وصل رئيس جهاز المخابرات المصرية
اللواء حسن رشاد إلى بيروت في زيارة رسمية التقى خلالها الرؤساء الثلاثة، ضمن جولة إقليمية تهدف إلى المساهمة في تهدئة الأوضاع اللبنانية، وتأتي الزيارة بعد تحركات مكثفة للسفير المصري في بيروت علاء موسى الذي التقى كبار المسؤولين اللبنانيين، الذي قال إن القاهرة تسعى لمنع توسّع رقعة الصراع.
وبحسب مصادر مطلعة، فإنّ اللواء رشاد لا يحمل خطة جاهزة، بل جاء ليستمع إلى مختلف وجهات النظر تمهيدًا لرفعها إلى الحكومة المصرية، على أن تبني القاهرة على نتائج هذه اللقاءات لإطلاق وساطة محتملة، شبيهة بتلك التي شاركت فيها إلى جانب قطر بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، وأفضت إلى وقف الحرب في غزة.
اظهار أخبار متعلقة
تشهد الساحة اللبنانية حراكًا دبلوماسيًا وأمنيًا متسارعًا مع تصاعد التوتر في الجنوب على وقع الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة، حيث وصلت إلى بيروت وفودٌ رفيعة المستوى من القاهرة وواشنطن في محاولة لاحتواء الأزمة ومنع انزلاق البلاد نحو مواجهة مفتوحة، وسط تهديدات تطلقها دولة الاحتلال بشأن احتمال العودة إلى الحرب.
وبالتوازي مع التحرك المصري، وصلت إلى بيروت الموفدة الأمريكية مورغان أورتاغوس عقب جولة ميدانية قامت بها مع وزير الأمن الإسرائيلي يوآف كاتس على الحدود اللبنانية، وقد بدأت لقاءاتها في بيروت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، بمشاركة القائم بأعمال السفارة الأمريكية كيث هانيغان، حيث جرى عرض التطورات الميدانية والخروقات الإسرائيلية المتكررة، إضافة إلى عمل اللجنة الفنية الخماسية لمراقبة وقف النار المعروفة بـ"الميكانيزم".
فيما دعا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى ضرورة تفعيل عمل اللجنة ولا سيما في ما يتعلق بوقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة وتطبيق القرار 1701، مؤكدًا خلال لقاءه مع أورتاغوس أهمية تمكين المواطنين الجنوبيين من العودة إلى منازلهم قبل حلول فصل الشتاء، وهو ما شدد عليه أيضا رئيس الحكومة نواف سلام بشأن وجوب تنفيذ إعلان وقف الأعمال العدائية الصادر في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلّة.
لكن خلف البيانات الدبلوماسية، كشفت مصادر صحفية أن أورتاغوس نقلت رفضًا إسرائيليًا لآلية سحب
سلاح حزب الله، مشيرة إلى أن الجانب الإسرائيلي يعتبر أن الدولة اللبنانية لم تُحرز تقدمًا في هذا الملف، وأن الحزب استعاد بناء قدراته العسكرية، ما قد يدفع إسرائيل إلى التصعيد.
وفي سياق الحراك الدبلوماسي، استقبل رئيس الجمهورية، العماد جوزاف عون، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وبُحث خلال اللقاء في الأوضاع العامة في المنطقة وموقف لبنان من التطورات الجارية، فيما استبعد أبو الغيط "عودة الحرب إلى لبنان في ظل الحوار القائم مع الولايات المتحدة، التي تمارس ضغوطًا على إسرائيل للتخلي عن النقاط الخمس وعدم التوغل داخل الأراضي اللبنانية".
في موازاة التحركات المصرية والأمريكية، دخلت الممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة جينين هينيس-بلاسخارت على خط الاتصالات، حيث بدأت زيارة إلى دولة الاحتلال، للحصول على موقف واضح من قيادتها بشأن المرحلة المقبلة في إطار مشاوراتها مع الجهات المعنية بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، ونقلت هيئة "البث الرسمية" العبرية عن مصدر غربي أن الأجواء في لبنان "مشحونة جدًا" واحتمال اندلاع مواجهة مع إسرائيل "مرتفع ولا يمكن منعه كليًا".
في هذا السياق، قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إنّ التقديرات الإسرائيلية تشير إلى نقل إيران أسلحة إلى حزب الله عبر العراق وسوريا، وأنّ الحزب يمتلك قرابة عشرة آلاف صاروخ، بدورها، كشفت قناة "كان" العبرية أن "حزب الله تمكّن خلال الأشهر الأخيرة من تهريب مئات الصواريخ قصيرة المدى من سوريا إلى لبنان"، مشيرةً إلى أن "الجيش الإسرائيلي لم يتمكن سوى من إحباط عدد محدود من هذه الشحنات". وأضافت القناة أن "هذه المعلومات قُدّمت إلى مسؤولين أميركيين كبار زاروا إسرائيل في الأيام الأخيرة".
اظهار أخبار متعلقة
وفي وقت سابق، كشف موقع "
ذا كرايدل" عن رسالة تلقّتها جهات واسعة الاطّلاع في بيروت من الموفد الأمريكي توم براك، جاء فيها أنّ: "هذه ستكون زيارتي الأخيرة إلى لبنان، سأبلغ رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، أن أمامهم فرصة أخيرة وهي، إمّا أن يتعلّموا الدرس ويقرّروا الدخول في مفاوضات مباشرة مع (إسرائيل) برعاية الولايات المتحدة، لوضع جدولٍ زمني وآليةٍ لنزع سلاح حزب الله، وإمّا سيُترك لبنان لمصيره، وسيبقى كذلك طويلاً، ولن يكون هناك من يهتمّ لأمره، لا في أمريكا ولا في المنطقة، ولن يكون أحد قادراً على الضغط على إسرائيل لمنعها من القيام بكلّ ما تراه مناسباً لتتولّى نزع السلاح بالقوة".
وتُظهر مجمل التحركات الإقليمية والدولية أن لبنان بات مجددًا في صلب التجاذبات، بين ضغوط متصاعدة تمارسها دولة الاحتلال ومساعٍ مصرية وأممية وأميركية للحول دون انفجار الوضع، غير أن تعدد الوسطاء لا يعني بالضرورة وجود حلول جاهزة، بل يعكس إدراكًا متزايداً بأن الجنوب اللبناني بات يشكّل خط التماس الأخطر في الحسابات الإسرائيلية.