مقالات مختارة

الموصل.. هل تفوقت المعركة الدبلوماسية على العسكرية؟

1300x600
1300x600
تزامنت زيارة أشتون كارتر، وزير الدفاع الأمريكي، لأنقرة مع المواجهات العنيفة في كركوك بين الجيش العراقي وعناصر من تنظيم داعش، معيدا إلى الأذهان مدى تشابك وتعقد المعارك الدائرة في الموصل مع الواقع الدبلوماسي والديموغرافي في العراق، ومثبتا أن القوات العراقية تواجه صعوبات كبيرة تعيق قدرتها على الحسم العسكري، دون الاستعانة بحلفائها المحليين والدوليين.

كما كشفت المواجهات في كركوك عن ضعف التحضيرات الداخلية، والتخطيط لمعركة الموصل في ظل السباق المحموم الذي أطلقته بغداد للتقدم نحو الموصل، مستبقة الجهود السياسية والدبلوماسية للتحضير للمعركة؛ فحكومة بغداد أرادت قطع الطريق على أي دور تركي أو عربي سعودي فاعل في المعركة لصالح تحالفات تميل نحو طهران في الظاهر.

إطلاق العبادي لمعركة الموصل لم يوقف الجهود الدبلوماسية والسياسية لإعادة ترتيب الأوراق؛ إذ ألقت أنقرة بكامل ثقلها الدبلوماسي والإعلامي، وتعاونت مع الأكراد، وتناغمت سياسيا مع الرياض بشكل واضح للعب دور في المعركة؛ لمنع استفراد أطراف إقليمية بمسار الحرب في الموصل، وتقرير مستقبل العراق ما بعد داعش، رافعة بذلك منسوب التوتر مع حكومة بغداد.

التدخل الأمريكي الدبلوماسي جاء لإعادة ترتيب الأوراق، واستعادة التوازن كصمام أمان يمنع تدهور الواقع الميداني، الناجم عن تسرع بغداد في إطلاق المعركة قبل أوانها، مستبقا إجراء ترتيبات إقليمية مع دول الإقليم، خصوصا تركيا والعرب.

تركيا لم تحظ بدعم أمريكي مباشر، وإنما بدعم أوروبي تحركه المخاوف الأوروبية من موجة نزوح ولجوء وهجرة إلى القارة العجوز بتأثير من معارك الموصل، وتدخل الحشد الشعبي ذي النزعة الطائفية، وجاءت معارك كركوك لتثبت الحاجة إلى دور تركي لإدارة المعركة، وضبط إيقاعها.

تركيا لا تقتصر أهميتها على إحداث التوازن الداخلي في معارك الموصل؛ منعا لتدهور الواقع الإنساني والديموغرافي، وإنما مهمة أيضا في حال أرادت الولايات المتحدة متابعة القتال في سوريا لإزالة داعش من آخر معقل لها في الرقة، وهي مسألة لن تتحقق بدون تعاون مع تركيا.

التخطيط لمعركة الموصل لم ينته بعد، ومسار المعارك القائم يشير بوضوح إلى أن عملية التموضع والتخطيط والسيناريوهات المرسومة عملية متواصلة؛ فالجهود التي تبذل في أروقة الدبلوماسية باتت أكثر أهمية من الجهود المبذولة ميدانيا؛ ما يعني أن معركة الموصل الكبرى، والحقيقية تدور في ساحة الدبلوماسية، وليس في الساحة العسكرية. 

السبيل الأردنية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل