هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد مرور عامين ونصف على انتشار كورونا، عادت الإصابات بالفيروس إلى الارتفاع في مناطق مختلفة من العالم لا سيما في أنحاء آسيا.
وتفرض الزيادة الحالية في عدد الإصابات، ومعظمها يعود لانتشار المتغيرين الفرعيين "بي.إيه.4" و"بي.إيه.5" من المتحور أوميكرون، تحديا إضافيا للسلطات التي لا تزال تحاول معالجة التداعيات الاقتصادية للموجات السابقة للجائحة مع سعيها إلى تجنب تمديد أو إعادة فرض القيود التي لا تحظى بشعبية كبيرة بين الناس.
وأعلنت حكومة نيوزيلندا الخميس، عن توزيع كمامات مجانية وإجراء فحوص سريعة في محاولة لتخفيف الضغط على النظام الصحي في البلاد والذي يتصدى في الوقت الحالي لموجة إصابات من كوفيد والإنفلونزا خلال شتاء نصف الكرة الجنوبي.
وسجلت نيوزيلندا، التي يبلغ عدد سكانها 5.1 ملايين نسمة، ما يقرب من 69 ألف إصابة حالية بالفيروس. ومن بين هؤلاء، هناك 765 مريضا يتلقون العلاج في المستشفيات، مما تسبب في زيادة أوقات الانتظار وإلغاء عمليات جراحية.
اقرأ أيضا: الصحة العالمية: خطر فيروس كورونا لا يزال قائما
وفي اليابان، ارتفعت حالات الإصابة الجديدة إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ أوائل هذا العام. ودعت الحكومة المواطنين إلى توخي الحذر بشكل خاص قبل عطلة نهاية الأسبوع الطويلة القادمة والعطلات المدرسية الصيفية القريبة.
أما كوريا الجنوبية، التي سبق الإشادة بها مثل نيوزيلندا لتعاملها الناجح مع الجائحة في مراحلها الأولى، فقد شهدت تضاعف الحالات اليومية ثلاث مرات في غضون أسبوع واحد لتصل إلى أكثر من 39 ألفا.
ويتوقع المسؤولون والخبراء أن تصل الحالات اليومية الجديدة في كوريا الجنوبية إلى 200 ألف بين منتصف أب/ أغسطس ونهاية أيلول/ سبتمبر، ما دفع السلطات إلى توسيع نطاق عملية توزيع الجرعات المعززة لكن دون التخطيط لفرض قيود جديدة.
كما حذرت أستراليا من أنها قد تتعرض لأسوأ تفش لكوفيد-19 خلال الأسابيع القليلة المقبلة بسبب انتشار المتغيرين الفرعيين "بي.إيه.4" و"بي.إيه.5". وقالت السلطات إنها تتوقع تسجيل "الملايين" من الإصابات الجديدة، لكنها استبعدت فرض أي قيود صارمة لاحتواء الانتشار.
كما يسجل بر الصين الرئيسي أكثر من 300 إصابة منقولة محليا في اليوم في تموز/ يوليو، ارتفاعا من حوالي 70 يوميا في حزيران/ يونيو، حيث تساعد سياسة بكين الصارمة والمعروفة باسم "صفر كوفيد" في إبقاء المرض تحت السيطرة وتمنع اكتظاظ المستشفيات.
جدول زمني لما يحدث لأجسامنا بعد الإصابة بكوفيد 19
وأعدت "بي بي سي" البريطانية تقريرا يشير إلى الجدول الزمني لأعراض كورونا، وهو تقدير متوسط يعتمد على المعلومات المنشورة في الدراسات العلمية التي استعرضتها وكالات الصحة الدولية. وقد يختلف هذا الجدول الزمني في حالات محددة.
اليوم 0: العدوى
تبدأ العدوى بعد التواصل مع شخص مصاب بالفعل بفيروس كورونا.
وعندما يتحدث الشخص أو يغني أو يسعل أو يعطس، يتم إطلاق رذاذ من اللعاب يحمل جزيئات فيروس كورونا. وكمية الفيروس تختلف اختلافا كبيرا من شخص لآخر.
يقول عالم الفيروسات، خوسيه إدواردو ليفي، الخبير الباحث في معهد الطب الاستوائي بجامعة ساو باولو: "لدى بعض الأفراد حمولة أقل أي حوالي 10 آلاف نسخة فيروسية لكل مليلتر من اللعاب.. لكن متوسط الحمولة يتراوح من 10 آلاف إلى مليون جسيم، وقد رأينا أشخاصا يحملون ما يصل إلى مليار نسخة فيروسية لكل مليلتر".
