ليس غريباً أن يتغول الحوثيون في مهمة تطييف المجتمع اليمني وتفخيخه، عبر استخدام أدوات السلطة المتاحة لديهم. فبدون التأثير الجذري في وعي الناشئة لن يتمكنوا من البقاء، لأن أسلوبهم في الحكم يحمل بذور الفناء السريع..
إن متلازمة الحرب وكوفيد-19 تهدد بتقويض ما بقي من إمكانية وجود لليمن الذي يعاني من نزيف بشري حاد، واقتصاد متضعضع، وانسداد في الأفق السياسي، وسط تسارع خطير لوتيرة التغيير في البنية الهوياتية التي تعمق من الانقسام الاجتماعي وتخلق خطوط صدع مذهبية
إن أهم ما يحتاجه اليمن في هذه المرحلة هو الاصطفاف السياسي ضمن بنية سياسية حركية مرحلية تتأسس على الفعل المقاوم لمشاريع هدم الدولة اليمنية، تتجاوز التعقيدات الهيكلية والتنظيمية للأحزاب وحمولتها السياسية الثقيلة..
لم يكن إعلان العميد طارق محمد عبد الله صالح المفاجئ عن تشكيل مجلس سياسي لقواته المرابطة في مدينة المخا مفاجئاً، فالأمر يتعلق بالترتيبات الإماراتية الحثيثة لتمييز دورها السياسي والجيوسياسي على الساحة اليمنية، وهو دور يتكامل بشكل أو بآخر مع مخطط إقليمي لتفكيك الدولة اليمنية
مواجهة التحديات الوجودية في المنطقة لا ينبغي أن تتوقف على إجراء بعض التحسينات في مواقف الدول الإقليمية الرئيسية من بعضها، بل بتحسس الأدوار التي ينبغي أن تؤديها، وإعادة بناء مرجعيات إقليمية كتلك التي تؤديها إيران للمنظومة الشيعية في المنطقة..
ليس هناك أسوأ من أن تحصد الشرعية تحت مظلة الحليف السعودي نتائج سياسية سيئة؛ من المؤكد أنها ستكون بطعم الهزيمة العبثية بالنسبة للمملكة، خصوصاً إذا تمكنت إيران، يساعدها في ذلك الدور الأمريكي، من إبقاء الحوثيين قوة متحكمة بالقرار اليمني
لكن واشنطن في الواقع لا تمتلك حتى الآن تصوراً واضحاً للحل، بل إن مبعوثها يكاد يلج إلى الدوامة نفسها من الفشل التي غرق فيها المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن، مارتن غريفث..
ليس من المستبعد أن يكون حصاد الرياض مراً وثقيلاً إذا لم تتدارك المخاطر المحدقة بمأرب، والتي تتكرس، ليس لأن المدافعين عنها تنقصهم الشجاعة والمراس، ولكن لأن السعودية منعت عنهم المدد والعدد، وحرمت حكومتهم من التصرف بمواردها وأسلمتها إلى جماعة انقلابية هي المجلس الانتقالي الجنوبي
واحدة من أسوأ ما كشف عنه مخطط الهجوم على مأرب هو ذلك المرتبط بصفقة سرية رعتها أبو ظبي؛ تقضي بأن تبقى جبهة الساحل الغربي هادئة إلى حد كبير، بما يسمح للحوثيين بالتحشيد باتجاه مأرب دون ضغط ودون انكشاف في أهم جبهاتها التي يتحكم في جزء منها نجل شقيق الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح العميد طارق صالح
تركت إدارة بايدن مجالاً لأبو ظبي للتموضع التخريبي في الساحة اليمنية، عبر توسُّل الشراكة مع واشنطن في محاربة الإرهاب، خصوصاً أن بايدن أكد على أن تدخل بلاده الوحيد في اليمن سيبقى في حدود مكافحة الإرهاب..
لم يحسم الصراع حول شبوة بعد ولن يحسم بسهولة، لكن الأمر سيبقى مرهوناً بتوفر إرادة رئاسية ضامنة لا يجب أن تستخدم بأي حال من الأحوال للمساومات السياسية أو لإخضاع هذا الطرف أو ذاك، بقد ما تبقى حارسة أمينة على مكاسب الشرعية في شبوة وفي غيرها من المحافظات
أعادت المقاومة الوطنية تمييز نفسها مجدداً من خلال الانتظام في إطار المجلس الوطني للمقاومة، دون أن تقطع اتصالها بقيادات الجيش الوطني أو التنسيق معها، ليقينها بأهمية التنسيق بين مكونات الشرعية بالحدود المتاحة مع تأمين مرونة للتحرك خارج الهيمنة المطلقة للتحالف وأجنداته..
ما من شك أن القرار الأمريكي الذي يُدرك الجميع تأثيره الخطير على مستقبل المليشيا، لا يجب أن يكون بديلاً عن تحرك وطني فاعل يؤازر الحكومة أو يكون على استعداد تام للقيام بدورها ضمن معركة وطنية تقتضي الضرورة خوضها بكل الإمكانيات من أجل استعادة الدولة اليمنية
كل الدلائل تشير إلى أن الإمارات في حالة مواجهة عنيفة مع الترتيبات التي أنتجها اتفاق الرياض الناقص، وهي ترتيبات تكرس في المحصلة نفوذ السعودية، الذي قد يتجه نحو تقويض النفوذ الإماراتي كنهج أيديولوجي عدائي وأدوات..
هل يتوجب علينا أن نتفاءل لأن الحكومة الجديدة وصلت أخيراً إلى عدن لمباشرة عملها، بعد أن أدت اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي في العاصمة السعودية الرياض، واستقبلت في مطار عدن الدولي استقبالاً دموياً عنيفاً؟