أماطت صحف مصرية اللثام، الاثنين، عن تفاصيل جديدة في محاولة اغتيال رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي التي تسببت في اعتذاره عن عدم حضور القمة العربية في موريتانيا، بحسب تلك الصحف، مؤكدة أن المجموعات المسؤولة عن تأمين السيسي في موريتانيا توصلت لخيوط العملية منذ شهر، وأنها رصدت تحركات لجماعة متطرفة ودولة معادية لذا نصحته بعدم السفر.
وأبدى مراقبون دهشتهم من القول إن المعلومات متوافرة لدى الأجهزة المصرية عن محاولة الاغتيال منذ شهر، دون أن تتم إحاطة الجانب الموريتاني بها من أجل القبض على الضالعين فيها، أو أخذ الأهبة الكافية لتأمين السيسي، أو حتى الاستفادة بتلك المعلومات في حماية القمة نفسها والمشاركين فيها.
وكلف السيسي رئيس وزرائه، شريف إسماعيل، بتمثيله في القمة على الرغم من مزاعم الخطر الذي يهدد الوفد المصري المشارك فيها.
كما لوحظ أن الأجهزة المصرية لم تقدم أي أدلة على صحة روايتها سواء صورا أو شهادات يعتد بها أو غير ذلك من الأدلة، وذلك على الرغم من توجيهها أصابع الاتهام فيها إلى دولة معينة وجماعة متطرفة رفضت التصريح باسميهما.
وأثار الانتباه أيضا تطابق تفاصيل محاولة الاغتيال بين معظم الصحف المصرية الصادرة الاثنين، وفي توقيت واحد، ما يشي بأن مصدر روايتها هو الأجهزة الأمنية نفسها، الأمر الذي يعززه إسنادها إلى مصادر مجهولة، بحسب مراقبين.
وأسوأ ما في هذه الرواية، وفق المراقيبن، أنها تحمل اتهامات ضمنية للسلطات الموريتانية بالتواطؤ مع المتورطين في محاولة اغتيال السيسي المشار إليها، وبرغم ذلك وجه السيسي رئيس وزرائه إلى شكر الرئيس الموريتاني على جهود بلاده في استضافة القمة.
تفاصيل الاغتيال وفق “المصري اليوم”
وبحسب “المصري اليوم”، الاثنين، قالت “مصادر مطلعة”، فضلت عدم ذكر اسمها، إن “عناصر تابعة لإحدى الجماعات الإرهابية المتطرفة الممولة من دولة داعمة للإرهاب، قامت قبل نحو شهر من الآن، بزيارة مقر الإقامة المنتظر للسيسي في موريتانيا ومعاينته”(!).
وأضافت المصادر أن هذه المعلومات وصلت إلى مؤسسة الرئاسة والجهات المعنية بتأمين السيسي، وأنه تم على الفور التحري عن هذه الجماعة الإرهابية المتطرفة ومن يدعمها.
وتابعت المصادر: “التحريات كشفت أن هذه الجماعة مسلحة بأسلحة متطورة جدا ولديها قناصة ماهرون، كما أن إحدى الدول تدعمها ماليا ولوجيستيا”، رافضة الكشف عن اسم هذه الدولة.
وأكدت المصادر أنه بناء على هذه المعلومات تم اتخاذ القرار باعتذار السيسي عن عدم حضور القمة العربية، وفق قولها.
“اليوم السابع”: تجميع الخيوط منذ شهر
ولم تختلف الرواية التي ساقتها صحيفة “اليوم السابع”، القريبة من أجهزة المخابرات المصرية، عن الرواية السابقة.
ونقلت الصحيفة أيضا عن “مصادر مطلعة” قولها إن السبب الرئيس وراء إلغاء سفر السيسي لحضور القمة العربية في موريتانيا، جاء بعد توافر معلومات مؤكدة عن ترتيب حادث اغتيال السيسي، وبعد التأكد من هذه المعلومات جاء قرار إلغاء السفر.
وأضافت “اليوم السابع” أن عملية الاغتيال لم تكن الأولى، وسبقتها عمليات أخرى أمكن إحباطها منذ اللحظة التي تم فيها الإعلان عن توجيه دعوة رسمية للسيسي للمشاركة في القمة العربية بموريتانيا، وبدء الترتيبات اللازمة لسفره، كانت الأجهزة الأمنية المصرية المعنية بأمن وسلامة السيسي تعمل على خطة التأمين للمشاركة في القمة حتى وقعت بين أيديها أول خيوط خطة اغتيال السيسي.
