير الغضب هو هذا الإصرار من بلدان ديمقراطية على ربط حل الأزمة والحرب في اليمن؛ بطرف غير مؤهل أصلاً لتقرير مصير دولة قطعت شوطاً كبيراً في التطور الديمقراطي، القائم على الفاعلين السياسيين المدنيين من أحزاب وجماعات سياسية، وكأن اليمن لا يستحق أن يؤسس دولة مواطنة عصرية
التحولات الخطيرة في المواقف الإقليمية والدولية، وهذا التموج في الأحداث يفرض على الأطراف العربية في حرب اليمن أن تعيد النظر في نهجها أو تدع الشعب اليمني يواجه أعداءه، لكن بضمانة أكيدة بأن لا تتحول هذه الدول إلى مصدر إمداد لهؤلاء الأعداء
أن تتحول المواجهة مع الحوثي على قاعدة وحدة الجماعات المقابلة هدفاً وأولويةً أمريكيةً؛ فهذا يعني أن المبعوث ليندر كينج كما هي بلاده باتا على مسافة بعيدة من الحوثيين
أميل إلى وجهة نظر براغماتية تتصل أكثر ما تتصل بالمزاج الذي يحكم قرارات ولي عهد أبو ظبي، الذي كان قد أصدر أوامر لقواته في معسكر العلم بشبوة بالانسحاب دون تنسيق مع أي طرف، وبالتزامن مع سيطرة الحوثيين على الأجزاء الشمالية الغربية من محافظة شبوة..
شيئاً فشيئاً تتحول معركة مأرب إلى نقطة البداية في مسار جديد ربما لن ترسمه منذ اليوم الأطراف الإقليمية والدولية المتدخلة في ملف الحرب اليمنية، بل يخطه إصرارُ اليمنيين على الدفاع عن وجودهم ودولتهم ضد مؤامرة تسليم هذا الشعب لعصابة طائفية؛ يرى الغرب أنها ربما تحيّد هذه البقعة الجغرافية من العالم
التخلي عن الجيش الوطني على وجه التحديد، وجزء كبير من مقاتلي القبائل الذين يعتقد التحالف أنهم يقاتلون بهوية حزبية أي تحت راية حزب الإصلاح، هي سياسة ثابتة لدى التحالف، ويبدو أن هذا التحالف يدفع بهذا الجيش وسنده القبلي إلى خسارة المعركة والاستسلام..
لا يوجد طرفٌ اليوم أكثر حرصا على هزيمة الشرعية من هذا التحالف الذي نصب أدوات ميدانية سياسية وعسكرية وإعلامية هي الأرخص في تاريخ الارتزاق، ومضى يشعل الخلافات وينتج إطارات سياسية لها ويعسكرها ويوفر لها كافة الإمكانيات المالية والتسليحية
يقال إن هذا الرئيس سرب قبل أيام أنباء تفيد برفضه مغادرة الرياض، بناء على طلب من الحكومة السعودية، ليبدو كأنه من العناد بحيث يصر على تحميل السعودية كل التبعات الكارثية لتدخلها غير المسؤول..
لا يبدو إذاً أن واشنطن مستعدة للتصرف بحماس تجاه مبادرة وقف إطلاق النار المعلنة من جانب السعودية نيابة عن السلطة الشرعية، بما يقتضيه ذلك من مقاربة مختلفة لحالة عدم الانصياع التي تغلب على مواقف الحوثيين المرتبطين بإيران، خصوصاً أن مبادرة وقف إطلاق النار حققت ما كانت تريده واشنطن من انصياع سعودي تام
لا يبدو أن السعودية وولي عهدها سعيدان بهذه الزيارة التي لم تكن تعويضاً كافياً عن إلغاء غير مبرر لزيارة كان من المفترض أن يقوم بها وزير الدفاع الأمريكي إلى الرياض الشهر الماضي..