هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "الغارديان" إن السلطات
الجديدة التي اقترحتها الحكومة لتجريد الناس من جنسيتهم، دون سابق إنذار، دقت نواقيس
الإنذار في المجتمعات في جميع أنحاء بريطانيا.
وقالت البارونة سيدة وارسي، في مقال ترجمته
"عربي21"، إنه و"بالرغم من كوني أول امرأة مسلمة في تاريخ بلادنا
تدخل مجلس الوزراء، فقد يتم تجريدنا أنا وعائلتي من جنسيتنا، دون إخبارنا بذلك،
وطردنا من بلدنا، إذ اعتقدت وزارة الداخلية أن هذا سيخدم الصالح العام. وقد يكون
اثنان من كل خمسة أشخاص من خلفيات أقليات عرقية معرضين للخطر".
وقالت إن الحكومات البريطانية المتعاقبة حطمت
الاعتقاد الأساسي بأن جميع المواطنين البريطانيين في هذا البلد متساوون، وينبغي أن
يكونوا متساوين. أصبحت عواقب الاستخدام الواسع غير المسبوق لهذه الحكومة لسلطات
تجريد الجنسية أكثر وضوحا بالنسبة لي، بعد أن سمعت مباشرة من عائلات المواطنين
البريطانيين المحتجزين في شمال شرق سوريا.
في الأسبوع الماضي، نشرت المجموعة البرلمانية
المكونة من جميع الأحزاب (APPG)، والمعنية
بتهريب البريطانيين إلى سوريا، والتي أنا نائب رئيسها، نتائج تحقيقها في استمالة
البريطانيين والاتجار بهم من قبل تنظيم الدولة، وما وجدناه كان مدمرا. لم تفشل
سلطات المملكة المتحدة فقط في حماية النساء والفتيات المستضعفات من الاتجار من قبل
داعش، لكن الحكومة عاقبت بشكل أساسي بعض هؤلاء النساء على الجرائم التي ارتكبها
المتاجرون بهن؛ من خلال تجريدهن من جنسيتهن.
وأضافت: "على حد علمنا، لم تبذل الحكومة
أي محاولة لتقييم كيفية وصول النساء إلى سوريا. لقد أرسلت ببساطة خطابا (أو أودعت
خطابا في درج وزارة الداخلية) يفيد بأنهم سافروا إلى الأراضي التي يسيطر عليها
تنظيم الدولة بمحض إرادتهم، ونتيجة لذلك فقدوا حقهم في الجنسية البريطانية".
وقالت وارسي: "سمعنا أفراد عائلاتهم يصفون
الانتهاكات المروعة والاستعباد الذي تعرض له أقاربهم تحت حكم داعش، ومشاعرهم بأن
السلطات التي كانوا يتطلعون إليها للحصول على الدعم تخلت عنهم وخانتهم".
وتم استجواب العديد، وعوملوا معاملة المجرمين، بعد أن أبلغوا عن فقدان أحبائهم. داهمت الشرطة إحدى العائلات بعد أن ذهبت إليها
طلبا للمساعدة. وتوقفت السلطات عن الرد على مكالماتهم. وفي أصعب وقت في حياتهم، لم
يكن لديهم مكان يلجؤون إليه.
وعلى الرغم من تمكن النساء البريطانيات من
الفرار من أراضي التنظيم، إلا أن الحكومة تخلت عنهن وأطفالهن في معسكرات الاعتقال في
شمال شرق سوريا، حيث تتعرض حياتهم للخطر. في أحد معسكرات الاعتقال العام الماضي، توفي ما لا يقل عن 163 شخصا، من بينهم 62 طفلا. وبدلا من إعادة هذه العائلات -كما فعل العديد
من حلفائنا الأوروبيين والولايات المتحدة مع رعاياهم- قامت الحكومة بغسل أيديها
منهم، بالقول من جانب واحد إن هؤلاء النساء، اللواتي ولدن ونشأن في بريطانيا، لم
يعدن بريطانيات.
بالإضافة إلى العواقب التي تهدد الحياة بالنسبة
لهؤلاء النساء والأطفال، والضرر النفسي الشديد لعائلاتهم، تعمل سياسات التجريد من
الجنسية التمييزية هذه على تآكل شعور العديد من الناس بالانتماء داخل المملكة
المتحدة، خاصة في المجتمع المسلم.
وقالت إن هذا الشعور بـ"بيئة معادية"
جديدة سيتفاقم فقط من خلال البند 9 من قانون الجنسية والحدود، والذي سيضيف سلطة
حرمان ملايين البريطانيين من الجنسية دون سابق إنذار.
وأضافت: "عندما قاتل أجدادي في صفوف الجيش
الهندي البريطاني، فعلوا ذلك كمواطنين بريطانيين. عندما لبى جيل ويندراش الدعوة
لإعادة بناء بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، فعلوا ذلك كمواطنين. عندما تولى
سكان جنوب آسيا وظائف شاقة في المصانع والمسابك في يوركشاير، كما فعلت عائلتي،
فعلوا ذلك كمواطنين، كأعضاء متساوين في مجتمعنا، في استمرار لعلاقة كانت قد بدأت
قبل عقود".
وقد تبدو سلطات تجريد الجنسية مجردة، لكن
استخدام الحكومة غير المسبوق لتلك السلطات له بالفعل تأثير رهيب على العائلات البريطانية،
بما في ذلك الأطفال وضحايا الاتجار، كما يوضح تقرير لجنة جميع الأحزاب البرلمانية،
إن التخلي عنهم هو وصمة عار على ضمير أمتنا، ويجب أن يكون بمثابة تحذير بشأن
العواقب المحتملة لمزيد من التوسع في هذه السلطة التنفيذية الواسعة غير الخاضعة
للمساءلة.