وبدأت الأجهزة المعنية، وفق المصادر، تكثيف جهودها لتجميع هذه الخيوط منذ أكثر من شهر، بدءا من إجراء المعاينات، والوقوف على الإجراءات الأمنية في الدولة الشقيقة، واكتشفت أن هناك تحركات قوية لتنظيمات متطرفة تسارع الوقت لوضع خطة محكمة لاغتيال السيسي، وبدأت الاتصال والاستعانة بعناصر شديدة الاحترافية والخطورة لتنفيذ العملية.
كما بدأت هذه التنظيمات، بحسب “اليوم السابع”، في الاتصال والتنسيق بجهات معادية للتنسيق، وتسهيل دخول أسلحة قناصة متطورة، ومنح الغطاء الأمني، وتوفير الدعم اللوجستي كافة لتنفيذ العملية.
وبحسب “المصادر المطلعة”: “استطاعت المجموعات المعنية بالترتيبات الأمنية للسيسي أن تتوصل لتلك المعلومات المذكورة، ولكن التفاصيل أخطر وأهم، ومتورط فيها جهات معادية وتنظيمات إرهابية شديدة الخطورة، وترتيبات لتنفيذ الخطة بشكل احترافي، خلال الأيام القليلة التي سبقت بدء انعقاد القمة”.
وأضافت الصحيفة أنه مع التأكيد على أن هناك محاولات عدة جرى الترتيب لها لاغتيال السيسي على هامش مشاركته في مؤتمرات وفاعليات مهمة خارج البلاد، إلا أن عملية تدبير اغتياله على هامش مشاركته في مؤتمر القمة العربية كانت خطيرة للغاية، وعلى ضوء ذلك تم وضع هذه المعلومات بين يدي السيسي، مع التأكيد على ضرورة عدم السفر والمشاركة في القمة مهما كانت درجات الضغوط.
وقالت المصادر المطلعة لـ”اليوم السابع”، إن محاولة اغتيال السيسي، على هامش مشاركته في مؤتمر القمة، ليست الأولى، وإنما كانت هناك محاولات عدة رتبتها بعض الجماعات الإرهابية، بدعم لوجستي كبير من جهات معادية غاضبة من إجهاض مصر لمخططاتها الرامية للفوضى في المنطقة، بجانب عودة دور مصر المحوري في المنطقة كرقم فاعل وقوي، وفق الصحيفة.
وبناء على تلك المعلومات المهمة التي تجمعت عن خطة اغتيال السيسي قرر عدم السفر، واجتمع، الأحد، برئيس مجلس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، لتكليفه بالمشاركة في القمة.
وكلف السيسي، بالفعل، رئيس وزرائه، برئاسة وفد مصر خلال القمة، ونقل رسالة إلى الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، تتضمن الإعراب عن أطيب التمنيات بنجاح القمة في اعتماد القرارات اللازمة التي من شأنها تعزيز العمل العربي المشترك، ودعم التكاتف والتضامن العربي في مواجهة مختلف التحديات التي تواجهها الأمة العربية في الوقت الراهن، وفق قوله.
إلى ذلك سخر الناشط تامر آدم من الرواية السابقة قائلا: “كم من الجرائم ترتكب باسمك أيتها المصادر المطلعة”.
الأسباب الحقيقية لغياب السيسي
وكانت تقارير إعلامية رجحت أن هناك ثلاثة أسباب تقف وراء اعتذار السيسي عن حضور القمة العربية، وحضور شريف إسماعيل بدلا منه، أولها نصيحة الاستخبارات للسيسي بعدم السفر نظرا لضعف خطة التأمين الموريتانية للزعماء العرب.
والسبب الثاني ضعف المشاركة على مستوى القمة بشكل عام، وتحديدا ضمن دائرة الدول الداعمة لنظامه، بغياب العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
أما السبب الثالث، فيرجع إلى أن هناك شعورا لدى السيسي بعدم وجود ما يستدعي حضوره، في ظل صرف القمة العربية النظر عمليا عن مقترحه بتشكيل القوة العسكرية المشتركة، الذي كان يروج له بإلحاح في القمتين السابقتين.
