المفارقة أن السعودية أيضا ضمت صوتها إلى إيران، لتتفق القوتان المتصارعتان في الموقف الرافض من العملية التركية في حدث نادر لم تشهده على الأقل السنوات الأخيرة، وانسحب موقفهما الموحد إلى حلفائهما في المنطقة..
في حال لم ينجح ماكرون في فتح قناة تواصل مباشر بين طهران وواشنطن، خلال الفترة القليلة المقبلة، فثمة عوامل قد تلعب دورها وتفتح ثغرات في جدار الأزمة بشكل مؤقت،
الاستدارة الإماراتية "الجزئية" نحو إيران ليست إلا خطة أمريكية لإدارة هذه المرحلة من الصراع وتجاوزها بأقل الخسائر حتى إجراء الانتخابات الأمريكية في نوفمبر 2020، وكذلك احتواء السلوك الإيراني..
إيران تقول اليوم إن أساس التوتر مع الولايات المتحدة الأمريكية، هي حربها الاقتصادية عليها، وأن "المنطقة لن تنعم بالأمن ما لم تتوقف هذه الحرب"، هذا ما أكد عليه أكثر من مسؤول إيراني بشكل أو آخر، خلال الآونة الأخيرة.
إن واشنطن ليست جادة في طرح موضوع التفاوض مع إيران، وإنما هدفها في موازاة مواصلة ضغوطها الاقتصادية والسياسية على طهران، هو إرباك الحسابات الإيرانية أولا، وضغط عليها دوليا ثانيا، وضبط الردود الإيرانية على تعاظم هذه الضغوط ثالثا..
إن طاولة التفاوض، التي يدعو ترامب إيران إلى الجلوس عليها، ليست للنقاش وتبادل الآراء، وإجراء مفاوضات حقيقية، بغية التوصل إلى حلول وسط مرضية، وإنما هي طاولة يراد أن يرفع من خلالها الإيرانيون رآية الاستسلام والرضوخ،
الدعوة التي أطلقها ترامب أخيرا لإجراء مفاوضات مع إيران تحت ضغط الرسائل العسكرية المتمثلة في إرسال حاملات الطائرات ووحدة من القاذفات إلى المنطقة، هي دعوة ملغومة، لا تشكل أدنى فرصة للعودة إلى طاولة التفاوض، يعرف ذلك صاحب الدعوة قبل غيره.
ستظل إيران هي تمارس استراتيجية "لا تفاوض ولا حرب"، لتكسب مزيدا من الوقت وتتأقلم مع الظروف الصعبة التي أوجدتها استراتيجية "الضغوط القصوى" الأمريكية لاستحالة قبولها بالشروط الأمريكية الـ12، التي وإن لم تستهدف تغيير النظام الإيراني، فإنها تسعى إلى تفريغه من المضمون
قلل الكاتب والإعلامي صابر كل عنبري من امكانية مواجهة عسكرية مباشرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، بعد تصنيف واشنطن للحرس الثوري الإيراني بأنه منظمة إرهابية، لكنه أكد أن هذا التصنيف ستكون له تداعيات سياسية وأمنية واقتصادية في إيران.
لا يخفى أن الجهود الإيرانية المتزايدة لتعزيز العلاقات مع الدول الجارة تأتي في إطار تحريك طهران مختلف اتجاهات السياسة الخارجية بغية تنويع الخيارات، منها اتجاه الشرق بشكل عام، والجيران بشكل خاص لمواجهة الظروف الراهنة..
إن الصراع الأمريكي الإيراني مفتوح على احتمالات خطيرة خلال المرحلة المقبلة، وعندما تغيب الدبلوماسية وتنتهي صلاحية معادلة "لا حرب ولا سلام"، فمن شأن التصعيد الموجود أن يفجر الأمور عند لحظة معينة.