نشرت صحيفة التايمز تقريراً للصحفي أنثوني لويد حول ما قام به تنظيم الدولة من خطف "للمئات بل ربما الآلاف من الفتيات والنساء خلال الأشهر الخمسة الماضية، فيما يعتقد بأنه حالة
الاستعباد الأكبر في هذا القرن".
وتشير الصحيفة إلى أن فتيات، لم يتعد سن الواحدة منهن 12 عاماً، وأمهاتهن قام التنظيم بنزعهن من عائلاتهن، ثم قام بتصنيفهن، حسب العمر والتعليم والحالة الاجتماعية، وتم بيعهن للمقاتلين أو توزيعهن مجاناً عليهم كمكافأة.
كما ذكرت الصحيفة أن بيع الفتيات المستعبدات أو ما أسمته الصحيفة "عبيد
الجنس" يتم في أسواق مفتوحة يديرها التنظيم الذي نشر تعليمات لأعضائه فيما يسمح وما لا يسمح به مع "الإماء"، وكيف يُعاقبن، حيث تشير التعليمات إلى أن "الجنس مع الفتيات غير البالغات مسموح به تحت ظروف محددة"، بحسب الصحيفة.
وتقول الصحيفة إنها قابلت عدداً من الفتيات المراهقات اللواتي تمكّنّ من الهرب من قبضة التنظيم، ووصفن في تلك المقابلات كيف كانت تجر الفتيات والنساء من شعورهن ليحملن على شاحنات وينقلن إلى مراكز فرز خاصة.
ونقلت الصحيفة عن النائب السابقة والناشطة اليزيدية أمينة سعيد قولها إن من بين من اشتروا الفتيات شابين أستراليين متحولين للإسلام يعملان مع التنظيم.
كما يشير التقرير إلى التحقيق الاستقصائي الذي نشرته صحيفة "التايمز" الأسبوع الماضي الذي بحث في كيفية تجنيد التنظيم لفتيات مراهقات بريطانيات وتقديم الأموال لهن للانضمام للتنظيم في سوريا كزوجات لمقاتليه، مشيرة الى أن هناك 11 فتاة سافرن من بريطانيا لهذا الهدف ويظن أن العدد أكبر من ذلك.
وقالت فتاة يزيدية، رمزت إليها الصحيفة بـ"الفتاة ب" وتبلغ من العمر 19 عاماً، إنها كانت قد اختطفت هي وأختها البالغة من العمر 14 عاماً، وأضافت: "بدأت أمي تصرخ وتسترحم عندما قام مقاتلو
داعش بأخذي أنا وأختي لننضم إلى مجموعة من الفتيات الأصغر سناً.. ولكنهم جرونا من بين يديها، ورأيتُ نساءً أخريات يتم جرهن من شعورهن للشاحنات المتوقفة خارج البناية".
وكانت الفتاة "ب" وأختها من بين مجموعة من النساء اللواتي تمكّنّ من الهرب من قبضة التنظيم منذ أن اختطفهن من بلدة سنجار والقرى المجاورة في آب/ أغسطس الماضي.
وشهادة هؤلاء ستشكل الأساس لتقرير ستنشره منظمة العفو الدولية غداً بعنوان الهروب من الجحيم – التعذيب والعبودية الجنسية في أسر الدولة الإسلامية في العراق.
وبدأت مأساة اليزيديين في أول يوم أحد من آب/ أغسطس عندما اجتاج مقاتلو التنظيم البلدة التي تقع جنوب جبل سنجار، وهربت الفتاة "ب" وأختها مع والديهما وستة أشقاء بينهم طفلة عمرها 11 سنة.
وقطعت قوات التنظيم المتقدمة نحو البلدة الطريق عليهم، وبحسب شهادة الفتاة "ب" فإن من بين المنضمين إلى التنظيم شباب البلدة السنة، "ومن بينهم شاب يعمل ميكانيكيا. وانضم الرجال السنة إلى داعش بمجرد أن اشتموا رائحة اقترابهم، ولم يحتج أحد بأن يطلب منهم الانضمام".
وقد تم نقل الأسرى أولاً إلى بناية الحكومة في سنجار وهي أحد مراكز الاحتجاز التي استخدمها التنظيم لسجن اليزيديين، ومنها بدأت عملية الفصل، فبحسب الفتاة "ب"، التي قابلتها الصحيفة مع أختها وثلاثٍ هارباتٍ أخريات: "قام مقاتلو داعش بأخذ الأسماء والأعمار وتسجيلها ثم بدأت عملية الفصل؛ الرجال في جانب والنساء والأطفال في جانب. وبعدها اختاروا الشابات العازبات والمتزوجات، وأمروني أنا وأختيّ الاثنتين الأصغر مني بالانضمام للمجموعة الأخيرة. لم نكن نعرف ماذا يجري، ولكن أمي أدركت وبدأت تصرخ"، وبحسب الأختين، فإن أمهما نجحت في تخليص أختهما البالغة من العمر 11 عاماً من أيدي رجال التنظيم، بينما أخذت الأختان وحملتا على واحدة من عشرات الشاحنات.