مصر تطلب إنشاء القوة المشتركة
لكن بوابة “الأهرام” الإلكترونية نقلت، الاثنين، عن “مصادر رفيعة المستوى بالجامعة العربية”، أيضا، قولها إن وفد مصر برئاسة وزير الخارجية قدم فقرة جديدة وافق عليها وزراء الخارجية وتم رفعها إلى القمة.
وقال إن هذه الفقرة أدرجت ضمن مشروع القرار الخاص بتفعيل التعاون العربي لمكافحة الإرهاب، وتدعو إلى تنفيذ قرار قمة شرم الشيخ، خاصة ما يتعلق ببروتوكول إنشاء القوة المشتركة لحماية ا?من القومي، ومنع التدخلات الخارجية بالشؤون العربية.
“المستثمرون العرب”: منطقة تجارة عربية
وقال الأمين العام للاتحاد المستثمرين العرب السفير، جمال بيومي?—?في مداخلة هاتفية له ببرنامج “السوق”، عبر فضائية “الغد”?—?إن القمة العربية ستشهد قرارات اقتصادية مهمة، منها منطقة تجارة حرة عربية يجب أن تشمل الخدمات، وحركة رأس المال، بالإضافة لاتفاقية لتشجيع وحماية الاستثمارات بين البلدان العربية.
أما أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، طارق فهمي، فقال إن القمة العربية فشلت قبل أن تبدأ، معزيا ذلك لأسباب منها ما تضمنه الميثاق الخاص بالجامعة حول طريقة التصويت على القرارات بالإجماع، وما تم الإعلان عنه من قبل الأمين العام بضرورة تطوير مؤسسات الجامعة.
وأضاف فهمي?—?في حواره عبر برنامج “وراء الحدث” بالفضائية نفسها?—?أن هناك حالة من عدم الاتفاق علي وجود التهديدات المشتركة لكل الدول العربية، ضاربا المثل بإيران التي تشكل خطرا على دول الخليج، بالإضافة إلى غياب القادة العرب الكبار، وعدم اتخاذ مصر والسعودية موقفا يبلور الموقف العربي الموحد، وتجميد الحديث حول القوة العربية المشتركة، وسط تحفظات بعض الدول.
قصتان رسميتان للسيسي مع “الاغتيال”
وكان السيسي، كشف حينما رشح نفسه للرئاسة في أيار/ مايو 2014، في أول حوار تليفزيوني له، أنه جرى رصد محاولتين لاغتياله.
وكشفت وقتها وكالة “الأناضول” التركية، نقلا عن مصدر مقرب من السيسي، تفاصيل محاولتي الاغتيال.
وسبق أن كشفت “المصري اليوم”، أيضا، في نيسان/ أبريل 2014، أن هناك عملية أخرى خُططت لاغتيال السيسي، إذ كشفت تحريات جهات سيادية وتحقيقات النيابة و3 مصادر أمنية، أن قائد التنظيم “أبوعبيدة” الذي لقي مصرعه في مواجهة مع الأمن بمنطقة عين شمس، في 11 آذار/ مارس 2014، كلف واحدة من الخلايا العنقودية في التنظيم باغتيال السيسي.
كما كشفت صحيفة “المدينة” السعودية عن محاولة اغتيال رابعة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، لكن رئاسة الجمهورية نفتها.
موريتانيا تشدد إجراءاتها الأمنية
وتنطلق الاثنين 25 يوليو/ تموز 2016، القمة العربية السابعة والعشرين، على مستوى الرؤساء، وسط إجراءات أمنية مشددة على طول الطريق الرابط بين مطار نواكشوط الدولي ووسط المدينة، فضلا عن تشديد الإجراءات الأمنية في محيط قصر المؤتمرات حيث تقام القمة، وحول الإقامات وفنادق تواجد الوفود المشاركة.
وآلت رئاسة القمة إلى موريتانيا بعد إعلان الجامعة العربية “اعتذار” المغرب عن استضافتها، فيما قالت الرباط إنها تطلب “إرجاءها بدعوى أن الظروف الموضوعية لا تتوفّر لعقد قمة عربية ناجحة”.