ساري عرابي يكتب: في كلّ تجربة هناك من يتحسسون من النقد، أو يتحفظون عليه، منهم الجزميون الوثوقيون، وهم صنف لا يخلو منه مجتمع بشري أو جماعة فاعلة، ومنهم الذين يعتقدون أنّ المسؤولية تقتضي إرجاء النقد أو التخفيف من غلوائه أو الالتفات إلى المشهد بكلّيته، لكن في المقابل، هؤلاء الذين يعتقدون أنّهم نقديون، ونقدهم لا يتجه إلا للفاعل الفلسطيني هل منعهم أحد من النقد؟! هل يفعلون شيئا سوى نقد المقاومة الفلسطينية ومن يساندها؟! فلماذا كل هذا الوسواس تجاه من يتمسك بتأييده لـ"طوفان الأقصى" أو يرفض ما يقولونه من نقد؟!
ساري عرابي يكتب: حينما لا يجد الإسرائيلي وجاهة في السؤال الذي يُطرح عليه: "لماذا لا يكتفي بهذا الحدّ من القتل والتدمير والتجويع وملاحقة الناس بالبرد والنار في الوقت نفسه؟!"؛ فذلك يعني أنّه يمارس طبيعيته، عاديّته، أي يُعبّر عن نفسه بنحو طبيعي وتلقائي
ساري عرابي يكتب: جرى بالفعل توظيف المعاناة الكمّية لتحقير القضية الفلسطينية، وإذا كان البعض قد تورّط في ذلك في غمرة المأساة الذاتية والانفعال الغريزي بذلك، فقد تحوّلت هذه الخطابات إلى ظاهرة ثقافية وإعلامية، تصبّ في طاحونة التطبيع العربي التحالفي مع "إسرائيل"، يتورّط فيها مثقفون وإعلاميون لا يمكن عدّهم من الذباب الإلكتروني الذي أهمّ وظائفه تسويغ التخلّي عن القضية الفلسطينية وشيطنة أهلها، ومن ثمّ لا يختلف هؤلاء في النتيجة عن ذلك الذباب!
ساري عرابي يكتب: من هذا الذي يمكنه أن يتخيّل صور النزوح كلّها، وأن يجمع قلبه للوعي بأشكال الموت كلّها، وأن يحصي كلّ لحظة جوع وعطش وقلق وخوف وكيف الشعور بها من كلّ واحد، وأن ينبث في النفوس المحزونة والمقهورة علما ومعرفة واطلاعا ليرتب أوجاعها في عقله وحقائق أوجاعها في نفسه؟ لا أحد
ساري عرابي يكتب: هذا الإعلان وإن كان عنوانه التضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي لم يحصّل دولته وفق ما يقتضيه قرار التقسيم، فإنّه احتفال بواحدة من أكبر الجرائم الأخلاقية التي تواطأت عليها دول العالم، بمنح دولة للمستعمرين على أنقاض السكان الأصليين الذين أُخرِجوا من ديارهم لاحقا بعمليات التطهير العرقي..
ساري عرابي يكتب: في حين أنّه سيبقى إسرائيليون يرون أنّ الاتفاق ضيّع فرصة أكبر لاستثمار الحرب لتحقيق إنجازات أعمق، فإنّ "إسرائيل" ستسعى لتعميق إنجازات استراتيجية أخرى من البوابة السياسية، أهمّها سعيها لنزع الشرعية عن محور المقاومة مفهوما وواقعا، ليس فقط بالكشف عن كون المحور تنسيقا وأداء وقدرة على التأثير كان أقلّ مما بشّرت به خطابات أركان المحور وقادته السابقة على السابع من أكتوبر، ولكن بدعايتها (أي دعاية "إسرائيل") التي سوف تتكثف، وهو أمر قد بدأ بالفعل، بالقول إنّ إيران تخلّت عن غزّة لصالح أصولها اللبنانية
ساري عرابي يكتب: تتحوّل مساحة من الإسهام الثقافي العربي والفلسطيني لتحطيم المقاومة بالكلمات، في حين أنّ "إسرائيل" بكل ما ألقته على غزّة معززا بالحصار والإبادة وقطع خطوط الإمداد؛ لم تتمكن من كسر هذه المقاومة..
ساري عرابي يكتب: الحاجة الإسرائيلية هي المرجعية الأخلاقية، والصواب هو ما تفعله "إسرائيل".. ومما جرى أخيرا في أمستردام بهولندا بين جمهور "مكابي تل أبيب" وبعض المواطنين من أصول مغاربية، فإنّه يمكن لنا فهم كيف يتصوّر الإسرائيلي أنّ الحقّ له بالرغم من أنّ التسجيلات والتحقيقات أثبتت أنّه الذي بدأ في استفزاز الهولنديين من أصل عربي بالهتاف ضدّ العرب..
ساري عرابي يكتب: مشكلة الحكومات العربية ليست مع حماس بوصفها حركة مقاومة أو حركة "إسلام سياسي"، وإنّما هي الرغبة التاريخية العارمة في الخلاص من القضية الفلسطينية، لأنّ تلك الحكومات تعلم تماما أنّ ثمن هزيمة حماس هو تكريس المشروع الصهيوني، وطمس القضية الفلسطينية..
ساري عرابي يكتب: بقطع عن النظر عن سؤال التوقيت وقيمة النقد الراهن لحدث صار في ذمّة التاريخ وباتت المسؤولية الواجبة الآن في محاولة المساهمة في تحسين الموقف لصالح الفلسطينيين، هي في كون النقد يتحوّل إلى إدانة، فنقد الحسابات السياسية التي وقفت خلف السابع من أكتوبر شيء، وإدانة أصحاب السابع من أكتوبر شيء آخر، لا سيما مع تحوّل الإدانة إلى موقف ضمنيّ يحرم هؤلاء من حقهم في التعاطف
ساري عرابي يكتب: للحرب الإسرائيلية أهداف دنيا معروفة، كفرض الاستسلام على حزب الله بدفعه لفكّ جبهته عن قطاع غزّة، أو إعادة مستوطني الشمال، أو شرط وقف إطلاق النار على لبنان بأن يضغط الحزب على حماس للقبول بصفقة تبادل أسرى بالشروط الإسرائيلية
ساري عرابي يكتب: خلاصات نهائية، تنحرف عن الجريمة الإسرائيلية إلى إدانة أحد ضحاياها، وهو من قام بعملية السابع من أكتوبر، بنحو يعزله فعليّا عن كونه ضحية الاحتلال وجودا وإبادة، وبما يحرمه من التعاطف كما يقتضي ذلك كونه ضحية الاحتلال، حتى لو استحقّ النقد -جدلا- من جهة قراره وحساباته
ساري عرابي يكتب: الحرب شاملة، ولكن بالتدريج، والخطوات التالية في هذا المسعى المتدرج ليست محسومة سلفا، وإن كانت الخطط كلها موضوعة سلفا، ومن ثمّ فالقرار بالتأكيد يهتدي بتلك الخطط، ولكنه يتحدد وفق المعطيات السياسية والميدانية
ساري عرابي يكتب: سيكون المقاوم الفلسطيني أو العربي مخطئا على أيّة حال، وهو ما يذكّر بالتشكيك المزمن الذي تبنّاه بعض المثقفين ممن كوّنوا موقفا نقديّا من مبدأ المقاومة المسلّحة بات أقرب إلى أيديولوجيا راسخة، تجاه خطابات المقاومة الفلسطينية، من حيث جديتها وصدقيتها في البناء والاستعداد في بيئة غير مواتية بالفعل