وتضيف الفتاة "ب": "كانت عملية منظمة، ونقلنا مثل الماشية، وكان رجال داعش يصرخون وهم يدفعونا للركوب على الشاحنات، وكانت النساء تصيح"، وتم نقلهن للموصل، حيث وضعن في قاعة "جالاكسي"، وتم استجوابهن أكثر حول مستواهن التعليمي، وبعد ذلك بأسبوعين تم نقل الأختين مرتين أخريين، كل مرة في مجموعات أصغر، حيث كانت توزع النساء على قيادات التنظيم بعد أن يقوموا بمعاينة واختيار السلعة، حتى انتهى بهن المطاف مع 100 فتاة يزيدية في بلدة البعاج في الموصل في بيت لأحد قيادات التنظيم البارزين، حيث تقول الفتاة "ب": "هناك أتى قواد داعش لمعاينتنا مرة أخرى، وكنا نوقف في صف، بينما يقومون بالمعاينة وكنت أرى الدنانير تدفع".
الفتاة "ب" كانت تعرف من اشتراها واسمه أبو غفرام، وهو قيادي في التنظيم في الأربعينيات من عمره، وهو من السكان السنة المحليين، عرف عنه ارتكابه للجرائم قبل الحرب. كان قبل انضمامه للتنظيم يركب الأسنان الذهبية لزبائنه، وبينهم أخت الفتاة "ب" الكبرى.
وتم نقل الفتاة "ب" وأختها، وفتاة يزيدية أخرى عمرها 14 عاما، إلى بيت أبي غفرام في قرية رمبوسي، وفرض عليهن خدمة القائد في التنظيم واثنين من نقبائه، حيث تراوحت الحياة بالنسبة لهن بين العمل المنزلي والعنف الممارس عليهن.
وقالت الفتاة "ب"، التي أكرهت هي والفتيات اليزيديات على اعتناق الإسلام، إنه كان أحيانا يناديها باسمها ويعاملها معاملة معقولة "وكان أحيانا يشتم ديننا اليزيدي ويلعننا. وإن كان أبو غفرام غاضبا كان يصفعني ويركلني، وفي مرة وضع يده حول عنقي وحاول خنقي".
وبينما كانت الفتاة "ب" تروي قصتها، وصلت إلى مرحلة شخصت عيناها، وكان يبدو أنها ستدخل في نوبة، ثم همست للعاملة الصحية المتواجدة في الغرفة أنها لا تريد قول المزيد عما تعرضت له من اعتداءات.
وقالت عاملة الصحة بعد ذلك إن البنات الثلاث كلهن تعرضن للاغتصاب المتكرر من مقاتلي التنظيم على مدى فترة طويلة.
وتذكر الملفات التي يقوم بإعدادها ناشطون محليون بأن بنات يزيديات في عمر 12 عاما تم استعبادهن جنسيا من قبل رجال التنظيم الذي ظل ينكر اعتداءاته، ولكنه بررها ضد اليزيديين كونها "أقلية كافرة"، حيث قال في عدد تشرين الأول/ أكتوبر من مجلته دابق: "استرقاق عائلات الكفار وأخذ نسائهم سبايا هو أمر ثابت في الشريعة"، وأضاف كاتب ذلك المقال بأن استخدام السبايا يمنع الرجال غير المتزوجين من ارتكاب الزنا.
وهناك تضارب في أعداد اليزيديين المفقودين، فبينما تقول الحكومة الكردية المحلية أن هناك 3583 رجلا وامرأة وطفلاً يزيدياً لا يعلم عن حالهم شيء، يقول الناشطون اليزيديون إنه بالإضافة لـ 3500 من النساء والأطفال اليزيديين المفقودين، والذي يظن أنهم في عداد المستعبدين، هناك 2000 رجل يزيدي يخشى أن يكون التنظيم قتلهم، وهناك اتفاق على عدد اليزيديين الدين هربوا وهم 430.
وتقول ناشطة تساعد الهاربين: "لدينا نساء تم اغتصابهن وبعضهن حوامل .. ونساء تم اغتصابهن مرات كثيرة من قبل عدد من مقاتلي التنظيم، وكانت الأسعار التي بيعت بها النساء ما بين 25 دولار إلى 1000 دولار".