على السعودية ومعها الإمارات، وتحت ضغط أمريكي وغربي مناسب، أن تتخليا فوراً عن طموحاتهما الاستعمارية في اليمن، وأن تعيدا تصحيح مسار تدخلهما العسكري باعتباره التعويض المناسب عن الخراب الذي لحق باليمن بسبب سياساتهما الكارثية والمتجردة من أية قيمة أخلاقية أو دينية أو إنسانية، عندما تآمرا على ربيع اليمن
لا يمكن للمنطقة العربية أو الشرق الأوسط أن تستقر، ناهيك عن أن تزدهر، مع بقاء اليمن ساحة حرب مفتوحة، وبقاء قضية مقتل خاشقجي بعيدةً عن الحسم بمعايير القضاء العدلي النزيه، ولا يمكن للمنطقة أن تخطو إلى الأمام، طالما بقيت الديمقراطية غائبة، وسط هذه الغابة من الأبراج التي يشيدها ابن سلمان وابن زايد
ليس لدي أدنى شك بأن القتل البشع والمريع للكاتب الصحفي الكبير والمغدور الشهيد جمال خاشقجي؛ قد فتح نافذة أمل واسعةً لأمة بأكملها، ويكاد أن يضع بشكل عملي النهاية المفترضة لحقبة مظلمة تم تكريسها بالعنف والدم وبالعمليات الإرهابية القذرة..
تواجه السياسات الإماراتية في المحافظات الجنوبية لليمن تحديات غير مسبوقة، فيما يكتنف الغموض مصيرَ التحركات التي يقوم بها المجلس الانتقالي الجنوبي، الذراع السياسية لقوى الأمر الواقع التي أنشأتها الإمارات في الجنوب..
ليس مصادفة أن تتزامن دعوةُ المجلس الانتقالي التي وجهها قبل أيام إلى الجنوبيين للسيطرة على المؤسسات؛ مع تواجد قيادات هذا المجلس في أبو ظبي، ومع التغطية المثيرة للاشمئزاز من إعلام الرياض..
هذه الدول الشمولية والقمعية تشعر بحساسية شديدة تجاه الديمقراطية والعدالة، ويجب أن لا ننسى أن وجود السعودية والإمارات في اليمن يأتي ضمن أجندة الثورة المضادة؛ التي من بين أهم أهدافها تجريف المضمون الديمقراطي للدولة اليمنية التي أنتجتها ثورة 11 شباط/ فبراير 2011
كان الإطار العام لنكبة سقوط صنعاء هو الثورة المضادة التي تشكل أحد الاختيارات الكارثية لدول قلقة من مصير محتمل، لذلك الذي عاشته بلدان في الربيع العربي وهي تشق طريقها للتخلص من الدكتاتوريات المقيتة..
من المقلق أن سلوك التحالف المستفز هذا يتم في إطار مخطط يهدف على ما يبدو إلى قطع التواصل الجغرافي والتاريخي والاجتماعي والثقافي، بين الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان، والتحكم المطلق بخيارات الدولتين الجارتين في تعيين مصالحها المشتركة بدون وصاية من أحد
الحكومة الشرعية باتت بكل وضوح أمام تمردين؛ أحدهما يأخذ شكل انقلاب عسكري ويفرض نفوذه على مقدرات الدولة ومؤسساتها في صنعاء، والآخر يتجلى في النزعة الانفصالية التي يدعمها التحالف عبر تقوية النفوذ العسكري للانفصاليين..
الرئيس مستهدف من التحالف ومنصبه الرئاسي الذي يمثل ذروة سيادة الدولة اليمنية، يجري توظيفه بشكل وقح من جانب السعودية والإمارات في تمرير أهدافهما الجيوسياسية، وفي مقابل ذلك تتعزز القناعة لدى الدولتين بعدم جدوى الاستمرار في دعم الشرعية..
الحقيقة ليست ما أرادت تسويقه هذه الصحفية، وغيرها من منظومة الإعلام الإماراتي الشمولي وأحادي الرأي. فالضبابية التي تكتنف موقف الإمارات وعلاقة التخادم الجلية بينها وبين هذا التنظيم الإرهابي على الأرض اليمنية، لم تعد خافيةً على أحد
من هنا تأتي خطورة تصريح كهذا، حيث يمثل إقراراً أممياً بالقبول بالحالة الجديدة التي يمثلها المجلس الانتقالي ذي الأهداف الانفصالية، والذي تجاوز المشروع الجنوبي وتشكيلاته السياسية، وبات أداة حادة بيد أبوظبي..
لهذا لا يتوقف هذا التحالف عن استهداف السلطة الشرعية وإضعافها، والتنكيل بمن يفترض أنهم شركاء مخلصون للتحالف وأعداء حقيقيون للمشروع السياسي الخطير الذي تمثله مليشيا الحوثي
لقد حددت الصين خياراتها بوضوح، بما يعني أن وجودها في المنطقة (بكل ما يشكله من مصدر تهديد للنفوذ التجاري لدبي والإمارات)، لا يمكن أن يتأثر بزيارة بروتوكولية رفيعة المستوى كهذه..