يمكن إطلاق هذه القطرات الصغيرة المصابة مباشرة على وجهنا، أو بقاؤها معلقة "تتجول" في الهواء لدقائق أو حتى ساعات.
هذه الديناميكية تذكرنا بدخان السجائر في الغرفة، واعتمادا على دوران الهواء في كل مكان، قد يستنشق الناس هذا الرذاذ أثناء التنفس.
هذا هو الوقت الذي تبدأ فيه عملية العدوى ويستخدم الفيروس النتوءات البروتينية التي تغطي سطحه الخارجي، للاتصال بمستقبلات الخلايا في الأغشية المخاطية للأنف والفم والعينين.
اقرأ أيضا: توصية بإعطاء جرعة رابعة ضد كورونا لمن تزيد أعمارهم عن الـ60
ويبدأ الفيروس من تلك اللحظة بغزو الخلية ويستخدم آليتها البيولوجية لتكوين نسخ جديدة منه بشكل متكرر.
ويقدر ليفي أن "عملية النسخ هذه تنتج ما بين مئة إلى ألف فيروس جديد في خلية واحدة.. هذا الرقم مرتفع للغاية بحيث لا تستطيع الخلية التعامل معه.. وبعد انفجار الخلية وموتها، يتم إطلاق هذه الفيروسات التي تكرر نفس العملية في الخلايا المجاورة".
يرتبط هذا التكرار الهائل أيضا بظهور متحورات جديدة.
ليست كل النسخ متطابقة، ويمكن أن يكون لبعضها طفرات جينية كبيرة. وإذا كان هذا التغيير في الجينوم يصب في مصلحة الفيروس، فإنه يفتح الباب أمام سلالات جديدة مثيرة للقلق - مثل متحورات ألفا وبيتا وغاما ودلتا وأوميكرون المعروفة.
الأيام 1 و2 و3: الحضانة
بعد أن تمكن فيروس كورونا من غزو الخلايا الأولى في الجسم، فإن الخطوة التالية هي توسيع مجال عمله.
مع إطلاق كل خلية تم غزوها آلاف النسخ، ينتشر الفيروس بصورة أوسع في الكائن الحي. تُعرف فترة التطور الصامت هذه، والتي لا يمكن اكتشاف وجود الفيروس خلالها، باسم الحضانة.
يقول عالم الفيروسات أندرسون إف. بريتو، الباحث العلمي في معهد تودوس بيلا ساودي Todos pela Saúde في البرازيل: "لقد لاحظنا أن وقت حضانة المتغيرات الجديدة قد تقلص".
ووفقا لتقرير وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، فإن فترة حضانة متحور ألفا كانت تستمر في المتوسط، من خمسة إلى ستة أيام، أما في الطفرة المتحورة دلتا، فقد انخفضت الحضانة إلى أربعة أيام.
وبالنسبة لمتحور أوميكرون تقلصت فترة الحضانة إلى ثلاثة أيام.
بعبارة أخرى: في حين أن الأعراض النموذجية لكوفيد 19 كانت تستغرق ما يقرب من أسبوع للظهور، فقد تحدث الآن بين عشية وضحاها. لكن قد يختلف وقت الحضانة: في بعض الحالات، تظهر الأعراض لأول مرة بعد 14 يوما من التعرض الأولي للفيروس.
الأيام من 4 إلى 14: ظهور الأعراض وتطورها
مع تقدم الفيروس عبر الممرات الهوائية العلوية (الأنف والفم والحلق)، فإنه في نهاية المطاف يلفت انتباه جهاز المناعة لدينا، والذي يبدأ حينها بشن هجوم مضاد.
يشمل خط الدفاع الأول خلايا مثل العدلات (هي نوع من خلايا الدم البيضاء)، ووحيدات الخلية، وما يسمى بـ "القاتلات الطبيعية"، كما هو مفصل في مقال نُشر عام 2021 من قبل باحثين في مستشفى جامعة تشجيانغ في الصين.
بمرور الوقت، تلعب وحدات المناعة الأخرى دورا، مثل الخلايا اللمفاوية التائية، التي تنسق استجابة أكثر تنظيما للغزو الفيروسي، والخلايا الليمفاوية البائية، التي تطلق الأجسام المضادة.
