دخل الدور السياسي على دور إعلامي لم أخطط له، إنها الثورة تتوالى إرهاصاتها، دعوة من الشباب لوقفات ومسيرات وتظاهرات في 25 من يناير تنادي بعزل وزير الداخلية وشعارات على استحياء تطالب بإسقاط النظام
كانت الثورة لتشكل هذا الحدث الفارق وتفرض حالة أخرى على مراحل عمل ودور في مجال السياسة. إنه الدور السياسي يطل من بوابة حركية ومن مركزنا البحثي مركز الحضارة الواقع في ميدان التحرير، وكأن المكان والنموذج والثورة الدافعة كانت بمثابة شرارة جامعة لدور لم أكن قد خططت له
لعل هذا الأمر يحيلنا إلى عملية الاستخفاف الممنهجة التي يمارسها المستبد وزبانيته في متوالية الإذلال وصناعة حالة العبيد، وعلى هذا وجب أن نتطرق إلى هذا المشهد الخطير وما ترتب عليه مشهد رفع تذاكر المترو
طالعتنا صحيفة الأهرام بحديث صحفي مطول لأحد أساتذة العلوم السياسية المبرزين على المستوى العالمي والإقليمي، أو على حد تعبير تلك الصحيفة في وصفها له بـ"أستاذ العلوم السياسية المرموق"
كشفت التطورات المتلاحقة خلال تلك الفترة عجز المتخصصين في مجال العلوم السياسية عن تقديم أطر تحليلية وتفسيرية قادرة على في فهم الظواهر المحيطة، إضافة إلى العجز عن تقديم سياسات عملية قادرة على انتشال الدول من أزماتها المتراكمة منذ عقود، فضلا عن انتشالها من مجال التبعية للخارج على كافة المستويات
هذه الفتنة (فتنة السياسة حينما نستعرض بعض أفكار الشباب، خاصة من باحثي العلوم السياسية حول عالم أحداث الثورة والخروج من الأزمة الطاحنة التي طالته)، فإنها تعبر عن قدر إيجابي مما أشرت إليه آنفا من نضج في أفكار بعض الشباب لم يبلغه الكبار
ضرورة أن ينهض الشباب مرة أخرى ليتصدر المشهد، ويؤكد على دوره الحقيقي في ثورة هو صاحب المصلحة الأولى فيها، وفي إطار يسمح لهذا الشباب والباحثين من الشباب في مجال السياسة، وقد تفتحت عيونهم ونضجت أفهامهم واتسعت عقولهم، أن ينهضوا لتشكيل نخبة جديدة، وينفضوا كل غبار الإحباط
لا يزال هؤلاء على أرض فلسطين الحبيبة وفي درة شرفها وكرامتها غزة العزة يعلمون العالم دروس المقاومة ويبتكرون الوسائل والأدوات ضمن عمليات مقاومة متتابعة يعبر فيها الفلسطينيون عن أن معين المقاومة لا ينضب
قام أجدادكم المنبطحون الذين ضيعوا فلسطين وأتى جيل ضيع القدس وباع الأرض ثم يتهمون أهل فلسطين بأنهم فروا ووجهوا لهم الكلام على وقع الأقدام في مسيرة العظام ، مسيرة العودة إلى الأرض ، فما باعوا ولكنهم يبذلون الغالي والرخيص...
نحن أمام مشهدين مهمينين يؤكدان تلك المعاني التي أشرنا إليها لدى هذا الشباب؛ في محاولة التمسك بأهداف ثورة يناير وشعاراتها، والتأكيد على زخم تلك الثورة والعمل على استئنافها من جديد..
أستاذ العلوم السياسية الذي كان يبشر دائما بضرورات التغيير والقيام بعمليات تغيير كبير والبحث عن موجبات النهوض التي تحرك الراكد وتؤشر نحو مستقبل جديد، أستاذ العلوم السياسية الذي توزعت جهوده بين الذهول والعجز والانخراط في جوقة النفاق؛ لكن جوهر وظيفته الكفاحية اختفى وتوارى أو يكاد
اتضح لنا أن علماء السياسة تراوحت أمورهم بين الذهول والعجز وانخراطهم في العلوم السيسية التي أبرزت علماء ساروا في موكب الاستبداد، فانتقل بعضهم ليسوّغ ويبرر لدولة الضد حينما تمارس عكس جوهر وظائفها
ما بال هؤلاء من علماء السياسة يتناسون باب العلاقات المدنية العسكرية الذي يؤثر بالضرورة على كل مسارات التحول الديمقراطي والقدرات والإمكانات التي تتعلق به ويقفون في جوار العسكر، متغافلين عن أن الدولة المدنية تكون في مواجهة تغول العسكر والدولة العسكرية أكثر مما تكون في مواجهة الدين والتدين