هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال المستشار الأول بمنظمة "هيومان رايتس فيرست" الأمريكية، براين دولي، إن تقرير منظمتهم الأخير الذي تحدث عن كيفية انتشار التطرف بين السجناء المصريين داخل محبسهم خلص إلى أن "تنظيم داعش تمكّن في العديد من السجون ومراكز الاحتجاز المصرية من تجنيد المساجين وضمّهم لحركته، ويحدث ذلك عادة بعد تعذيبهم والاعتداء عليهم من قِبل موظّفي السجون".
وأضاف، في مقابلة مصورة مع "ضيف عربي21": "حينما يتعرّض السجناء للتعذيب يتقرّب منهم أحد أفراد تنظيم داعش ليعرض عليهم طرقا للانتقام من أولئك الناس، أي مسؤولي الدولة الذين عذّبوهم، وليعرض عليهم أيضا ظروف معيشة وامتيازات أفضل".
وكانت منظمة "هيومان رايتس فيرست" ومقرها في الولايات المتحدة، قد نوّهت، في تقرير نُشِر يوم الخميس 15 تموز/ يوليو الجاري، إلى أن السلطات المصرية لا تردع تجنيد عناصر "داعش" لأفراد جُدد، من خلال استغلال آلام السجناء وتظلماتهم من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، محذَّرة من أن ممارسات التعذيب والانتهاكات داخل السجون تساعد في تغذية تجنيد السجناء بصفوف "داعش".
وتابع "دولي"، وهو مؤلف التقرير: "تمكّنت بعض مجموعات تنظيم داعش في بعض السجون من امتلاك النفوذ داخل نظام السجن المصري، ما يمكّنهم من الحصول على معاملة أفضل على غرار زيارات أطول، وطعام أفضل، وإمكانية استعمال الهاتف، والحصول على الأدوية، وهي امتيازات لا يحظى بها باقي المساجين".
وأشار إلى أنهم تحدّثوا إلى "المساجين الذين أُطلق سراحهم من العديد من السجون المصرية منذ عام 2019 وحتى الآن، لأننا سبق وأن أعددنا تقريرا عن هذه القضية خلال الفترة من عام 2015 إلى عام 2019، في حين يكشف تقريرنا الجديد أن الوضع ما زال متواصلا، وأن تنظيم داعش ما زال يجنّد أعضاء جددا للانضمام لحركتهم من خلال نظام السجون المصري".
"مسؤولية الانضمام لداعش"
أما بخصوص المسؤول عن هذا الأمر، فقال: "تقع مسؤولية ما يحدث على عاتق تنظيم داعش بالطبع، لكنه حظي بمساعدة الحكومة المصرية سواء عن قصد أو عن غير قصد. لقد أشار بعض السجناء إلى أن الحكومة لا تسمح بهذه المعاملة فحسب، وإنما تشجّعها، لأنها تبحث عن كبش فداء، وبغض النظر عن الدوافع، فلا يزال هذا الوضع مستمرا ولا تحاول السلطات المصرية ردعه".
ولفت المستشار الأول بمنظمة "هيومان رايتس فيرست" إلى أن "الحديث عن وجود أو تنامي التطرف داخل السجون لا يعدّ أخبارا جديدة؛ فقد تحدثنا عن هذا الموضوع لعدة سنوات، كما فعل آخرون غيرنا، ولا شك أن السلطات المصرية على اطلاع تام بما يحدث داخل نظام السجون الخاص بهم، لكنهم لا يمنعون حدوثه".
وأردف: "في الواقع، هم (النظام المصري) يساهمون في حدوثه، بغضّ النظر عن ما إذا كان ذلك بمثابة نهج سياسي، من خلال التعدي على السجناء وتعذيبهم؛ فهناك قمع شديد، وهو ما يعدّ أمرا روتينيا للغاية، بل يُعتبر حتّى نمطا شائعا مسلّطا على الأشخاص الذين تم القبض عليهم، سواء كانوا سياسيين أم لا".
"شهادات عن التعذيب بالسجون"
واستطرد قائلا: "نحن نسمع قصصا من روايات شهود عيان لأشخاص سُجنوا وتعرّضوا للتعذيب، منهم المسجونون بجرائم جنائية صغيرة غير سياسية على الإطلاق.
في المقابل، سرعان ما يتمّ تسييسُهم وتحويلهم إلى متطرفين، أحيانا بسرعة كبيرة جدا بعد مرورهم بتجارب مروعة وفظيعة على أيدي المعذبين في السجون. وعلى هذا النحو، تساهم السلطات المصرية بشكل فعال في هذا الأمر".
ولفت إلى أن "هناك شيئا من المسؤولية يقع على كاهل الحكومات الأخرى التي مكّنت الحكومة المصرية، على غرار الولايات المتحدة؛ حيث تملك واشنطن برنامجا ضخما لمكافحة الإرهاب وكثيرا ما تتحدث عن هدفها للتصدي للإرهاب. ومع ذلك، تُمكّن أمريكا الحكومة المصرية وتدعمها وتسلّحها، رغم أنها تعلم أنها تساعد من خلال أفعالها، على نشر التطرف في السجون بغض النظر عن كونه غير أخلاقي، إلا أنه غير منطقي تماما، ولا تعدّ هذه هي الطريقة لمحاربة الإرهاب".
وقال المستشار الأول في منظمة "هيومان رايتس فيرست": "وبالتالي يؤدي ما تفعله الولايات المتحدة بلا شك إلى تأجيج الإرهاب (في مصر)".
"ظاهرة التطرف داخل السجون"
وبخصوص طرف مكافحة ما يصفه بظاهرة التطرف داخل السجون المصرية، أضاف: "يُعتبر السبيل لوضع حد للمشكلة واضحا ومباشرا إلى حد ما لا أعلم ما إذا كان بإمكانك القضاء على ما يحدث ومنع وقوعه بين عشية وضحاها، لكنه سيتوقف بسرعة كبيرة إذا صدرت أوامر من القاهرة بوقف التعدي على السجناء وتعذيبهم، ومعاقبة أي مسؤول أمني يستمر في فعل ذلك".
وشدّد على أن "وقف التعذيب سيكون خطوة كبيرة نحو وقف التجنيد لتنظيم داعش، نظرا لأن فصائل تنظيم الدولة في السجون تنقضّ على الضعفاء. كما أن العديد من الأشخاص الأكثر ضعفا هم أولئك الذين تعرضوا للتعذيب للتو ويبحثون على الفور عن طريقة للأخذ بثأرهم والرد على مَن عذّبوهم".
واختتم "دولي" بقوله: "في نهاية المطاف، تتطلّب العديد من مشاكل حقوق الإنسان حلولا معقدة للغاية. أما هذه القضية، فليست بالأمر الصعب أبدا، وكل ما يلزم الأمر هو وقف التعذيب والانتهاكات والإذلال في المعتقلات؛ فبمجرد حدوث ذلك، سيتم التخلص من دافع رئيسي للأشخاص الذين يرغبون في الانضمام إلى تنظيم الدولة، ولا بد أن تكون النتيجة جيدة".