تظهر أعراض كوفيد 19 لدى بعض الأشخاص نتيجة رد الفعل المناعي هذا: فسيلان الأنف والسعال والحمى والتهاب الحلق هي محاولات متزامنة للقضاء على الفيروس من قبل الجسم، الذي يعتمد على تأثير العديد من الخلايا التي تعمل بلا انقطاع.
لكن إلى متى تستمر هذه الأعراض؟ تقول الأستاذة نانسي بيلي، أخصائية الأمراض المعدية وعالمة الفيروسات في جامعة ساو باولو: "يعتمد الأمر بشكل كبير على مناعة كل شخص، ويتفاوت الأمر بين شخص وآخر. هناك أشخاص يعانون من أعراض قليلة، ويتعافون بالفعل بعد أربعة أو خمسة أيام، بينما يستغرق الأمر وقتا أطول لدى آخرين".
اقرأ أيضا: قبرص تعيد فرض الكمامات.. وإصابات بكورونا في الصين بلا وفيات
وتقول بيلي، وهي أيضا عضو في الجمعية البرازيلية للأمراض المعدية (SBI)، "بشكل عام تميل أسوأ الأعراض، مثل التهاب الحلق والحمى، إلى الاستمرار لحوالي ثلاثة أيام".
وتضيف: "بعد هذه الفترة، يمكن أن تستمر الآثار الخفيفة، مثل سيلان الأنف والسعال، لمدة سبعة إلى عشرة أيام".
في هذه المرحلة من المهم البقاء في عزلة وتقييد التواصل مع الآخرين قدر الإمكان. وإذا كنت بحاجة إلى الخروج أو التفاعل مع الآخرين، فإن الكمامة الجيدة تجنبك نشر الفيروس.
من منظور الحفاظ على صحة الجماعة، فإن البقاء في عزلة أمر ضروري لقطع سلسلة انتقال الفيروس في المجتمع، والسيطرة على ارتفاع الحالات.
الراحة والاستمرار في تناول السوائل أمران ضروريان لضمان الشفاء وإعطاء الجسم الوقت الكافي للتعافي، كما يمكن لأدوية تسكين الآلام وخافضات الحرارة أن تكون عاملا مساعدا أيضا.
تقول بيلي: "إذا شعرت بضيق في التنفس بعد 72 ساعة من ظهور الأعراض، أو استمرت الحمى، فمن المستحسن أن تقصد المستشفى، وتسعى للحصول على رعاية طبية".
وهذا الأمر يعد أكثر أهمية بالنسبة لكبار السن، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، أو أولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
اليوم الخامس عشر وما بعده: نهاية (أو ظهور أعراض كوفيد طويل الأمد)
بعد حوالي أسبوعين من أول تعرض للفيروس، عادة ما "ينتصر الجهاز المناعي" في المعركة ويوقف عملية تكاثر الخلايا وتدميرها.
وقد ساعدت اللقاحات على تحقيق هذا الانتصار، حيث أن الجرعات تسمح لدفاعات الجسم "بالتدريب" بأمان على محاربة العامل الممرض حتى قبل التعرض له.
لكن من المؤسف أنه في بعض الحالات يتمكن الفيروس من الوصول إلى الأعضاء الحيوية (مثل الرئتين)، مما يؤدي إلى حالات التهابية خطيرة. وتتطلب هذه المواقف عادة رعاية طارئة، وتمثل خطرا كبيرا لكونها قد تؤدي إلى حدوث الوفاة.
حتى بالنسبة للمرضى الذين تعافوا، هناك خطر الإصابة بفيروس كورونا طويل الأمد حيث تستمر الأعراض لعدة أشهر (أو حتى سنوات).
وعلى الرغم من أن كوفيد طويل الأمد ما زال يلفه الكثير من الغموض، إلا أن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) تقدر أن ما يصل إلى 13.3 في المئة من المصابين بفيروس كورونا يعانون من أعراض طويلة الأمد لمدة شهر أو أكثر. وحوالي 2.5 في المئة أبلغوا عن أعراض استمرت لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.
ووفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن أكثر من 30 في المئة من مرضى كوفيد الذين احتاجوا للذهاب إلى المستشفى يعانون من مشاكل صحية بعد ستة أشهر من الإصابة، تتراوح بين التعب ومشاكل التنفس إلى القلق وآلام المفاصل.
وتقول المراكز إنها تعمل على دراسة المزيد من الحالات لمعرفة وفهم مشاكل ما بعد الإصابة بالفيروس وأسباب حدوثها، بما في ذلك سبب تأثر بعض المجموعات بشكل أكبر من غيرها.