احترام المواطن صاحب السيادة، الذي يذهب متفائلا إلى صندوق الاقتراع فيفرز أدوات حكم لتحكم لا لتفشل. أول اللبنات هي احترام الصندوق ونتائجه، والعمل عليها كمؤسسة للديمقراطية لا كمسرحية من الخيال العلمي.
مع تقدم عمليات تطبيع العلاقات مع الكيان فقدت كل الأنظمة المطبعة شرعيتها، وانقطعت عن شعوبها إلا بالحديد والنار. وكلما ولغت في دماء شعوبها ازدادت حاجتها إلى الحماية الخارجية، فلم تعد تقف إلا بدعم صهيوني أمريكي..
نظريا وحسب ما كتبته هذه النخب عبر تاريخها الطويل في التنظير، فإن ردة الفعل الوحيدة الأخلاقية والثورية بعد كارثة بيروت هي احتلال الشارع ودفع ثمن إسقاط النظام الطائفي الذي خرب لبنان، وهو الموقف الذي انتظره شعب مصر من نخبته فوجدها تبرر للعسكر، وهو ما انتظره شعب تونس من نخبه فوجدها تقبل كتف ماكرون
حكومة الخوف أو حكومة النفاق السياسي لن تتقدم في بناء الديمقراطية، وستخسر التجربة زمنا طويلا قبل أن تنهار، لتفتح على احتمالات مختلفة ليس منها توافق الشجعان بالقدرات المتاحة للتقدم..
حديث فشل الأحزاب التونسية الذي يتحجج به الرئيس وأنصاره الجدد (فقد صار أعداؤه القدامى هم أنصاره الجدد) يخفي أو يموّه سببا رئيسيا لفشل الأحزاب في هذه المرحلة هو القانون الانتخابي الذي منع الأحزاب من التشكل على قاعدة الكفاءة الفكرية والنضالية..
نرجح أن اختمار فكرة ومشروع حزب ليبرالي يميني صريح لن تتأخر كثيرا، فالدولة كستار للفساد تفقد قدرتها على التغطية. هل يؤسس رأس المال حزبه الخاص أم يستعمل لها الحزب الإسلامي؟
الأمر في تقديري يتجاوز حزب حركة النهضة وموقعه ودوره وشخصياته، إنها حرب على الحرية. فالحرية هي فاتحة باب الديمقراطية، وهي بوابة الدخول في الحرب على الفساد وبناء الدولة القوية والعادلة (الشعار ليس للنهضة بل لحزب التيار، ولكنه محل إجماع وطني)..
فرنسا تخترق البلد في كل مستويات القرار السيادي والاقتصادي والثقافي والإعلامي، فالبلد مزرعتها والساسة والمثقفون خدمها، إلا قليلا يكافح بمجهود فردي ويقول له السياسيون دعنا من هذا، فالعين لا تعاند المخرز
الرئاسة خارج اللعبة وأنصار الرئيس من داخل الحكومة (التيار والشعب) لا يجدون قدرة على استعادة خطاب السيادة في مواجهته، وكل مواجهة معه تجعلهم يعودون إلى النهضة أو على الأقل يفقدون ورقة مهمة في معاداتها
أين أنت يا رئيسي؟ هلا تكلمت بغير القانون المعجون في كراسك القديم؟ لنتفق أننا بشر أولا، وأن الدستور ليس ربا للعبادة، إنما هو نص يأتي بعد وجودنا ليرتب قدراتنا على الضحك السعيد .. لقد أوحشتنا يا سيدي، فاتق فينا ربا نصلي له معا في مساجد مجهولة
لقد اكتشفوا عجزهم عن توليف الشوارع على نفس القاعدة الفكرية الاستئصالية، فقد تحررت عقول كثيرة من تأثيرهم، وهم ينحسرون كريح فاسدة إلى زوايا ومواقع يحفظون بها قدراتهم على إنتاج الحنين الأليم إلى مجد لم يصنعوه وإنما غنموه من مغامرين بلا أخلاق
الذهاب إلى المعارك الحقيقية التي يحتاجها الشعب، والتي لا تجعل الغنوشي هدفا وإنما تجعله فاعلا ضمن فاعلين يشاركون في بناء وطن.. هنا يملك الغنوشي أوراقا كثيرة، أهمها حزب منظم ويتعلم السياسة بسرعة، فيما خصومه يتلاشون في الشوارع..